على إثر وقوع سلسلة من الهجمات والعمليات الإرهابية ذات الصلة بالباكستانيين، بما فيها محاولة تفجير سيارة مفخخة في ساحة "تايمز سكوير" بمدينة نيويورك مؤخراً، تزايدت أعداد الباكستانيين الذين كانت تربطهم صلات قوية بالولايات المتحدة، الذين بدأوا البحث عن وجهة جديدة لهم للعمل والتعليم والسفر. كما أثارت تلك الهجمات مشاعر الضيق والحرج لدى الكثير من الأميركيين من ذوي الأصول الباكستانية لدى زيارتهم لموطنهم الأصلي أو عودتهم للإقامة فيه. ومن رأي قادة جالية الأميركيين الباكستانيين أن استمرار الحياة تحت الشعور المستمر بأنك متهم ومشتبه بك، تأثيراته السيئة على الأفراد والمجتمعات دون شك. هذا وتشير المعلومات الواردة عن وكالة السياحة والسفر في باكستان إلى انخفاض واضح في عدد المسافرين إلى الولايات المتحدة من باكستان، بينما يبدو تراجع طلبات الحصول على تأشيرة الدخول لأميركا في السفارة الباكستانية في إسلام آباد. وعلى رغم إنهاء الحكومة الأميركية لإجراءات تفتيش إضافية لمواطني 14 دولة من بينها باكستان، على إثر محاولة تفجير فاشلة لطائرة أميركية أثناء هبوطها في مطار ديترويت في عطلة أعياد الميلاد العام الماضي، فإن كثيرين من الباكستانيين لا يزالون يشعرون بأنهم تحت المراقبة. تعليقاً على ذلك قال شايستا محمود -أحد قادة الجالية الأميركية الباكستانية- لقد وضعنا فيصل شاهزاد -المتهم بمحاولة تفجير السيارة المفخخة في ميدان تايمز سكوير مؤخراً- في هذا الموقف. وبالنتيجة باتت أجهزة الأمن ومكافحة الإرهاب الأميركية تنظر إلى أي واحد منا على أنه عنصر لا يستبعد أن تكون له صلة بالنشاط الإرهابي. أما في باكستان، فقد تزايد شعور الكثيرين بالضيق والرفض من قبل أميركا، بسبب تشديد إجراءات الرقابة على منح التأشيرات للمسافرين من إسلام آباد، إضافة إلى تشديد إجراءات تفتيش المسافرين القادمين من هناك لدى وصولهم إلى أي من المطارات الأميركية. وهذا ما دفع الكثيرين إلى القول بعدم رغبتهم في السفر إلى الولايات المتحدة مطلقاً، سواء كان ذلك بغرض السياحة أم للدراسة أم للعمل. تعبيراً عن هذا الشعور بالضيق والغضب من أميركا في أوساط عامة الباكستانيين، قال أرسلان اشتياق -أحد مستشاري التأشيرات بمدينة روالبندي، ولم يتلق أي استفسار أو طلب لإصدار تأشيرة دراسة في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين-: لقد أثارت كل هذه السياسات الأميركية المطبقة إزاء بلادنا، شعوراً عاماً لدى جيل كامل من الباكستانيين بأن الولايات المتحدة لم تعد لها رغبة في التعامل معنا. والمسألة الآن لا تتوقف عند حدود الصعوبة البالغة في الحصول على تأشيرة سفر لأميركا، بل يخشى القليلون جداً الذين يحصلون على تأشيرة السفر هذين اليومين من أن تورطهم أجهزة الأمن الأميركية في تهمة ما لدى وصولهم إلى هناك. في الوقت نفسه أعرب عدد من طلاب الدراسات التكنولوجية في إسلام آباد وروالبندي الذين كانوا على استعداد للتضحية بكل شيء حتى وقت قريب جداً من أجل العمل في أميركا، عن رغبتهم الآن في العمل في دول أخرى غيرها مثل بريطانيا وكندا وأستراليا والإمارات العربية المتحدة. وتحدث الكثيرون منهم عن إجراءات تفتيش مهينة يتعرض لها المسافرون الباكستانيون في المطارات الأميركية، بينما تحدث بعضهم غاضباً عن تصنيف جميع الباكستانيين على أنهم إسلاميون متطرفون دون تمييز. ومن رأيهم أن محاولة تفجير ميدان "تايمز سكوير" الأخيرة، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فبعدها سيعتقد الأميركيون أننا جميعاً إرهابيون، على حد قول أصلان خان، البالغ من العمر 21 عاماً وقد أنهى دراسته الجامعية للتو في تخصص تكنولوجيا الهواتف النقالة، وينوى السفر والعمل في جنوب أفريقيا. يذكر أن محاولة تفجير "تايمز سكوير" قد نتج عنها نشر مئات التعليقات من قبل المدونين الإلكترونيين وكتاب الأعمدة الصحفية وغيرهم في باكستان. وذكر بعض الشباب أن أصدقاءهم المقيمين في أميركا، اضطروا للكذب على مشغليهم بالقول إنهم من الجنسية الهندية حتى لا يخسروا الوظائف التي تقدموا بطلبات للعمل فيها، أو تلك التي يعملون فيها أصلاً. يجدر بالذكر أن لمئات الآلاف من الباكستانيين أقارب لهم في الولايات المتحدة الأميركية. غير أن الكثيرين من هنا في إسلام آباد وروالبندي قرروا عدم السفر لزيارتهم في الوقت الحالي تجنباً للإجراءات المهينة التي يتعرضون لها سواء من أجل الحصول على تأشيرة السفر، أم لدى وصولهم إلى المطارات الأميركية. وعلى حد تصريح نديم حيدر كياني -الناطق الرسمي باسم السفارة الباكستانية في واشنطن- فليس هناك تغيير أو تراجع في عدد الأميركيين الباكستانيين الراغبين في الحصول على تأشيرات سفر لزيارة موطنهم الأصلي. ولكن يصعب قياس هذا التغيير حتى نهاية موسم الصيف الحالي. والسبب أن الكثيرين يسافرون إلى باكستان في عطلة الصيف. وعلينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان سيتراجع عدد الراغبين في زيارة أهلهم وذويهم هذا الصيف. ومما رواه بعض الذين التقيناهم، أن إجراءات تفتيش المسافر القادم إلى الولايات المتحدة من باكستان تستمر لست ساعات كاملة في بعض الأحيان. بل قيل إنه يتم اعتقال البعض واحتجازه تحت ذمة التحقيق معه منذ لحظة وصوله. وأفاد عدنان خان -رئيس مجلس شؤون الأميركيين الباكستانيين- أن ابنه قد أوقف جانباً من أجل التحقيق معه لدى عودة الأسرة من زيارة إلى باكستان قبل ثلاث سنوات، على رغم أن الابن قد ولد ونشأ في الولايات المتحدة. وقال إن مثل هذه الإجراءات تخيف الآباء وتجعلهم يتساءلون عن مصير أبنائهم في الموطن الثاني الذي نشأوا فيه. وأكثر ما يخيف "السيد خان" أن ينشأ جيل كامل من الأميركيين الباكستانيين بحاجة إلى العلاج النفسي من انشغال الآباء بالحديث المستمر عن اتهامهم بالإرهاب والتطرف. تارا باهرامبور وباميلا كونستابل - باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»