رباب التاجر: حب التحدي لا يتعارض مع الأنوثة
من الإمارات إلى بلجيكا مروراً باليونان والولايات المتحدة، اتسعت ثقافتها وتعددت تجاربها وخبراتها، واكتسبت خمس لغات، ما جعل منها نموذجاً مميزاً للفتاة الإماراتية القادرة على مواكبة العصر، والاستفادة من معطياته، حتى أنها اخترقت واحداً من المجالات الصعبة على كثير من الرجال، وهو ما يزداد صعوبة على فتاة بالغة الجمال مثل رباب التاجر، ذات الواحد والثلاثين ربيعاً، التي نجحت وباقتدار في أن تكون أول ملاحة إماراتية، حيث شاركت في العديد من سباقات السيارات، وحازت مراكز عالمية، محققة نصراً إضافياً للفتاة الإماراتية، أثبتت من خلاله قدرتها على أن تتفوق على الرجال في هذا المضمار الصعب، من دون أن تتخلى عن عاداتها و ثقافتها الإماراتية الخالصة.
تقول التاجر، إنها بدأت الانجذاب إلى عالم السيارات في العام 2004، خاصة أنه يتناسب مع طبيعتها وحبها للبر والبحر والأماكن الخلوية، وما تحمله بيئة سباقات السيارات من مغامرة وصراع مع الرياح الصحراوية التي تتسم بشدتها، فضلاً عن عدم وجود نساء عربيات يهتممن بهذا المجال، وخشية الكثير منهن أن يدلفن إليه، كما أن طبيعة عملها كانت تفرض عليها السفر كثيراً بمفردها إلى دول خليجية مجاورة باستخدام السيارة، وهو ما كان يتطلب إلماماً كاملاً بالسيارة وعالمها الخاص من محرك و كهرباء وإطارات، حتى تستطيع أن تتعامل مع المواقف الحرجة كافة التي قد تتعرض لها في هذه السفرات.
تضيف: كانت البداية في ذلك الحين مع بطل الراليات اللبناني ريتشي حنين، حيث تعرفت إليه من خلال عملها في أحد البنوك، وتناقشت معه حول رغبتها في دخول عالم الراليات، والمشاركة في سباقات السيارات، غير أنه كان متخوفاً في بداية الأمر، ولكن مع إصرارها أخذ في تشجيعها وبدأ في تدريبها على كل ما يختص بسيارات السباق ومن ذلك:
التدريب على الـ “G.P.S” أو نظام تحديد الموقع العالمي (Global Positioning System)، وكيفية التعامل مع السرعات العالية للسيارات، والربط بين كلٍّ من الـ “G.P.S”، وسرعات السيارة، مع الساعة الميقاتية “ Timer”.
مشاركات عالمية
تتابع التاجر: بعد ذلك وفي العام نفسه اشتركت في سباق راليات أم القيوين، وحصلت على المركز الخامس، وأيضاً سباق راليات الشارقة مرتين وحصلنا على المركزين الثامن والثالث عشر، وفي سنة 2006 توقفت عن المشاركة في السباقات لمدة عامين، إلى أن عاودت الكرة مرة أخرى في مطلع 2009 مع الإماراتي مطر المنصوري وشاركته في سباق أبوظبي للراليات الصحراوية، تحت رعاية غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، وكان ذلك في الجزء التابع لصحراء الربع الخالي في منطقة ليوا، وحصلا على المركز الثامن من بين 100 سيارة جاءت من مختلف دول العالم، وفازا بالمركز الرابع على مستوى الخليج العربي.
وعن هذه المرحلة في مسيرتها مع عالم السيارات، توضح رباب التاجر أن مطر المنصوري أفادها بتعلم كثير من الأمور مثل: كيفية أخذ النقطة من فـوق تــل أو مرتفـع وهو ما يعـرف بـ way point ، ومعرفة كل شيء عن نظام قراءة الخرائط navigation، وأفضل الطرق لتزويد سرعة السيارات في حدود آمنة، وهو من أهم عناصر تحقيق الفوز في السباقات العالمية.
عالم مثير
ورداً على سؤال عما إذا كان عالم الراليات يمثل هواية أو حرفة تدر عليها عوائد مادية، قالت التاجر إنها حين فكرت في خوض هذا المجال لم يكن يدر بخلدها أي مكتسبات مادية، كون الهواية تمارس من أجل ذاتها فقط، وحتى تحقيق النجاح والإنجازات يحدث فقط من أجل إثبات الوجود وتمثيل الإمارات في المحافل الدولية، وإبراز صورة الفتاة الإماراتية بما يليق بها، وبما هي قادرة عليه من مواكبة للتطورات التكنولوجيا وقدرتها على السيطرة عليها والتعامل معها.
وفي هذا الإطار تلفت التاجر إلى أنها تعلمت الكثير من عالم السيارات الغريب والمثير، ومنها: القدرة على التحدي، وسرعة البديهة وحسن التصرف في المواقف الصعبة، والعمل بروح الفريق كون سيارة السباق تمر بالعديد من المراحل قبل الانطلاق، والحفاظ على رشاقتها ولياقتها البدنية، كونها من المتطلبات الرئيسية الواجب توافرها في من يرغب الاشتراك في سباقات السيارات.
