خولة علي (دبي)

السوق الشعبي بدبي واحد من المشروعات التراثية التجارية، يجمع بين الأصالة والحداثة، لينسجم مع التطور السريع الذي تشهده مدينة دبي، ومواصلة الحفاظ على الهوية المحلية والوجه التراثي، مما يعطي انطباعاً وصورة دقيقة عن مدى عمق ومفهوم الأسواق الشعبية التقليدية، وتأثيرها في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع المحلي قديماً، حيث يمتد هذا السوق الواقع في بر ديره على مساحة 6125 متراً مربعاً، ويشتمل على 98 محلاً تجارياً، تصب أعمالها التجارية في محاكاة التراث، لتكون وجهة هامة للسياح للتعرف إلى الثقافة المحلية.

ساحة تراثية
المتأمل في ملامح هذا السوق يراه مرتدياً عباءة الأسواق التقليدية القديمة التي ما زالت تنتشي وتزدهر في العواصم العربية والإسلامية القديمة، من حيث تصميم الواجهات التراثية الداخلية والخارجية التي تعبر عن الأصالة، مع ساحة تراثية وسط المشروع تعكس مفهوم العرصة التاريخية التجارية لأسواق دبي القديمة، كمحطة لاجتماع القوافل قديماً وإجراء المعاملات التجارية من مقايضة وغيرها، وفي وقتنا الحالي نجد هذه الساحة مقصداً لاجتماع أصحاب المحال لتبادل الأحاديث الودية وتجاذب أطراف الحديث في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية، ومن جهة أخرى، نجد تصميم المحال التجارية في صفوف منتظمة تطل على ممرات أو سكيك تقابلها محال أخرى، مع تفاصيل تزخر بالزخارف والنقوش الهندسية والنباتية في الأسقف والأقواس والأعمدة، التي تتسم بطابع البناء المعماري التقليدي المحلي. والجميل في المكان أصحاب المحال من المواطنين الذين تمسكوا بتراثهم وحولوه إلى مصدر رزق لهم، كوسيلة لنشر الثقافة المحلية والتعريف بها بين الزوار من ثقافات أخرى.

نافذة تاريخية
يقول درويش الحداد، أحد التجار المهتمين ببيع التحف والمقتنيات التراثية في السوق الشعبي: تتنوَّع منتجات المحال التجارية في السوق الشعبي لتجذب مختلف الأذواق والميول، ولكنها لم تخرج عن المظلة التراثية التي تعتبر الإطار العام الذي يسير على نهجه هذا السوق، فيمكن أن يحظى الزائر بالتعرف على الأزياء الوطنية والعربية التراثية، وأن يقتني الأواني القديمة «الفخارية والنحاسية» وأدوات ومعدات الرحلات البرية والبحرية والحلي والعملات والمصوغات القديمة، والمنتجات السعفية والمشغولات اليدوية الحرفية الوطنية، وبعض الأجهزة القديمة كالمذياع ومشغل الأسطوانات، إلى جانب الكتب القديمة، وقطع السجاد اليدوي، والتعرف على مكونات الحجر الطبيعي من خلال المسابح والخزف، إضافة إلى الأسلحة التقليدية التي تحولت إلى تحف يمكن أن تزين بها المجالس، وهناك أيضاً بعض الهدايا التذكارية المحلية التي يمكن أن تكون خير ما يعبر به السائح عن ثقافة البلد الذي زاره لتبقى لديه ذكرى يسترجعها أو تسكن الذاكرة.

توثيق اللحظة
للراغبين في الاطلاع على ثقافة المكان الغذائية، تتوافر محال بيع الحلوى والتمور والمأكولات الشعبية والبهارات، كما يضم السوق استوديو لتوثيق اللقطات الشعبية التراثية التي تبقى محفورة في وجدان الزائر الذي سرعان ما يطبع في ذهنه مشهداً لإيقاع الأسواق التقليدية التي تضم في ثناياها عبق الماضي وأصالة التراث لتكون خير نافذة لقراءة تاريخ وثقافة المكان.