عادل زناتي (القاهرة)

قبل شهرين، كانت القاهرة على موعد مع موجة إشاعات جديدة، بشأن ارتفاع سعر صرف الدولار وسط تكهنات بأن يصل سعره إلى 20 جنيهاً للدولار، ولكن اليوم يواصل الدولار مسلسل الهبوط في سوق الصرف المصرية، حيث انخفض دون 17 جنيهاً للمرة الأولى منذ عامين.
ونجاح الحكومة المصرية في الإصلاح الاقتصادي هزم التوقعات المتشائمة للبنوك والمؤسسات الدولية قبل أشهر قليلة، حيث توقعت كل من «كابيتال إيكونومكس» و«فوكس إيكونوميز»، زيادة في سعر الدولار بنسبة تدور حول 5% في مصر.
وتراجع سعر الدولار منذ بداية 2019 من 17.78 جنيه للشراء، و17.88 جنيه للبيع، إلى 16.99 للشراء و17.09 للبيع في منتصف مايو، أي أن سعر الدولار فقد نحو 87 قرشا من قيمته أمام الجنيه المصري خلال أقل من 5 أشهر.
ويتوقع استمرار تراجع أسعار صرف الدولار الأميركي في مقابل الجنيه المصري إلى نحو 16.5 جنيه للدولار، هكذا أكدت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر السابق، لـ«الاتحاد». وقالت: إن المؤشرات الاقتصادية في تحسن كبير، ومخاطر الاقتصاد انخفضت وبالتالي تحسنت الجدارة في مؤشرات «فيتش» و«ستاندرند أند بورز» و«موديز»، فضلاً عن موافقه صندوق النقد علي صرف شريحة بنحو ملياري دولار من قرض الصندوق خلال الشهر الماضي، إلى جانب عن زيادة المعروض من العملة مع وجود هامش كبير بين الفائدة علي الشهادات المصرية وشهادات العملة الأجنبية.
وأوضحت الدماطي أن سعر العملة يحدده العرض والطلب، والعرض زاد نتيجة ارتفاع إيرادات السياحة وزيادة تحويلات المصريين من الخارج والاستثمارات غير المباشرة وارتفاع إيرادات قناة السويس وزيادة حجم الصادرات المصرية، في الوقت ذاته ترشيد لطلب على الدولار، ومن ناحية أخرى حقل ظهر في البحر المتوسط بدأ في الإنتاج فخفف الاستيراد، وكذلك الآذون التي تم طرحها بالدولار واليورو 2019 لاقت إقبالاً كبيراً، مشيرة إلى أن كل هذه العوامل أدت إلى الوفرة في العملة، وبالتالي فإن سعر العملة انخفض.
وفسر البنك المركزي المصري تراجع سعر صرف الدولار بـ«تدفقات النقد الأجنبي من مصادر متعددة»، و«زيادة استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية وإيرادات السياحة»، بحسب تقرير أخير لوكالة «رويترز» للأنباء.
من جانبها، قالت بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن نجاح البرنامج الاقتصادي في تحقيق أهدافه أدي إلى تراجع سعر الدولار أمام الجنيه، واصفة التراجع بـ«الأمر الطبيعي». وأضافت فهمي أن آليات سعر الصرف يحددها نمو الناتج المحلي وقطاعات الاقتصاد المختلفة والميزان التجاري والحكومة نجحت في ذلك.
وشددت فهمي على أن زيادة الإنتاج المصري من السلع البديلة التي كان يتم استيرادها، أدى إلى تخفيض الطلب على الدولار، وبالتالي انخفض سعره، كما أن عام 2019 شهد دخول تدفقات نقدية من العملة الأجنبية تخطت 1.5 مليار دولار ساهمت في خفض سعر الصرف، بما يعكس ثقة المستثمرين الأجانب والصناديق العالمية في الاقتصاد المصري.
بدوره، أرجع فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، تراجع أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه إلى زيادة حصيلة مصر من مصادر النقد الأجنبي، من السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، فضلاً عن زيادة صناديق الاستثمار الأجنبي والتي جاءت في صورة سندات وليس أذون خزانة، متوقعاً استمرار التراجع خلال العام الجاري 2019 حتى يصل الدولار إلى 16.5 جنيه.
وقال محمد راشد، أستاذ الاقتصاد بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بنى سويف، لـ«الاتحاد»: ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار، جاء بسبب التحسن الذي طرأ على الصادرات وقطاع السياحة وتحويلات العاملين في الخارج، مع انخفاض ملحوظ في فاتورة الواردات، نظراً لتحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز.