إيهاب الرفاعي (منطقة الظفرة)

تمثل جزيرة مروح التي تبعد نحو 100 كلم غرب مدينة أبوظبي، و25 كلم عن شمال غرب ميناء المرفأ في منطقة الظفرة حالة خاصة للجزر الإماراتية، بما تضمه من عراقة وتاريخ وحاضر مزدهر بالإنجازات، حيث تعد من أهم المواقع الأثرية في الإمارات، فضلاً عما تتميز به من بيئة برية وبحرية نادرة.
وكشفت التنقيبات الأثرية مؤخراً عن أقدم مستوطنة في الدولة من خلال مبان داخل الجزيرة تعود إلى العصر الحجري الحديث قبل ما يقرب من 8 آلاف عام، وتتميز هذه البيوت بحالتها الجيدة، ويعتقد الخبراء أنّ السكان الأوائل استخدموها لعدة مئات من السنين.
ويتكون الموقع الذي اكتشف للمرة الأولى عام 1992 أثناء مسح أثري للجزيرة، من 7 تلال على الأقل، يبدو أنها بقايا انهيار هياكل صخرية من العصر الحجري الحديث.
وتعتبر جزيرة مروح الأولى من نوعها التي تنفرد بهياكل معمارية واضحة بين الاكتشافات الأثرية العديدة التي ترجع لهذه الحقبة التاريخية المبكرة، حيث افترض الباحثون أن سكان الإمارات في ذلك الوقت كانوا فقط من البدو الرحل، الذين تنقلوا باستمرار بحثاً عن المرعى والماء لقطعان الأغنام والماعز، لكن الاكتشافات الأخيرة في مروح أحدثت تحولاً جذرياً في هذا المفهوم.
وركزت الحفريات الأثرية السابقة على أحد أصغر التلال في الموقع، وأسفرت عن العثور على مبنى حجري من 3 غرف، يتميز بحالته الجيدة وجودة بنائه، علاوة على عدد من اللقى المهمة الأخرى، منها جرة خزفية مستوردة يمكن مشاهدتها حالياً في متحف اللوفر أبوظبي، إضافة إلى نصال أسهم من الصوان، وأزرار من محار اللؤلؤ معروضة حالياً في قصر الحصن.
وتضم جزيرة مرّوح كميات هائلة من الأدوات الحجرية، تتمثل معظمها في الصّوان والعديد من الرماح والسهام المصنوعة بمهارة، والتي تمثل نموذجاً عربياً محلياً للصناعة المعروفة في العصر الحجري الحديث، كما أن وجود مطارق حجرية وغيرها من الأدوات الأثرية المكتشفة يشير إلى أن بعضها تم تصنيعه على هذه الجزيرة.
ويدّل اكتشاف أكثر من 100 قفل ثياب عبارة عن خرزات ومحارات لؤلؤ، على أن السكان القدامى كانوا مهتمين بأغراض الزينة الشخصية والمظهر اللائق، ومن المرجح أن تكون تجارة اللؤلؤ جنوبي الخليج قد بدأت في حدود هذه الفترة.
وتم إعلان جزيرة مروح محمية طبيعية بحرية عام 2001، ما جعلها إحدى أكبر المحميات البحرية في منطقة الخليج العربي.
وأصبح الموقع والجزر المحيطة به والشريط الساحلي خلال عام 2007 «محمية مروح البحرية للمحيط الحيوي»، ضمن برنامج الإنسان والمحيط الحيوي الخاص باليونسكو «ام ايه بي».
وتتميز المحمية بحياة طبيعية ذات أهمية وطنية وإقليمية، وتشمل أعشاباً بحرية وأشجاراً. وتضم جزيرة مروح أنواعاً من السلاحف الخضراء، وسلاحف منقار الصقر، وتعتبر شواطئ منطقة المحمية بيئة مثالية لأعشاش سلاحف منقار الصقر، وتزخر بأنواع من الدلافين والأسماك والشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والطحالب وأنواع من الشعاب البنية التي تتغذى عليها العديد من الأسماك، وتعد بيئة مثالية لاحتضان بيضها. ويرى محمد صابر المزروعي المتخصص بالجزر البحرية وأحد سكان الجزيرة، أن جزيرة مروح تتميز بانتشار أشجار القرم، وفيها أشجار قديمة صغيرة الحجم، مقارنة بالأشجار الجديدة، موضحاً أن الإنسان قديماً كان يبحث عن 3 أشياء رئيسة، هي الأمان، والألفة مع الآخر، ثم «البندر» وهو وجود العائلات والأسر، وجمعيها تميزت بها جزيرة مروج ما ساهم في كثرة السكان بها منذ القدم.
ويذكر المزروعي كيف تم ترميم بيوت الجزيرة في أواخر السبعينات، حيث كان عدد السكان قليلاً وكانت البيوت قديمة، ولا تصلح للسكن بشكل جيد، وبحث السكان داخل الجزيرة عن حجر موجود في البر، وقاموا بتعمير 4 بيوت من حجر الجزيرة. وفي سبيل تأمين مواردهم من المياه العذبة، أنشأوا سداً في منطقة البحوث تم تصميمه بشكل متقن ليضمن تجميع مياه الأمطار عند هطولها، فيما كانوا يسدون احتياجاتهم حال عدم امتلاء السد بجلب المياه من آبار جزيرة دلما.