أمين الدوبلي (أبوظبي) - قدم “الفورمولا” واحداً من أقوى عروضه الآسيوية، في المرحلة الأخيرة، وحقق نتيجة رائعة أمام الاستقلال الإيراني، عندما هزمه على ملعبه 2-1 أمام 50 ألف متفرج لم يتوقفوا عن التشجيع طوال الـ 90 دقيقة في مباراتهما مساء أمس الأول، ضمن الجولة الثالثة لمنافسات المجموعة الأولى، وفضلاً عن تحقيق “العلامة الكاملة”، وهي النقاط التسع من المواجهات الثلاث الأولى في دوري أبطال آسيا بنسخته الحالية، كما أن الجزيرة حقق لنفسه إنجازاً غير مسبوق على مستوى أندية الإمارات، حينما انتزع النقاط الثلاث الكاملة من ملعب أحد الفرق الإيرانية، فلم يسبقه لهذا الإنجاز فريق آخر في الإمارات. ورغم النقص العددي الذي تعرض له الفريق قبل المباراة بغياب عناصر مؤثرة في مختلف الخطوط مثل لوكاس نيل وخالد سبيل في الدفاع، وخميس إسماعيل في الوسط، إلا أن البدلاء كانوا على مستوى الأساسيين نفسه، وقدموا عرضاً رائعاً مع بقية زملائهم، ليعزفوا سيمفونية النصر الرائعة على ملعب آزادي الشهير. السيطرة على منطقة المناورات خاض الجزيرة المباراة معتمداً على طريقته المعتادة 2-4-4، ورغم أنه أغلق المساحات في بداية المباراة، إلا أنه سيطر على منطقة المناورات في وسط الملعب، والجديد في أدوار اللاعبين خلال اللقاء أن ريكاردو أوليفييرا ودلجادو ودياكيه كان لهم أدوار دفاعية مهمة، نجحوا في القيام بها من خلال الضغط على المنافس في المناطق المتقدمة، واستثمار أخطائه في تشكيل الخطورة عليه في الوقت نفسه الذي خفف فيه العبء على الدفاع وحارس المرمى. وإذا بحثنا عن أسباب الفوز الجزراوي على الاستقلال، لا بد أن يكون الانضباط الدفاعي والتكتيكي على رأسها، حيث قام كل لاعب بدوره على أكمل وجه، وأدى الفريق المباراة بروح قتالية عالية وبشكل جماعي في المنظومتين الهجومية والدفاعية، وكانت الخطوط متواصلة خلال الـ 90 دقيقة، بدليل أن الهدف الأول حمل توقيع المدافع، جمعة عبدالله، وأن إحدى فرص الاستقلال الضائعة أنقذها ريكاردو أوليفييرا الذي كان يرتد للخلف للقيام بأدوار دفاعية مهمة مساندة لزملائه. ويتمثل السبب الثاني من أسباب الفوز الجزراوي على الفريق الإيراني، في تألق الحارس علي خصيف الذي ذاد عن مرماه في الشوط الأول ببسالة، وأنقذ فرصاً محققة كانت من الممكن أن تقلب سيناريو المباراة رأساً على عقب، خصوصاً عندما تصدى لانفرادين كاملين من اللاعب آرش بورهاني، وأنقذ الكرة عندما كانت النتيجة متعادلة سلبياً، كما أنه حافظ على ثباته الانفعالي وتماسكه وقيادته للفريق من الخلف حتى آخر لحظة ليكمل منظومة التألق في فريق الجزيرة. ويمكن السبب الثالث، في الإصرار الكبير والتصميم من اللاعبين في مرحلة الإعداد على قراءة المنافس بشكل جيد، ووضع الخطة المناسبة للتعامل معه على ملعبه بشكل اقتصادي لتحقيق الفوز أو التعادل، ودراسة عناصر القوة والضعف فيه لإبطالها، ووضع محاور اللعب الرئيسية تحت الرقابة، مع استثمار الضعف الدفاعي من الجهتين اليمنى واليسرى، وهو الدور الذي قام به البرازيلي كايو جونيور مع اللاعبين، حينما وضع فريق الاستقلال على مائدة البحث معهم، وتابعه في أكثر من مباراة بالفيديو وشرح الطرق المناسبة لإبطال خطورته واستغلال عناصر الضعف فيه، ورغم غياب المدير الفني كايو جونيور عن الملعب في إدارة اللقاء، إلا أنه كان متواصلاً طول الوقت مع لاعبيه عبر مساعديه، حيث كان في المدرجات ينفذ عقوبة الإيقاف أثناء قيادته الغرافة القطري. ويعود العامل الرابع إلى حالة الانسجام بين لاعبي الدفاع وخصوصاً الطرفين سالم مسعود وعبدالله موسى، وقلبي الدفاع سامي ربيع وجمعة عبدالله، حيث كان هناك توازن حركي، حينما يتقدم الطرفان، وبالتالي يميل قلبا الدفاع لتغطيتهما عند التقدم تلقائياً، كما أن الطرفين سالم مسعود وعبدالله موسى كانا يقومان بالتغطية على قلبي الدفاع، عندما يتقدمان للمشاركة في الكرات الرأسية لمساندة المهاجمين. تألق خصيف وإذا كنا قد اعتبرنا أن تألق علي خصيف كان من أهم أسباب فوز نادي