حسونة الطيب (أبوظبي)
في أم الدنيا، ليس هناك ما يدعو للعجب، طالما تقف الأهرامات شامخة كواحدة من عجائب الدنيا السبع، وخان الخليلي Khan Al Khalili، أعجوبة غير مدرجة لا تقل شأناً عن الأهرامات، تغوص السوق، في أعماق التاريخ، حيث كانت مقر إقامة الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، بيد أن بناءه تم في عهد الأمير جركس الخليلي، الذي ينتمي لمدينة الخليل.
وخان الخليلي، واحدة من بين 38 سوقاً، كانت موزعة أيام المماليك، لكن خان هي أشهرها ويعود تاريخها لأكثر من 600 عام، طراز إسلامي مميز، سقوف خشبية وأزقة مبلطة وسراديب تضم العديد من التحف النادرة والهدايا التذكارية، ومطاعم تقدم لك أشهى المأكولات المصرية الشعبية ومقاهٍ تحكي عراقة التاريخ.
عنبر وياسمين عقيق ومرجان زمرد وفيروز وفل وعطر الملك وأنواع مختلفة من البخور، كلها تستقبلها أنفك برغم عنها وأنت تدلف لشارع الموسكي، معبأة في زجاجات بأشكال وألوان تجمع ما بين الزيتي والأصفر والذهبي والبنفسجي.
وتشتهر هذه السوق، بثرائها في الحرف التقليدية والتراثية والمشغولات من النحاس والذهب والفضة، مصقولة بأشكال تؤكد مهارة حرفية عالية في الدقة، كما تزخر خان الخليلي، بالصناعات اليدوية من، سجاد وسبح وكريستال وآيات قرآنية مخطوطة على ورق البردي والجلود والملابس والأقمشة المطرزة والفوانيس والتماثيل الزجاجية والمعدنية والأحجار المختلفة. تبرع السوق أيضاً، في صناعة الأباجورات من الزجاج البلدي والمعشق، بجانب النرجيلة العربية.
ولاتقف السوق عند هذا الحد من الغنى والثراء الذي ربما يعد كبيراً بالمقارنة مع أسواق القاهرة الأخرى، حيث تعرض في اعتزاز وثراء الأنواع المختلفة من البخور المستورد والأعشاب الطبيعية والسيوف والأحزمة والخناجر والخوذات النحاسية والقطع الأثرية الفرعونية والأحجار الهندية واليمنية والحبشية.
كما تتميز محال ودكاكين خان الخليلي، بتخصصها في بيع بضاعة واحدة، فهذا يبيع المشغولات الذهبية، وآخر يبيع منتجات الأرابيسك، وثالث يبيع التحف الفرعونية المقلدة، ما يمكن الزائر من فحص المعروضات بدقة ليقتني ما يريد.
ومن أبرز الفنون التي حفظت لهذه السوق شهرتها وتميزها عن الأسواق الأخرى، صناعة النحاسيات والفضيات والأرابيسك والسجاد والتحف، التي برع فيها صناع مهرة، بجانب صناعة الأطباق والصواني وأطقم القهوة النحاسية والخزفية، والمنتجات الصدفية مثل، صناديق حفظ الحلي وطاولات الصدف والكراسي وغيرها. وتتلاصق الحوانيت في خان الخليلي، في ألفة غريبة تؤكد روح الأسرة الواحدة بصرف النظر عن المنافسة بينها، ليجد الزائر إلى القاهرة كل ما يدور بخلده في هذه السوق، بدءاً بالقطع الفرعونية المقلدة، انتهاء بالمشغولات اليدوية المتقنة.
ويروي المؤرخ العربي المقريزي، أن الخان هو عبارة عن مبنى مربع كبير يحيط به فناء، الطبقة السفلى منه عبارة عن حوانيت والعليا بمثابة المخازن والمساكن، وسُمي بهذا الاسم نسبة للشريف الخليلي، كبير التجار في عصر السلطان برقوق عام 1400.