تظل الحديقة المنزلية واجهة حية وصورة معبرة عن شخصية وذوق قاطنيها، ومطلباً مهماً وأساسياً في خارطة البناء يترجمه الانتشار الواسع لهذه الحدائق واهتمام الأفراد بالغطاء النباتي لما لها من تأثير نفسي إيجابي على الفرد. ولتصميم ناجح لحديقة منزلية لا بد من إجراء دراسة تتضمن بحث مجموعة من العوامل من بينها عوامل تتعلق بالبيئة المحيطة كعيوب المبنى ومزاياه وحركة المرور وأخرى ترتبط بالطبيعة كنوعية التربة وحركة الشمس والرياح. لوحات فنية حية قابعة في أحضان المنزل، مكسوة برداء أخضر تطل بين ثناياها أزهار زاهية مطلقة عبقاً فواحاً، تستقبل كل زائر بحفاوة، حيث يحلو الجلوس على وقع خرير الماء الذي ينساب من الشلالات ويتدفق بين أطرافها لتعزف على أوتار الانتعاش والهدوء والاسترخاء من ضغوط الحياة اليومية، هذه الحدائق بكل ما تحمله من تفاصيل فنية إبداعية تحاكي النفس بلغة الجمال والفتنة والتي لا يمكن أن ينصرف عنها كل من وقع في غرامها واحتمى بظلها. تنسيق الحديقة عكفت العديد من الشركات المعنية بتصميم الحدائق على تقديم مجموعة مختلفة من التصميمات الرائعة التي تضفي على المكان بهجة خاصة لتتوافق مع طراز المبنى مع مراعاة خصوصية المكان الذي تجد فيه الأسرة ملاذها الآمن، لاستقبال الزوار أو الاحتفال بالمناسبات الخاصة وغيرها. وتعتبر عملية تنسيق الحدائق من الأمور الهامة لإظهار الحديقة بشكل ملفت ومميز تبرز جماليات الكائنات النباتية الحية التي تعيش في ثناياها ويتمتع كل زائر بلحظة الاسترخاء والراحة في أحضانها. وحول عملية تنسيق الحدائق، تقول المصممة نور بدر، من مركز حدائق السلطان “أصبحت الحدائق من الأساسيات المهمة التي لا بد أن تتواجد في مساحة المنزل أو أي من المرافق العامة، فتنسيق الحديقة المنزلية عبارة عن تخطيط وترتيب المساحات حول المبنى وتوزيع النباتات والعناصر الأخرى بطريقة فنية إبداعية وهندسية مدروسة”، مشيرة إلى أن التصميم الجيد هو التصميم الذي يأخذ في الاعتبار أمور مهمة منها نظام البناء والعادات والتقاليد أي الخصوصية التي يجب أن تتسم بها الحديقة من حيث اختيار المكان المناسب لإنشائها ونمط الحديقة المطلوبة من قبل أفراد الأسرة، والميزانية المخصصة لذلك. دراسة تحليلية قبل البدء في وضع تصميم الحديقة، تقول بدر “يجرى للموقع دراسة تحليلية لبيان الشكل العام للموقع من حيث طبوغرافية الأرض، وشكل وأبعاد المبنى، والمناظر المحيطة بالوقع، وحركة المرور والطرق التي تحيط بالموقع، وتحديد نقاط الجمال والعيوب المعمارية في المبنى. إلى جانب تحديد حركة الشمس طول اليوم واتجاه الرياح وسرعتها”. وتتابع “عندها يتم دراسة هذه الأبعاد وأخذ القياسات المطلوبة للمساحة المراد إقامة الحديقة عليها مع أخذ عينة من تربة الموقع وتحليلها لمعرفة مدى صلاحية التربة للزراعة، وعلى ضوء النتيجة يتم استصلاح هذه التربة، ومن ثم تقديم عدة تصميمات للزبون، ثم تتم عملية الشروع في التنفيذ بدءاً بتقسيم الموقع وفقاً لطبيعة ووظيفة كل حديقة، منها الحديقة الأمامية الواقعة بين الشارع و مدخل المنزل فتعد واجهة المنزل وأول ما يقع عليه أعين الزوار أو المارة فيجب الاعتناء بتفاصيلها الصغيرة بدءًا بنوعية النباتات التي ستشغل هذا الحيز من المكان والأحجار المثبتة بين جوانبها بطريقة فنية وصولاً إلى الإضاءة. وتبين أن “المنطقة الخاصة وهي عادة ما تقبع خلف المبنى أو في زاوية بعيد عن مدخل المنزل فتضفي خصوصية على المكان حيث عادة ما تشغل لتناول وجبات الطعام، أو استقبال الضيوف، وإقامة الحفلات، ولعب الأطفال، والاسترخاء أو ممارسة نشاط معين كالسباحة أو الألعاب الرياضية المختلفة، ويشترط فيها العزلة التامة عن الحديقة الأمامية لخلق نوع من الخصوصية”. أهمية الممرات تقول بدر “وجود الممرات له أهمية في ربط أجزاء الحديقة ببعضها فهي الطريقة الأساسية للانتقال من مكان لآخر، وكمبدأ أساسي يجب عند اختيار مادة بناء المشايات مراعاة تناسقها مع مواد بناء المباني، ويراعى أن تكون هذه الممرات مريحة غير معرقلة أثناء التجوال بين ثنايا الحديقة. ولطريقة تصميم المشايات بالحديقة أكبر الأثر في إظهار جمال هذه الحديقة إلا أنه يراعى عدم الإكثار من هذه المشايات بلا هدف معين فيجب أن تنتهي كل مشاية أو طريق إلى هدف معين ومن أنواع الممرات التي يمكن أن تخلق لوحة فنية رائعة على البساط الأخضر، وممرات من قطع الأحجار ذات أشكال وزوايا مختلفة يمكن رصها بطريقة عشوائية ببعضها بعضاً، وأيضاً يمكن وضع قطع من الأحجار دائرية الشكل أو مربعة بحث توضع على العشب بطريقة متباعدة عن بعضها فتكون في نهاية الأمر لوحة إبداعية تنبض بالحياة”. وترى بدر أن من المعوقات التي قد تصادف أي مصمم في تنفيذ حديقة ما يطلبها الزبون هو قيامه بوضع حجر “الانترلوك” على مساحة من الفناء ما يقيد عملية التصميمم، ويدفع المصمم في كثير من الأحيان إلى إزالة هذه المسطحات الحجرية من مساحة الفناء حتى يظهر التصميم بشكل المطلوب”. تصميم بسيط للحديقة المنزلية تقول المصممة نور بدر، من مركز حدائق السلطان “يمكن أن يبدع الفرد في تجربة تصميم حديقته الخاصة من خلال تحديد جزء صغير من مساحة المنزل وتغطيتها ببساط عشبي ثم تقسيمها على شكل منحنيات ودوائر ومن ثم يوزع عليها الشتلات والنباتات الصغيرة مع إضافة بعض الأحجار والاكسسوارات الخاصة بالحدائق إلى جانب تسليط إضاءة ملونة عليها فتبرز جمال الحديقة ليلا”.