الجزيرة، فلابد أن ندرك الدور الكبير الذي قام به جمعة عبدالله على المحورين الهجومي والدفاعي، فقد سجل هدف الجزيرة الأول في الدقيقة الخامسة من هوايته المفضلة ليربك حسابات المنافس على ملعبه ووسط جماهيره، ويضعه في موقف رد الفعل، ويوفر الحافز المعنوي المناسب للاعبيه طوال المباراة، هذا فضلاً عن دوره الدفاعي الكبير في التدخل بالأوقاف المناسبة لافساد هجمات صاحب الأرض، ومن الممكن أن نقول إن هدف الجزيرة الأول كان بمثابة الإعلان عن تفوق الفريق من البداية، وسعيه الدائم نحو الفوز بنقاط المباراة، ونقول أيضاً إن الروح القتالية العالية التي لعب بها الفريق بشكل عام كانت خط الدفاع الأول للاعبي “قلعة الفورمولا” الذي حال دون نجاح هجمات الاستقلال. ولا يمكن أن نغفل الدور الذي قام به اللاعب ريكاردو أوليفييرا في منطقتي الوسط والهجوم والسرعة الهائلة التي تميز بها أداؤه، والتي ساهمت في نقل الهجمات الجزراوي من الخلف للأمام في لمستين، أو ثلاث لمسات بما شكل الخطورة على مرمى الفريق المنافس، واستغل المساحات الواسعة خلف الدفاعات في الشوط الثاني تحديداً، وذلك بالتعاون مع باري الذي أرهق دفاع الاستقلال على مدار الـ 90 دقيقة، وكان بمثابة الصداع لهم جميعاً على مدار الشوطين، والطريقة التي أحرز به الهدف الثاني، هي نموذج لإنكار الذات من اللاعب ريكاردو أوليفييرا الذي راوغ حارس المرمى، وكانت لديه فرص في التسجيل، إلا أنه فضل زميله باري الذي كان في وضع أفضل، وفرص أكبر، فمرر إليه الكرة بشكل متقن حتى يضمن هز شباك الفريق المنافس بشكل لا يحتمل الشك. ومن ناحيته وجه كايو جونيور المدير الفني للجزيرة الشكر للاعبيه على الأداء المتميز في اللقاء، وأشاد بمستواهم جميعاً خلال المؤتمر الصحفي عقب المباراة، ونقل تهنئته إلى عشاق الجزيرة وشعب الإمارات بشكل عام، خاصة أن هذا الفوز يضع فريقه على خطوة واحدة من التأهل لدور الـ 16 بعد غياب طويل لكل أندية الإمارات. وقال: لم نكتف بالأداء الجيد، ولكننا حققنا نقاط المباراة الثلاث، وهذا هو الإنجاز الحقيقي، ويحسب للاعبين تمسكهم بالتركيز العالي، منذ بداية اللقاء وحتى الثانية الأخيرة من الوقت الضائع، كما أنه يحسب لهم العودة لتسجيل الهدف الثاني بعد التعادل الذي أحرزه الفريق الإيراني في الدقيقة 68 من عمر اللقاء، وفي اللحظة نفسها التي كان التفوق فيها كاسحاً للفريق المنافس، وكان الأقرب فيها لتسجيل الهدف الثاني. وأضاف: الكرة البرازيلية تعتمد على الهجوم بشكل دائم، وبعد أن تعادل الاستقلال الإيراني نتيجة استثماره لأحد الأخطاء ظهرت شخصية فريق الجزيرة القوية، ولم يتوقف عن الهجوم، ولم ترتبك حساباته، وواصل الأداء كما كان في البداية، وسعى للفوز بالنقاط الثلاث، وكان الأفضل على مدار الـ 90 دقيقة انضباطياً وتكتيكياً، وكذلك في المنظومتين الدفاعية والهجومية، وأقول إن مستوى الجزيرة يتحسن من مباراة لأخرى منذ أن توليت المسؤولية، وأننا نعالج في الأخطاء بشكل تدريجي، ونملك الطموح الكبير لتحقيق إنجازات محلية وآسيوية مشروعة، سواء في الكأس أو دوري الأبطال الآسيوي، ولدينا من الامكانيات ما يبرر لنا هذه الطموحات وأضاف: شاهدت 4 مباريات لفريق الاستقلال، وكونت فكرة كاملة عنه، وكنت أعلم أنه سيلعب من أجل الفوز، خصوصاً بعد أن حقق التعادل على ملعبه في المباراة الأخيرة أمام ناساف الأوزبكي، واعتمدنا على طريقة متوازنة تراعي البعدين الهجومي والدفاعي في آن واحد، وساعدتنا مهارات اللاعبين في الوسط، خصوصاً دياكيه وسبيت ودلجادو في السيطرة على منطقة المناورات، وفي التحول السريع من الدفاع للهجوم، والعكس، وعندما اكتشفنا أن مستوى اللياقة البدنية بدأ في التراجع عند دلجادو، نظراً للمجهود الشاق الذي قام به دفاعاً وهجوماً لمدة 70 دقيقة، قمنا باجراء التغيير لكي نحافظ على الدفاع من خلال الدفع بصالح بشير في مركز الظهير الأيسر، وتقديم عبدالله موسى إلى الوسط، وكان لهذا التغيير تأثيراته الإيجابية على المزيد من الإنضباط في المنظومة الدفاعية.