محمد إبراهيم (الجزائر)

أسدل المجلس الدستوري الجزائري الستار أمس على الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 4 يوليو المقبل، معلناً تأجيلها إلى أجل غير مسمى، مع تمديد فترة ولاية الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح لحين إجرائها.
وأعلن المجلس الدستوري رفضه ملفي الترشح للمرشحين الاثنين اللذين قدما أوراقهما للترشح لانتخابات الرئاسة، وهو ما يعني فعلياً عدم وجود مرشحين.
وبرر المجلس الدستوري قراره باللجوء إلى الدستور، قائلاً «بناء على أن الدستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية، ويحمي مبدأ حرية اختيار الشّعب، ويضفي المشروعية على ممارسة السلطات، ويكرس التداول الديمقراطي عن طريق انتخابات حرة ونزيهة، وبناء على المواد 7, 8, 102 فقرة 6, 182 و193 من الدستور، وبما أن المؤسس الدستوري خول مهمة السهر على احترام الدستور للمجلس الدستوري، وبما أن الشعب هو مصدر كل سلطة ويمارس سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها، وبما أنَّ الدستور أقر أن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية، فإنه يتعين تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد، لأجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية التي تُـمكن من تحقيق تطلعات الشعب».
وأشار المجلس الدستوري إلى أن الرئيس بن صالح سيدعو الناخبين لموعد جديد للانتخاب واستكمال المسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية.
ويعد هذا البيان فتوى دستورية من المجلس الدستوري، الذي يعتبر أعلى هيئة قضائية في البلاد، بتمديد ولاية عبدالقادر بن صالح التي تنتهي 9 يوليو المقبل، حتى تنظيم انتخابات رئاسة جديدة.
ويعني القرار الجديد أن الانتخابات الرئاسية لن تجرى قبل نحو 3 أشهر على الأقل، إذ تعني الدعوة للانتخابات من جديد فتح باب الترشح لمدة 45 يوماً، ثم يفصل المجلس الدستوري في طلبات الترشح لمدة 10 أيام ثم تبدأ الحملة الانتخابية لمدة 21 يوماً، ثم 3 أيام صمت انتخابي، تجرى بعدها الانتخابات.
وتنص المادة 102 من الدستور على أن الرئيس المؤقت فترة ولايته هي 90 يوماً تجرى خلالها الانتخابات الرئاسية.
لكن فشل بن صالح، في تنظيم هذا الاستحقاق الانتخابي، نتيجة رفض الأحزاب تقديم مرشحين بالإضافة إلى المطالبة الشعبية باستقالة رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة وفي مقدمتهم بن صالح، دفع الجزائر إلى حالة غير مسبوقة دستورياً، الأمر الذي تطلب فتوى من المجلس الدستوري بشأن مصير بن صالح.
ويرى علي داسة، المحلل السياسي الجزائري، ضرورة تحديد موعد جديد للانتخابات الرئاسية في أقرب وقت، محذراً من الدخول في مرحلة انتقالية.
وقال داسة لـ«الاتحاد» إن البلاد ستعاني الأمرّين في حالة الدخول في مرحلة انتقالية هي التي يريدها عملاء الدول الطامعة بالجزائر، مضيفاً أنه يجب الإسراع في تشكيل هيئة وطنية مستقلة تتولى الإشراف على الانتخابات الرئاسية منذ بداية إجراءات الترشح، وحتى إعلان النتيجة.
ودعا إلى الإسراع بحوار وطني ترعاه الدولة تشارك فيه كافة الأحزاب والأطياف السياسية على أرضية مشتركة تسمح لها بتقديم مرشحين في الانتخابات المقبلة.
وكان الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري، قد حذر أكثر من مرة من الخروج عن المسار الدستوري والوقوع في فخ الفراغ الدستوري ودعا الأحزاب السياسية والمحتجين إلى الاجتماع لمناقشة سبل الخروج من الأزمة.
من جهته، قال الزبير بلحاج، الكاتب والمحلل السياسي الجزائري، لـ«الاتحاد» إن «قرار تمديد فترة ولاية بن صالح يعد استفزازاً للحراك الشعبي، الذي لن يقبل بالحوار مع المسؤولين الموجودين في السلطة الآن». ويطالب الحراك الشعبي المستمر منذ 22 فبراير الماضي، بإقالة الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي ورئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان) معاذ بوشارب، باعتبارهم من رموز نظام بوتفليقة.
وأضاف بلحاج أن القرار لم يكن مفاجئاً، فالكل يعلم أنه لن تجرى انتخابات في 4 يوليو بسبب عدم وجود مرشحين، وقال: «إذا استمر الحال كما هو عليه الآن فلن يتمكن بن صالح من الوصول لانتخاب رئيس جديد وسندخل في أزمة جديدة».
ومنعت قوات الشرطة أمس طلبة الجامعة المركزية بوسط الجزائر العاصمة، من تنظيم مظاهرة بساحة البريد المركزي، في إطار مظاهراتهم الأسبوعية للمطالبة بتنفيذ ما يدعو له الحراك الشعبي.
واعتاد طلبة الجامعات التظاهر يوم الثلاثاء من كل أسبوع، لكنهم قرروا تنظيمها هذا الأسبوع يوم الأحد لاحتمال تزامن يوم الثلاثاء مع أول أيام عيد الفطر المبارك.
من جهة أخرى، أعلنت إدارة مجمع «وقت الجزائر» غلق قناة «دزاير نيوز» بداية من يوم 25 يونيو القادم، وذلك بسبب صعوبات مالية في القناة المملوكة لرجل الأعمال علي حداد، الموقوف قضائياً على ذمة قضايا فساد مالي.