ديون الأسواق الناشئة تستفيد من معاناة اليونان
انقضت الأيام التي كانت توصف فيها ديون الأسواق الناشئة بالخطيرة، والأسواق الغربية هي الملاذ الآمن لأموال المستثمرين. ويعود الفضل في ذلك نسبياً للأزمة اليونانية، وللديون التي تثقل كاهل العديد من البلدان الأوروبية بما فيها المملكة المتحدة، وأميركا، واليابان.
وفي غضون هذا الاضطراب الذي يسود العالم، أصبحت فوائد السندات اليونانية قصيرة الأجل، الأعلى في العالم. وبهذا تكون قد تجاوزت فنزويلا والأرجنتين، اللتان نبذهما سوق السندات العالمي لفترة طويلة. وهُناك العديد من الدول الغربية وليست تلك الواقعة في منطقة اليورو فحسب، تعاني من عجوزات ضخمة في ميزانياتها، وديون متزايدة، ومستقبل نمو لا يبشر بالخير.
وفي المقابل، يتمتع عدد كبير من بلدان الأسواق الناشئة باقتصادات قوية، وعجوزات قليلة في ميزانياتها، وفائض في حساباتها الجارية، واحتياط كاف من العملات الأجنبية. ويأتي اقتصادها الحالي في الإنفاق كنتيجة مباشرة للدروس المستفادة من الأزمات الماضية التي مرت بها المنطقة.
ويقول أندرو ويلسون رئيس قسم الدخول الثابتة العالمية في جولدمان ساكس “بالنظر للأسس، نجد أن أفضل الأسواق الناشئة هي تلك التي تخلو أصولها من أي مخاطر، وأن هذه الأسس تبدو في حالة أفضل مقارنة مع العديد من الدول المتقدمة، وجرت العادة أن يتمتع العالم المتقدم بمسؤولية مالية وعجز مالي منخفض”، والآن حدث تحول كبير في ذلك، حيث أصبحت الدول النامية هي التي تتميز بعجوزات مالية وديون منخفضة. ونتج عن ذلك أن المستثمرين وعند قيامهم بتحويل أموالهم خارج الولايات المتحدة أثناء الأزمة، فضلوا سندات الشركات، وأسهم الأسواق الناشئة وسنداتها.
واستقبلت صناديق السندات في الأسواق الناشئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام كميات كبيرة من الأموال، تفوق الأرقام القياسية التي سجلت في 2005، أي 15,3 مليار دولار، مقارنة بنحو 9,7 مليار خلال الاثني عشر شهراً في 2005.
ويقول مايك جوميز نائب مدير إدارة محفظة الأسواق الناشئة في بيمكو “ساعدت الأزمة اليونانية في زيادة فوائد الأسواق الناشئة وزيادة وتيرة التحول نحوها، وهو التوجه الذي قد يستمر لفترة من الوقت. كما أن الأسواق الناشئة ليست محصنة تماماً طالما أن هُناك تذبذباً في الأصول”.
وزادت بيمكو، وهي ثاني أكبر صندوق للسندات في العالم، مخصصاتها في الأسواق الناشئة في الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي قللت فيه من وجودها في الأسواق المتقدمة مثل المملكة المتحدة. وتلتها في ذلك بعض الدور الاستثمارية، حيث ضاعفت أفيفا الاستثمارية مثلاً استحواذاتها من أصول الأسواق الناشئة في غضون الأشهر الستة الماضية. ويقول الاستراتيجيون إن الأموال التي يتم ضخها في الأسواق الناشئة والاستثمارات ليست مدفوعة بالضرورة ببحث المستثمرين عن ملاذ، بل أيضاً تعتبر هروباً من الدول التي تعاني من المشاكل في محيط منطقة اليورو.
وباختصار لم يعد يهم المستثمرون سواء كان ذلك البلد ناشئاً أم متقدماً، بل ما يهمهم هو الأساس الذي يقوم عليه. وأن حكم المستثمرين يقوم على ما إذا كانت ديون بلد ما كبيرة أم قليلة، وأن الأداء المالي قوي أم ضعيف. كما لم يعد هُناك فرق معين بين الأسواق الناشئة وأصول البلدان المتقدمة، وأن القضية كلها تتعلق بمستوى الديون العامة. وفي الوقت الذي أبعدت فيه اليونان عن أسواق السندات، قامت دول مثل روسيا ومصر بطرح أسهم في الأشهر القليلة الماضية. ولاقت السندات العالمية التي طرحتها روسيا بنحو 5,5 مليار دولار أسعاراً قوية، بالرغم من أن هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها سندات منذ أن تأخرت في سدادها في 1998. وهُناك مخاوف من ارتفاع أسواق السندات في الأسواق الناشئة مما يجعلها في حاجة للإصلاح، كما أن هُناك مخاوف من زيادة التضخم أيضاً. وقامت بلدان مثل البرازيل، والهند، وماليزيا، بزيادة أسعار الفائدة في محاولة لإيقاف زيادة الأسعار، في الوقت الذي تتوقع فيه كوريا الجنوبية، وتركيا، والصين، والتي ضيقت سياساتها بالفعل من خلال زيادة متطلبات احتياطات رؤوس الأموال للبنوك التجارية، أن تزيد أسعار الفائدة هي الأخرى قريباً.
عن «فاينانشيال تايمز»
المصدر: أبوظبي