محمد وقيف (أبوظبي)
على ضفة المحيط الأطلسي بمدينة الدار البيضاء ينتصب مسجد الحسن الثاني بمئذنته الشامخة المهيبة، منارة ترتفع، معلنة أن هذه آخر نقطة في غرب العالم الإسلامي.
في العشر الأواخر من رمضان يزداد إقبال المصلين على هذه البقعة بشكل لافت، إذ تغدو وجهةً يؤمّها الناس من كل حدب وصوب، خاصة من أجل صلاة العشاء والتراويح.
ويقصد الناس هذا المسجد من مختلف أحياء الدار البيضاء، ولكن أيضاً من مدن مغربية أخرى، قريبة وبعيدة. يجذبهم إليه بحثهم عن لحظات خشوع في الشهر الفضيل بين جنبات هذا الصرح الديني الكبير الذي شُيد جزءٌ مهمٌ منه على الماء. كما تجذبهم إليه تلاوةُ إمامه الشيخ عمر القزابري المتميزة للقرآن الكريم وصوتُه الشجي الذي يأسر أفئدة المصلين ويمنحنهم لحظات خشوع ينشدونها.
فتجربة صلاة التراويح في مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء تجربة فريدة من نوعها لا تشبه غيرها، فالمسجد أقيم على الشاطئ، وجزء مهم منه مبني فوق الماء، استوحى العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني فكرة بنائه من الآية الكريمة «وكان عرشه على الماء».
ودُشن المسجد سنة 1993 بعد نحو 6 سنوات من أشغال البناء. ويُعتبر من أكبر مساجد العالم وأجملها، وتحفةً فنيةً سواء من حيث شكله أو حجمه أو زخرفته أو موقعه. إذ يتميز ببنائه الضخم، وتكفي الإشارة هنا إلى أن المسافة بين سقفه وأرضيته تبلغ ستين متراً، بينما ترتفع مئذنته بـ200 أمتار، ما جعل منها لسنوات أعلى بناية دينية في العالم.
وإلى جانب حجمه، فإن ما يميز مسجد الحسن الثاني أيضاً هو ما أبدعته أيدي الحرفيين المغاربة من أعمال فنية تخلب الأنفاس. فقد تبارى عمال الجبص والخشب والزليج في تجميل المسجد، فكانت النتيجة تحفة فنية بديعة في المعمار الإسلامي، جعلت من المسجد أيقونة بهية ومحطة أساسية ضمن برنامج كل زائر لعاصمة المغرب الاقتصادية.
ويُعد مسجد الحسن الثاني من أكبر مساجد العالم إذ بني على مساحة 90 ألف متر مربع، بينما تبلغ مساحة قاعة الصلاة فيه 20 ألف متر مربع، إذ تتسع لـ25 ألف مصل، في حين يمكن أن تستقبل باحته ما يصل إلى 80 ألف مصل.
ويجمع المسجد بين فن العمارة التقليدي وأحدث التكنولوجيات إذ يتميز بسقف خشبي متحرك يفتح، ويغلق بشكل آلي. كما ينبعث من أعلى مئذنته شعاع ليزر يصل مداه إلى 30 كيلو متراً يدل الناس على اتجاه القبلة.
وفضلاً عن قاعة الصلاة، يضم المسجد أيضاً مدرسة العلوم الإسلامية، ومكتبة عامة، ومتحفاً، وأكاديمية للصناعة التقليدية.