عبير زيتون (دبي)

من شجون وهموم القصة القصيرة في الإمارات، وندرة أسماء كُتّابها، تبلورت عزيمة إنتاج أدبي مشترك، بين الكاتبة لولوة المنصوري، والقاص محسن سليمان، لجمع شتات نتاجات متفرقة من القصة الإماراتية في الألفية الجديدة، حمل عنوان «كلنا السدرة.. كلنا نشيد الموجة».
وصدر الكتاب مؤخراً عن اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، بالتعاون مع دار «العنوان» للنشر والتوزيع. وهو امتداد لكتاب «كلنا.. كلنا.. نحب البحر» ليكون دليل استرشاد، يمكّن الباحثين من وضع خريطة مبدئية ترسم ملامح تحولات الكتابة القصصية، وملامح كُتّابها مع تحولات الألفية الجديدة.
أما لماذا القصة القصيرة تحديداً، فتقول لولوة المنصوري لـ«الاتحاد»: كان النقاش قبل الفكرة منطلقاً من تساؤلات كثيرة، أهمها ما تمحور حول غياب الكتّاب المؤسسين للقصة الإماراتية، رغم أن البداية كانت واعية وعميقة، وما تم إنتاجه كان مستوفياً للبناء القصصي الرصين، ثم إن هنالك معاناة بارزة في المشهد الثقافي، حول ندرة الأسماء القصصية من كتّاب (الألفية الجديدة)، والتي نأت مؤخراً، وبشكل ملحوظ عن فن القصة، إذ أن ظاهرة غياب كتّاب القصة، لا زالت مستمرة مع كتّاب الألفية الجديدة، ما إن ينتج أحدهم مجموعة، أو مجموعتين حتى يستعجل بترك القصة، متجهاً للرواية، أو قد يختفي تماماً عن المشهد الثقافي.
وعن المغزى الكامن خلف هذا الجهد البحثي المشترك، في الإعداد والجمع، يقول القاص محسن سليمان لـ«الاتحاد»: كان هدفنا حصر، وجمع، وتوثيق المرحلة التي وصلت إليها القصة القصيرة في الإمارات، لذلك كان منهج وآلية الاختيار، واضحة أمامنا، وهم كتّاب القصة من جيل الألفية (أي من سنة 1999 حتى 2015) خاصة أن فكرة المجموعات المشتركة، توقفت منذ آخر مجموعة قصصية مشتركة بعنوان «نشيد الساحل.. صفير البحر» (1992) وقبلها بستة أعوام، كانت مجموعة «كلنا.. كلنا.. نحب البحر» (1986) وقد ضمّت هاتان المجموعتان، كتّاباً من جيل السبعينيات حتى أوائل التسعينيات.. ومن هنا كانت البذرة الأولى لولادة الإصدار الجديد «كلنا السدرة.. كلنا نشيد الموجة».
يلفت نظر القارئ في محتويات الإصدار الجديد الذي يضم 19 قصة قصيرة، موزعة على 103 صفحات، طغيان الصوت الأنثوي، وكثافة حضوره الأدبي، مقارنة بالحضور الخجول للقاص الإماراتي، الذي لم يتعد قصة «فكرة» لسلطان العميمي، و«شجرة الجن» لخالد الجابري، إلى جانب «شيء ما» لمحسن سليمان.
وتُعلق المنصوري على هذه الملاحظة بالقول: حملت القصة الأنثوية خطاباً أنثوياً جديداً، وهو أمر يدل على رغبة المرأة في المشاركة، والتفاعل الإيجابي من خلال إسهاماتها الثقافية والمجتمعية، بما يعكس وعيها الاجتماعي، ولكن الحيرة الكبيرة التي واجهتنا اكتشافُنا لظاهرة أننا لا نملك أثراً للقاص الغائب، سوى نصه القصصي الذي بقي بين أيدينا. ولعل أكبر الغياب كان من حظ المرأة الكاتبة! وأذكر على سبيل المثال: ليلى سالم الصم، فاطمة الكعبي، مريم المري، منى الحمودي، وغيرهن كثر.
وعن المنهج في آلية اختيار، وانتقاء النصوص، يقول محسن سليمان: بطبيعة الحال، هناك التقاء، وتقاطع في عملية البحث عن كتّاب القصة، وطبيعة القصة، لذلك كان الاتفاق على أن تكون القصة ناضجة أولاً، ومستوفية لعناصر القصة، وتعبر عن أحلام الكاتب، وآماله، وحزنه، وفرحه، وعن الهاجس الُملح في فهم ما يدور حوله، من معانٍ شمولية، في مفهوم الإنسانية، وبنظرة بانورامية منفتحة على العالم، والتحولات، حتى ولادة هذا الإصدار، الذي نطمح أن يثري القارئ، للتعرف على هذه الكوكبة من الأصوات الجديدة من كتّاب القصة في الإمارات.
وحول سيميائية العنونة «كلنا السدرة/‏‏‏ كلنا نشيد الموجة» تقول لولوة المنصوري: السدرة شجرة إماراتية مثمرة، تتقاطع في جذر حروفها مع كلمة (سَرَدَ) من استرسال وامتداد. أما «السدرة» سردياً فهي الإرث، والأثر، والحكي المنتشر. أما تأويلية «الموجة» فهي دلالة للتحول، والتجدد، والحراك القصصي.