وبالحديث عن السباقات، تشير التاجر إلى ضرورة قيامها بالتدريب قبل أي سباق على الأقل مرة واحدة في صحراء مشابهة للتي سيتم خوض السباق فيها، وهذا ييسر عملية المنافسة بشكل كبير ويرجح من احتمالات الفوز.
أنوثة وتحدٍ
حول ما تخطط له في المرحلة المقبلة، ذكرت أنها في طور الإعداد لعمل كبير سيتم الكشف عنه قبل نهاية هذا العام، وفكرة العمل ستكون مفاجأة وستتيح تمثيل الإمارات عالمياً في سباقات السيارات بشكل مختلف يتناسب مع المكانة التي وصلتها والنهضة التي تشهدها في المناحي كافة.
وحول كون رباب التاجر تتمتع بجمال لافت، وربما كان الأفضل لها أن تختار هواية أخرى تتناسب مع طبيعتها الأنثوية، قالت إن حب التحدي والمغامرة لا يتعارض مع الأنوثة مطلقاً، فهناك كثير من الفتيات الجميلات يركبن الخيل ويشاركن في منافساته، على الرغم من المخاطر التي قد تهددهن، وهناك كثير من المجالات سبق لبنات يتمتعن بجمال خارق غير أنهن أثبتن نجاحاً فيها، فالعبرة هنا ليس بمظهر الفتاة الخارجي، وإنما تتمثل في مدى قدرتها على التحدي وتحمل مخاطر العمل الذي تقوم به، خاصة أن درجة الحرارة داخل السيارة تصل إلى 42 درجة مئوية من دون أي أجهزة تبريد، فضلاً عن البقاء لساعات طوال في قلب الصحراء تبدأ منذ السادسة صباحاً وحتى مغيب الشمس، في مناخ قاس ومليء بالرطوبة في كثير من الأحيان.
الشعر بلغات مختلفة
عن الخطوات التي تقوم بها قبيل انطلاق سيارة السباق تحددها في : تسلم الـ G.P.S، والخضوع لمقاييس واعتبارات اللجنة المشرفة على السباق، والتدرب لمرة واحدة على الأقل، واختيار مكان صالح لذلك، بحيث يحتوي على مرتفعات وتلال، وخاصة في الاستعداد للسباقات التي يتم خوضها بسيارات الدفع الرباعي، أما سيارات الصالون العادية، فيفضل التدريب في أراضٍ منبسطة مع وجود تلال قليلة الارتفاع، حتى يمكن للفريق الذي يقود السيارة أن يناور ويراوغ باقتدار أثناء مراحل السباق المختلفة، والتدريب في أي من الحالتين لا يحتاج أكثر من ثلاث ساعات بحيث لا يصاب قائد السيارة والملاح بالإرهاق قبيل انطلاق المنافسات.
وعن الهوايات الأخرى التي تمارسها التاجر إلى جانب المشاركة في الراليات، ذكرت أنها تهتم بتعلم اللغات وأيضاً بالشعر النبطي وتقرضه، فضلاً عن تأليف الشعر باللغات الإنجليزية واليونانية والفرنسية، والألمانية التي تعلمتها في أحد معاهد تعليم اللغات في دبي، بينما تعلمت الفرنسية حين سافرت إلى بلجيكا وقد كان عمرها 5 سنوات لدراسة المرحلة الابتدائية في إحدى المدارس الداخلية هناك، وبعد ذلك عادت إلى الإمارات في المرحلة الإعدادية، أما إتقان الانجليزية تم حين سافرت إلى الولايات المتحدة وأنهت دراستها الثانوية هناك، واليونانية بعد سفراتها المتعددة هناك في أشهر الصيف والبقاء برفقة الأهل لدى زوجة الخال اليونانية الجنسية، كما تشير التاجر إلى أنها مارست الرسم ولديها العديد من اللوحات وإن كانت يتسم أغلبها بالحزن، وهنا تلفت إلى أن دخولها عالم الراليات يعد متنفساً لها عن حالة الحزن التي تعتريها بسبب بعض الإحباطات والمشاكل المحيطة بها، وهي هواية تتناسب وتفريغ الطاقات والشحنات المختلفة لدى الأفراد.
مخاطر وصعوبات
بالعودة إلى عالم الراليات والمنافسات تقول التاجر، إن هناك عدة شروط ينبغي توافرها لأي شخص يرغب في خوض هذا المجال، ومنها:
(حدة النظر- المعرفة بالملاحة الأرضية وجغرافيا المناطق- كيفية استخدام الـ G.P.S- الإلمام بقواعد الأمن والوقاية- معرفة طريقة كتابة القواعد الموجودة في الشوارع)، يضاف إلى ذلك الرشاقة واللياقة البدنية والذهنية.
وأضافت التاجر هذا يستدعي تدريبات أيروبكس، وركضاً سريعاً، حتى يصل المتسابق إلى مستوى عالٍ من اللياقة البدنية تمكنه من تحمل ضغط السباق والتحكم بطريقة التنفس أثناء القيادة.
المصدر: أبوظبي