قال باحثون ينتمون إلى أكثر من دولة إن مجرد تجريب المراهقين الحشيش أو البانجو يمكن أن يخلف آثاراً على المخ لديهم.

وحسب مجموعة من الباحثين برئاسة هوج جارافان من جامعة فيرمونت الأميركية، في دراستهم التي نشرت في العدد الأخير من مجلة "جورنال أوف نيوروساينس" لأبحاث الأعصاب، فإن "مجرد تدخين لفافة أو لفافتين من الحشيش أو البانجو، " الماريجوانا "، يمكن أن يغير حجم المادة الرمادية داخل مخ الناشئة".

وقام الباحثون بتحليل مسح لمخ 46 شاباً ناشئاً قالوا إنهم دخنوا القنب مرة أو مرتين، ولكنهم تجنبوا المخدرات فيما بعد.

وتبين للباحثين أن حجم ما يعرف بالمادة الرمادية في منطقة المخ المختصة بالمستقبلات التي تستجيب للقنب كان في المتوسط أكبر منه لدى نظرائهم الذين لم يجربوا هذا المخدر.

وظهر أكبر اختلاف في منطقتين، منطقة اللوزة الدماغية، وهي التي تلعب دوراً في تكون الخوف وغيره من العواطف، ومنطقة الحصين، المهمة للذاكرة والتفكير المكاني.

كما أشار الباحثون إلى أنهم عثروا أيضاً داخل المخ الصغير وغيره من مناطق المخ الأخرى على المزيد من المادة الرمادية لدى مجربي الحشيش والبانجو "وكان الاعتقاد حتى الآن أن التغيرات البنيوية في المخ لا تحدث إلا عند التدخين المنتظم والمبكر جداً لهذين المخدرين" حسبما أوضح راينر توماسيوس من المركز الألماني لقضايا الإدمان لدى الأطفال والناشئة، والذي لم يشارك في الدراسة.

وذكر الباحثون العاملون تحت إشراف جارافان أن الحجم المتزايد للمادة الرمادية يمكن أن تكون له آثار سلبية على صغار السن، حيث تبين أن مستوى المهارة لدى متطوعين شاركوا في لعبة لتحديد قدرات الذكاء كان أقل لدى مجربي الحشيش والبانجو منه لدى الشباب الذين لم يجربوا هذين المخدرين.

ولم يدرس الباحثون سبب ارتفاع حجم المادة الرمادية لدى المتطوعين الذين شملتهم الدراسة، ولكنهم يرجحون أن ذلك ينتج عن اضطراب إحدى العمليات التي تتراجع خلالها بعض التقاطعات العصبية في المخ، حسبما أوضح جارافان.

وحسب التقرير السنوي للهيئة الألمانية لمراقبة المخدرات وإدمانها فإن 8.7% من إجمالي الناشئة في سن 12 إلى 17 عاماً في ألمانيا دخنوا البانجو مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

ولكن القوة الدلالية لهذه الدراسة الجديدة ضعيفة، وذلك لأن الباحثين لم يستطيعوا معرفة ما إذا كان من المحتمل أن يكون الشباب قد دخنوا كمية أكبر من الحشيش أو البانجو عما ذكروه للباحثين.

كما أن أصحاب الدراسة لم يحصلوا على عينات دم من الشباب المتطوعين لمعرفة الكمية الحقيقية التي تعاطوها، على سبيل المثال من مادة " تى إتش سى " THC، وهي مادة ذات تأثير نفسي موجودة في البانجو الذي يستخرج من القنب الهندي.

ومن الممكن أن تختلف نسبة مثل هذه المواد بشكل كبير في القنب، حيث خلصت دراسة نشرت أواخر ديسمبر الماضي، بشأن بيانات من الاتحاد الأوروبي والنرويج وتركيا إلى أن محتوى مادة " تى إتش سى " THC في القنب والحشيش تضاعف تقريباً في الفترة بين عام 2006 و2016.

من جانبها رأت إيفا هوخ، من مستشفى ميونخ الجامعي، أنه "من الضروري الإجابة بحذر بالغ على العلاقة السببية بين مجرد تعاطي جرعات ضئيلة للغاية من القنب والتأثيرات السلبية التي تم رصدها".

ولكن هوخ أكدت أن الدراسة تبرهن على ضرورة البدء مبكراً في التوعية بشأن تأثير المواد المغيرة للوعي مثل الكحول والتبغ والقنب، وأضافت: "إن احتمال أن يؤدى تعاطي كميات ضئيلة جدا من القنب في المراهقة المبكرة إلى إحداث تأثيرات سلبية على تطور المخ يعد رسالة مهمة".

ودعا الباحثون تحت إشراف جارافان لبحث آثار التعاطي السابق للقنب بشكل مستفيض وفي دراسات موسعة.