هيئة تحقيق الأحلام
قبل تسع سنوات وتحديداً في نفس الشهر الجاري من العام 2000 كانت صناعة السياحة في الإمارات وفي الخليج بشكل عام، لم تتضح ملامحها بعد، ولم يكن أحد يتصور أن دول البترول سوف تصبح وجهة سياحية مهمة ورئيسية في العالم، وأنها ستحقق كل هذا النجاح في صناعة وليدة بمعنى الكلمة في المنطقة.
كانت المشكلة وقتها أن السياحة في إمارة أبوظبي ليس لديها غطاء شرعي أو جهة تشرف عليها أو حتى دائرة محلية تنظم أمورها وشؤونها، ونتيجة لذلك ظهرت بعض الاجتهادات من هنا وهناك وبأشكال غير منطقية في محاولات لتسيير هذا القطاع.
طالبنا كثيراً بهيئة أو دائرة تشرف على هذا القطاع الحيوي والمهم، حتى جاء من الغيث قطرة في شكل هيئة سياحة العين، التي ما لبثت أن تحولت إلى هيئة أبوظبي للسياحة، مع صدور قانون يعطي للهيئة كافة الصلاحيات لتنظيم العمل والإشراف عليه في كل القطاعات السياحية الحيوية.
كان ذلك منذ خمس سنوات، وسارعت بطلب لقاء مع معالي الشيخ سلطان بن طحنون رئيس الهيئة ليكون أول حوار صحفي له، كان اللقاء مع معاليه هادئاً للغاية، تحدث عن الأهداف التي وضعتها الهيئة والتي تنوي تحقيقها، وعن الدخول إلى الأسواق العالمية، وعن تحويل أبوظبي إلى إحدى وجهات السياحة العالمية الراقية، واذكر وقتها كلمته التي قالها لي بأن قطار السياحة انطلق، وأنه سيجر خلفه العديد من القطاعات إلى المستقبل. كان سقف الأهداف التي تحدث عنها معالي الشيخ سلطان في الحوار أعلى بكثير مما نطالب به أو حتى نحلم به، وفي هذا الوقت كانت تلك الأهداف تبدو مثل الأحلام التي يصعب تحقيقها، ويومها كنت أقول في داخلي لو تحققت نصف هذه الأحلام سنحمد الله كثيراً.
احتفلت هيئة أبوظبي للسياحة بمرور خمس سنوات على إنشائها، وشاهدت معالي الشيخ سلطان وهو يرحب بالحضور والشركاء، وتذكرت الحوار الذي أجريته قبل خمس سنوات وابتسمت، شعرت برغبة في داخلي أن أقف بين الحضور وأقول لهم إن هذا الرجل أوفى ما وعد به منذ خمس سنوات، وإن هؤلاء الرجال من حوله أوفوا بما وعدوا به وأكثر، وإن أبوظبي الآن لديها صناعة سياحة بمعناها الحقيقي، وإنها أصبحت مدرسة لصناعة السياحة تتعلم منها دول سياحية اخرى، وإن أبوظبي أصبحت لديها كوادر مواطنة لها خبرات لا تقل عن خبرات دول العالم السياحية الكبرى. كما أن تجربتنا صارت مثالاً يحتذى في الفكر والتخطيط والعمل والإنجاز، وشتان بين ما كانت عليه قطاعات السياحة منذ خمس سنوات، وما هي عليه الان، لقد حققت هيئة أبوظبي في خمس سنوات أحلاماً مستحيلة، وقدمت نموذجاً محلياً وعربياً وعالمياً في كيفية العمل والتخطيط وبلوغ الأهداف.. ولا مبالغة إذا أطلقت عليها هيئة تحقيق الأحلام..
تحية إلى هؤلاء الرجال، وإن كانوا يستحقون أكثر كثيراً من التحية، ولكنني لا أملك إلا هذه الكلمات أقدمها لهم وهم يحتفلون بعامهم الخامس.