أزهار البياتي (الشارقة) - تعيش إمارة الشارقة هذه الأيام أجواء احتفالية وتراثية خاصة، تستعيد من خلالها أصالة الماضي، ونفحات من التاريخ والحضارة، لتحتفل مع الناس بحدث سنوي مميز ويبدأ مهرجان (أيام الشارقة التراثية) في دورته التاسعة هذا العام تحت شعار” من التراث ننهل”، فتنطلق العديد من الفعاليات والأنشطة التي تؤرخ لقيم ومبادئ وإسلوب حياة شعب الإمارات قديما، وتنقل مفردات من التراث الإنساني والشعبي الذي توارثته عبر الأجيال. وتشكل فعاليات هذا المهرجان وأنشطته المتنوعة تظاهرة جماهيرية وحيوية لافته، إذ تشهد المدينة وعلى مدى أسبوعين كاملين حراكا ثقافيا وشعبيا متجددا، تتفاعل معه مختلف شرائح المجتمع ومن كل الجنسيات والأعمار التي تأتي خصيصا لتشهد على تفاصيل حياتية ومعيشية لسنوات وعقود انقضت من زمن الماضي الجميل عاشها الآباء والأجداد، إضافة إلى التعريف بالحرف والمهن والعادات والتقاليد الموروثة في هذه المنطقة، مع نماذج أهازيجية وفلكلورية تستلهم التراث وتعبر عنه بصور حية وملموسة. تفاعل جماهيري ويعبر “ عبدالله محمد” 46 سنة أحد زوار (أيام الشارقة التراثية) عن تفاعله مع الحدث ليقول:” لاشك أن للمهرجان هذا طعم ونكهة خاصة، وهو بادرة طيبة يجب أن تتواجد في كل إمارة، لأنه يمثل جسرا للتواصل بين الأجيال، ويختصر المسافة بين الماضي والحاضر من خلال فعاليات وأنشطة متعددة تبيّن ما ورثناه من قيّم وعادات وتقاليد، وتجسد بيئات مختلفة من الإمارات، منها الساحلية والبدوية والزراعية والجبلية”. ويكمل:” لقد جئت إلى هنا بصحبة أولادي الصغار، ولقد شعرت بالفرحة وأنا أرى الدهشة والغبطة تغمران ملامح وجوههم وهم يتعرفون للمرة الأولى على الطرق المعيشية التي كان يعتمدها أهلنا قديما، ويشاهدون العديد من المهن التقليدية والحرف اليدوية التي انقرضت ولم تعد موجودة في الزمن الحاضر”. وتتحدث الطالبة الجامعية “نوف سالم“عن زيارتها لساحة التراث مع صحبة من زميلاتها في الكلية، فتقول:” لقد تحمسنا للقدوم للمهرجان لدعم مجموعة من الطالبات والطلاب الذين شاركوا بمشاريعهم الصغيرة في هذا الحدث الشيق، وأردنا الإطلاع على تجربتهم ومساندة جهودهم، وقد اكتشفنا عبر تجوالنا في أرجاء المكان الكثير من الأشياء التي لفتت انتباهنا، ومنها (قرية الرحالة) وما تضمنته من صور قديمة ومقتنيات وكتب ومدونات تركها الرحالة والمستكشفون من العرب والمستشرقين الذين مروا من هذه المنطقة”. وتضيف :” أن الأجواء هنا جميلة جداً وحافلة بالعروض الثقافية والأنشطة التراثية المتنوعة، فلقد تمتعنا كثيراً برؤية قوافل البدو مع الإبل والجمال المحملة بالبضائع، وجلسنا بالخيمة البدوية وشربنا القهوة العربية المهيّلة على أنغام أوتار الربابة”. حنين للماضي كما يتكلم “ أبو حمد” 68 عاما عن (أيام الشارقة التراثية) وهو مبتسما، وتغمر نظراته الدفء والحنين لسنوات وعقود مضت من زمن الماضي الجميل، فيشير لذلك، ليقول:” في كل عام أترقب قدوم هذا المهرجان وانتظره كهلال العيد، فمن خلاله استرجع ذكريات قديمة واستعيد مشاهد من حياتنا آنذاك، حين كنا ننعم ببساطة العيش، وقناعة الذات، حيث البيوت العربية المفتوحة والمرحبة، تستنير بضياء الفوانيس الخافتة، فنتجمع كلنا من أهل وجيران بكل الحب والود حول “السرود” لنتقاسم لقيمات هانئة من الأكلات البسيطة التي تحضرها النساء، ونختتم بدلال من القهوة والشاي لنتسامر بعد ذلك على ضوء القمر متسلين بحكايات البحر، وأساطير وخرافات الجن والأنس”.