شركات التطوير العقاري تتحصن بـ«المشتري النهائي» لاستكمال المشاريع
تتحصن شركات التطوير العقاري بـ»المشتري النهائي»، وتساعده على مواصلة سداد الدفعات سعياً وراء استكمال المشاريع في موعدها المحدد، وتحاشياً لتهديد ضعف مصادر التمويل الذي يعوق الخطط المستقبلية لقطاع شهد خلال السنوات الخمس الماضية ازدهاراً غير مسبوق.
وأكد خبراء في مجال التطوير العقاري أن السوق العقارية في الإمارات والمنطقة لاتزال تواجه تحدي النقص الشديد في السيولة والحصول على تمويل لمواصلة مشاريعها المستقبلة.
وأوضح هؤلاء أن الأزمة المالية العالمية وما صاحبها من تداعيات على قطاع المصارف العالمي والمحلي قادت إلى التحفظ الشديد في الإقراض، ودفعت المطورين إلى البحث عن حلول بديلة لمواصلة مشاريعهم القائمة، وتدبير موارد مالية لمواصلة النمو.
ورغم بوادر انفراج في عمليات التمويل بالنسبة للمطورين وكذلك الأفراد، إلا أنها لم تستطع حتى الآن تحريك السوق بالشكل المأمول.
وشدد الخبراء على هامش فعاليات «سيتي سكيب دبي 2009» على أهمية عودة القطاع المصرفي ومؤسسات التمويل لتقديم تسهيلات ائتمانية مناسبة مع الأخذ في عين الاعتبار الضمانات الكافية من قبل البنوك، وذلك بهدف تحريك الطلب على القطاع العقاري، خاصة على المشاريع التي شارفت على الانتهاء.
وقالت جيسي داونز، مديرة الأبحاث والخدمات الاستشارية في مؤسسة لاندمارك الاستشارية، إنه رغم استعادة بعض الاستقرار النسبي في سوق العقارات خاصة دبي، إلا أن ديناميات العرض الكلي لا تدعم عملية تعافٍ عام لأسعار الشقق في دبي على المدى المنظور.
وأضاف: «الطلب على الشقق في دبي قد اتجه نحو الوحدات السكنية ذات التكلفة المعقولة، ولكن هناك مشاكل في عمليات التمويل العقاري».
وفيما تظهر علامات انفراج في مستويات السيولة نتيجة حزمة الإجراءات الحكومية التي اتخذتها حكومات الخليج وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي قامت بسلسلة من الإجراءات التحفيزية التي أعادت الثقة بين المقرض والمقترض ووفرت الائتمان بأسعار فائدة معقولة، فإن السياسة الانتقائية والحذر الشديد من قبل البنوك في الإقراض من شأنهما أن يعيدا صياغة خريطة الاستثمار العقاري في السنوات المقبلة.
وأوضح هاني عبدالرحيم البلتاجي مدير التطوير في شركة إشراق العقارية أن البنوك بلغت حالياً الحد الأقصى للإقراض العقاري، مما تسبب في مواجهه عدد من المطورين صعوبات في عمليات الحصول على التمويلات اللازمة لمواصلة النمو.
ولكن بالمقابل، بدت هناك بوادر مشجعة نحو عودة التمويل العقاري للأفراد «المشتريين النهائيين»، وذلك بعد أن أخذت أسعار الفائدة على القروض بالانخفاض بشكل ملحوظ، وبدأت أحجام القروض تنمو بعد أن تجمدت لفترة ليست قصيرة، خصوصاً الإقراض السكني والعقاري.
وأضاف أن التشريعات والالتزامات الجديدة على المطورين والمشتريين، حولت السوق من سوق مضاربة إلى سوق نهائي، الأمر الذي صب في مصلحة الطرفين، المطورين من جهة الحصول على دفاعات مقدمة من المشترين وأقساط دورية تمثل مصدراً للدخل ينفق على تمويل المشاريع، وكذلك بالنسبة للمشتري النهائي الذي بات أكثر تأكداً من جدية المطور.
وأشار إلى أن عمليات التمويل العقاري في أبوظبي تسير بصورة جيدة نظراً لأن السوق لاتزال في بداية مرحلة التسليم للمشاريع، خاصة التي تتيح التملك الحر للأجانب.
بدوره، أكد ماركوس جيبيل الرئيس التنفيذي لشركة ديار للتطوير أن «هناك بوادر تحسن في مجال الرهن العقاري في دبي والإمارات ولكنه بطيء ومقيد».
وقال لـ»الاتحاد» على هامش معرض سيتي سكيب إن «الوضع بالنسبة لتمويل الرهن العقاري للعملاء يتحسن بشكل بطيء، وهو الآن أفضل مقارنة بالفترات السابقة، كذلك الأمر بالنسبة لطلبات تمويل المشروعات الكبرى التي تتقدم بها شركات التطوير العقاري».
وأضاف: «البنوك لاتزال متشددة في منح التمويلات لهذه النوعية من المشروعات ويتم التعامل معها بانتقائية وتحفظ شديدين مما يؤثر بشكل غير مباشر على استراتيجية التوسع المستقبلية للشركات الراغبة في التوسع في مناطق جغرافية مختلفة». وبدوره، يرى نومان خان نائب أول الرئيس للمبيعات في «سيتي اوف أريبيا» أن ضعف قنوات التمويل يمثل بالفعل تحدياً للعديد من المطورين العقاريين في هذه المرحلة.
لكن في الوقت ذاته، يمثل ميزة للشركات العقارية التي تتمتع بمصادر تمويل ذاتية وتعتمد في مشاريعها على محفظتها المالية الخاصة.
وتستفيد تلك الشركات من التباطؤ في النشاط العقاري الذي قاد إلى انخفاض أسعار مواد البناء والتكاليف مما ساهم في الإسراع في تنفيذ المشاريع وتسليمها في موعدها المحدد.
وقال: «من المهم حالياً أن تستأنف البنوك عمليات التمويل بالنسبة للأفراد، وأن تعود مجدداً للترويج لهذا النشاط».
وتوقع أن يشهد العام المقبل تحولاً نسبياً في مجال التمويل العقاري مع ارتفاع مستويات السيولة لدى البنوك، الأمر الذي سيعزز بدوره الثقة من قبل المستثمرين في القطاع.
واعتبر أن وصول الأسعار إلى مستويات منخفضة وما رافقها من تراجع في أسعار مواد البناء والسلع وانهيار نسب التضخم، كلها عوامل يمكن أن تسهم في إعادة فتح شهية الاستثمار العقاري.
وأرجعت تقارير عقارية وجود بوادر الانتعاش في أسواق الائتمان المحلية إلى السهولة النسبية في الوصول إلى التمويلات والتسهيلات في أسواق الدين الأولية، حيث يمكن ملاحظة أن معدلات الفائدة التي تتحملها الجهات المصدرة للسندات والصكوك قد بدأت بالانخفاض، وما رافقها انخفاض ملحوظ في معدلات تأمين تعثر السندات، والتي تراجعت بنسبة 40% في دبي خلال الأشهر الماضية.
المصدر: دبي