الانتخابات الأفغانية... سيناريو بنهايات مفتوحة!
خلفت الزيارة التي قام بها مسؤولون كبار إلى أفغانستان تخوفاً من أنه مهما تكن النتيجة التي ستؤول إليها الانتخابات الرئاسية فإن أحد الطرفين سيمتنع عن القبول بها، وهو تخوف عبر عنه وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنر خلال زيارته الأخيرة إلى كابول بقوله: «في هذه اللحظة يتملكنا بعض القلق لأنه يبدو أن المرشحين ليسوا مستعدين للاعتراف بالنتائج، والحال أنه لابد من قبولها في النهاية».
وبعد مرور شهرين تقريباً على الانتخابات الرئاسية التي شهدتها أفغانستان ما زالت البلاد تنتظر الفرز النهائي للأصوات والإعلان عن النتائج في الوقت الذي ينكب فيه فريق دولي من المتخصصين على مراجعة الآلاف من الحالات التي شابتها تجاوزات وتخللتها الخروقات، بحيث من المفترض أن تنتزع عملية المراجعة بعض الأصوات من حصة الرئيس حميد كرزاي بعدما وصلت حصيلته الأولية في الانتخابات إلى 54.6 في المئة.
ولكن في حال تراجع تلك الحصيلة إلى ما دون الأغلبية فإنه سيكون عليه خوض جولة ثانية ضد منافسه الرئيسي عبدالله عبدالله. والمشكلة التي يتخوف منها المراقبون هي تهديد معسكر كرزاي بالتشكيك في شرعية مجمل الانتخابات إذا ما انتهت إلى جولة ثانية.
ولكن إذا أظهرت النتائج أن كرزاي قد فاز من الجولة الأولى وحصل على ما يكفي من الأصوات لتجنب جولة ثانية توعد أيضاً أنصار عبدالله عبدالله بالاحتجاج في المناطق الشمالية.
ولتفادي دخول البلاد في دوامة أزمة سياسية تجري حالياً مناقشات خلف الكواليس لتشكيل حكومة تقوم على تقاسم السلطة بين الأطراف المختلفة، وإن لم يظهر إلى حد الآن أي اتفاق في الأفق فيما تستمر حالة الانتظار والترقب قبل الحسم في نتيجة الانتخابات.
ففي لقاء أجرته «كريستيان ساينس مونيتور» مع «وحيد عمر»، الناطق باسم كرزاي، أكد أنه لكي تنظم جولة ثانية لابد من إعلان 1.5 مليون من أصل 5.6 مليون صوت أنها مزورة ويتعين التخلي عنها وعدم احتسابها، وكما يقول «لو اكتشفنا أن 25 أو 26 في المئة من الأصوات شابتها عمليات تزوير فإن الانتخابات برمتها فاقدة للشرعية، ولا أعتقد أننا سنصل إلى هذه النتيجة إلا بقرار سياسي، وفي هذه الحالة سيكون ردنا سياسياً أيضاً».
وأشار الناطق باسم كرزاي إلى ما يعتبر نقطة ضعف جوهرية في اللجوء إلى الجولة الثانية وهي احتمال تسببها في انخفاض نسبة المشاركة موضحاً ذلك بقوله: «إذا انتهينا إلى جولة ثانية قائمة على صفقة سياسية بين الأطراف فإن الناس سيتساءلون: لماذا نأخذ التصويت على محمل الجد هذه المرة في حين تلاعبتم بأصواتنا في المرة الأولى؟».
وفي الوقت نفسه نفى «وحيد عمر» نفياً قاطعاً ما تناقلته بعض التسريبات من احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها عبدالله عبدالله، معتبراً أن الأمر «منافٍ للدستور».
ومن جانبه رفض عبدالله عبدالله، الحديث عن أي تفاهم لاقتسام السلطة حتى يتم الإعلان عن النتائج، موضحاً موقفه بقوله: «لندع العملية تسير في اتجاهها الصحيح ولا نستبق الأحداث، ثم بعد ذلك نقرر ماذا سنفعل».
وتحدث عبدالله عبدالله بفخر عن قراره ضبط مؤيديه وعدم الانخراط في أية أعمال قد تعقد الوضع السياسي المتعثر في البلاد قائلا: «لقد تمسكنا بموقفنا لكن دون التسبب في المزيد من المشاكل، فنحن لم ندع لتنظيم المظاهرات ولو فتحنا المجال لذلك لغصت الشوارع بالمحتجين».
ومع ذلك عبر عبدالله عبدالله منذ البداية عن تخوفه من دعوة أنصاره إلى العصيان المدني، حيث صرح لـ«كريستيان ساينس مونيتور» قائلا: «إن الأمر ينطوي على بعض الخطورة، لأنه في حالة انعدام الأمن التي تشهدها البلاد حالياً قد يستغل أحدهم الوضع ليطلق شرارة العنف وليحدث الاضطرابات».
وإذا لم يخض عبدالله عبدالله جولة ثانية فإن الموقف الذي سيتخذه سيؤثر على الأفغان العاديين، وهو ما يؤكده على سبيل المثال «نور الله»، أحد الناخبين الذين صوتوا لصالح عبدالله عبدالله قائلا: «إذا فاز كرزاي مرة أخرى فلاشك أنني سأحتج مع رفاقي في مناطق الشمال»، وهي المناطق التي تشكل قاعدة الدعم الأساسية للمرشح، ولكنه أضاف «إن الأمر متروك لعبدالله، إذا قال لا تحتجوا فإننا سنمتنع عن ذلك».
ويعتقد بعض الأفغان أن السبب الحقيقي وراء تأخر الإعلان عن نتائج الانتخابات لا يتعلق بالمسائل التقنية المرتبطة بفرز الأصوات، بل يرجع إلى الصراع الجاري حالياً خلف الكواليس بين القوى الأجنبية لاختيار رئيس لأفغانستان، وبخاصة بين أميركا التي تريد كرزاي وأوروبا التي تميل إلى عبدالله عبدالله.
بين أرنودي -كابول
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»