مراد المصري (دبي)

لطالما امتلك اللاعبون العرب الموهبة، لكنهم افتقدوا الثقة والإيمان أن لديهم القدرة للتواجد مع أكبر الأندية الأوروبية، ومنذ لعب الجزائري رابح ماجر دور البطل بقيادة بورتو البرتغالي للتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا عام 1987، ظهر على الساحة نجوم عرب خطفوا الأضواء لفترات محدودة وتركوا أثراً بسيطاً مع فرقهم، حتى نجح المصري محمد بصلاح بتقمص دور البطل في ليلة التتويج باللقب الأوروبي للمرة السادسة في تاريخ ليفربول الإنجليزي. وتواجد 5 لاعبين عرب في المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا، بداية من الجزائري ماجر في 1987، ثم المغربي رضوان حجري مع بنفيكا البرتغالي عام 1988، مروراً بالمغربي المهدي بن عطية مع يوفنتوس عام 2017، والمغربي أشرف حكيمي مع ريال مدريد عام 2018، حتى جاء الدور على المصري محمد صلاح للعام الثاني على التوالي.
ويمكن القول: إن صلاح أعاد بوصلة الطريق للاعبين العرب نحو «العرش الأوروبي»، وبغض النظر عن تتويج حكيمي باللقب مع «المرينجي» في العام الماضي، فإن صلاح أعاد للأذهان كيفية أن يصبح اللاعبون العرب نجوماً في فرقهم، وهو الدور الذي غاب عنهم طويلاً منذ ماجر، خصوصاً أن صلاح أصبح ثاني لاعب عربي يسجل هدفاً في المباراة النهائية للمسابقة الأهم على صعيد الأندية على مستوى العالم، لينضم إلى قائمة نادي حصري بالأساطير.
ويحسب لصلاح نجاحه في التعامل مع ضربة الجزاء التي حصل عليها فريقه بتوقيت مبكر، وهو اللاعب الذي اكتسب خبرة كبيرة حينما نفذ ضربة الجزاء الحاسمة التي قاد من خلالها للتأهل إلى كأس العالم الماضية، إلى جانب أدائه المميز هذا الموسم بالتعامل مع الضغوطات وانتقادات الإعلام البريطاني، الذي أراد تحويله إلى لاعب بمثابة «نجم الموسم الواحد» فقط، باعتبار أن ما قدمه في الموسم الماضي لا يمكن أن يكرره مجدداً، ليعود ويؤكد بقوة إنه لاعب صاحب قدرات تجعله أكثر من مجرد «فقاعة» كما أرادوا تصويره، وحول هذه الضغوطات إلى حافز كبير، وهي العقلية التي كان يحتاج لها اللاعب العربي منذ وقت طويل، بعدما لعب دوراً رئيسياً في تتويج «الريدز» باللقب الأوروبي، إلى جانب حصوله على جائزة هداف الدوري الإنجليزي الممتاز للموسم الثاني على التوالي بالتساوي مع السنغالي مانيه، والجابوني أوباميانج.
وأصبح صلاح صاحب ثاني أسرع هدف في تاريخ المباريات النهائية لدوري أبطال أوروبا بنظامها الجديد، والثالث عموماً، علماً أن ضربة الجزاء التي سجلها تعد ثاني أسرع هدف من علامة الجزاء عموماً في دوري الأبطال بعد مرور 108 ثوانٍ، منذ هدف ميكو لاعب فيردر بريمن الألماني أمام باناثينايكوس اليوناني في عام 200، بعد 100 ثانية.
ويبدو المستقبل واعداً بالنسبة للنجوم العرب بعدما مهد صلاح لهم الدرب نحو الحلم الأوروبي، وذلك بتواجد عدد من اللاعبين العرب المميزين في الفرق الأوروبية، منهم الجزائري رياض محرز مع مانشستر سيتي الفريق الذي يعد قوة متصاعدة في «القارة العجوز»، والمغربي حكيم زياش الذي يتوقع أن ينتقل إلى أحد الأندية المرشحة للمنافسة على اللقب الأوروبي بعد تألقه مع آياكس الهولندي هذا الموسم، كما يتواجد نجوم في أندية متفرقة بمستويات واعدة، ليؤكدوا جميعاً رفقة «أبو صلاح» أن العرب قادرون على قلب الموازيين في أوروبا خلال السنوات المقبلة.