تمكن آي فون الهاتف الذكي الذي تصنعه شركة آبل من اختراق السوق اليابانية، بل سرعان ما أصبح الأكثر مبيعاً، متحدياً الفكرة التي طالما سادت وهي أن سوق الهواتف المحمولة الكبرى في اليابان تنفر من الماركات الأجنبية. ورغم أن اليابان تكاد تخلو من شركات تصنيع الهواتف المحمولة غير اليابانية، فإنها تعد من أكبر أسواق هذا القطاع في العالم بما لديها من نحو 110 ملايين مشترك. يذكر أن نوكيا الفنلندية، وهي أكبر شركة هواتف محمولة في العالم انسحبت تقريباً من اليابان، كما أن سامسونج الكترونيكس الكورية الجنوبية، وريسيرش إن موشن الكندية (التي تصنع بلاكبيري) لم تتمكنا سوى من الاستحواذ على حصة صغيرة في السوق اليابانية. وتمكنت آبل من بيع 1.7 مليون هاتف آي فون أو ما يعادل 72 في المئة من الهواتف الذكية في السنة المالية المنتهية في 31 مارس الماضي في السوق اليابانية، وحقق الجهاز انتشارا واسع النطاق في اليابان من شأنه أن يضاعف حجم قطاع الهواتف المحمولة في السنة الماضية، بحسب مؤسسة إم إم ريسيرش للبحوث المتمركزة في طوكيو. ورغم ركود سوق الهواتف المحمولة عموماً في اليابان فإن مبيعات آي فون فيها زادت الى ثلاثة أمثالها في ربع السنة الأخير، بحسب شركة آبل المتمركزة في كوبرتينو كاليفورنيا. وبدأ نجاح آي فون يغير صورة السوق اليابانية من خلال زيادة حصة المورد الحصري لهاتف آي فون في اليابان شركة سوفتبنك التي سجلت مشتركين جدداً بمعدل يقارب ثلاثة أمثال معدل شركة إن تي تي دوكومو التي تعد أكبر مورد في السوق اليابانية وشركة كيه دي دي آي منذ إطلاق آي فون في اليابان عام 2008. وهناك عاملان ساعدا على انتشار آي فون، أولهما سياسة شركة سوفتبنك للاتصالات القابضة التي رفعت أسعارها مؤخراً، والعامل الثاني هو توجه السياسة الاقتصادية اليابانية الى تقليص مخصصات الدعم المالي المقدمة الى شركات الهواتف المحمولة في السنوات القليلة الماضية. ونتيجة لذلك أضحى آي فون أقل ثمناً من كثير من الهواتف المحمولة الجديدة في اليابان، وهناك عامل آخر زاد الإقبال على آي فون في اليابان هو إطلاق عدد كبير من تطبيقات آي فون تم تطويرها في اليابان، منها كتب فكاهية تقدم أشخاصاً من التراث الياباني مثل أستروبوي. واستحوذت آبل في السنة المالية السابقة على 5 في المئة فقط من مبيعات الهواتف المحمولة الجديدة في اليابان البالغ عددها 34 مليون جهاز، ولكن حصتها في توريدات الهواتف المحمولة زادت في الوقت الذي تقلصت فيه حصص منافسيها مثل باناسونيك وإن إي سي. وبالنسبة لشركة سوفتبنك اليابانية الكبرى، ساعد آي فون وحجم مرور البيانات الضخمة على أن تتجاوز الشركة تراجع متوسط الإيراد لكل مستخدم. يذكر أن إيرادات سوفتبنك ارتفعت في الربع الأخير، بينما تراجع إيراد دوكومو بنسبة 6 في المئة لكل مستخدم، وكيه دي دي آي بنسبة 9 في المئة. وفوجئ بعض المحللين بنجاح آي فون نظراً لأن الهواتف اليابانية أكثر تقدماً وتطوراً من معظم الهواتف الذكية الأميركية. والأمر لا يقتصر على أن معظم الهواتف المحمولة اليابانية تستقبل رسائل البريد الإلكتروني ولكنها مزودة أيضاً بآلات تصوير متقدمة وخاصية جي بي إس (رصد الموقع عن طريق الأقمار الاصطناعية) وتستقبل بثاً تليفزيونياً رقمياً، بل إنها تستخدم كذلك في أغراض أخرى كبطاقات ائتمان وتذاكر قطارات وبطاقات صعود طائرات. وحين لم يلق آي فون رواجاً في متاجر التجزئة في بادئ الأمر وقامت شركة سوفتبنك بخفض أسعار موديلات الهواتف القديمة، رأى منتقدون أن ذلك كان يشير الى إخفاق آي فون في اليابان. غير أن إطلاق آي فون ثري جي إس الأقوى والمزود ببطارية ذات عمر افتراضي أطول عام 2009 عمل على اجتذاب زبائن جدد. ويقول هايديكي واتاناب الذي يعمل بائعاً في إحدى وكالات الإعلان في طوكيو إنه تحول من هاتف ميديا سكين الذي تصنعه كيه دي دي آي وكيوسيرا الى آي فون السنة الماضية وإنه يشاهد حالياً مزيداً من الأشخاص يضعون آي فون على الطاولة أثناء اجتماعات رجال الأعمال. ورغم سيطرة آي فون على سوق الهواتف الذكية الناشئة في اليابان فإن فئة الهواتف المثيلة تبدأ في المزاحمة نظراً لأن منافسي سوفتبنك يسعون جدياً للحاق بموجة الهواتف الذكية الصاعدة. وكانت دوكومو قد أطلقت هاتف إكسبريا الجديد من صنع سوني إيريكسون والذي يعمل على نظام تشغيل جوجل المسمى أندرويد. وتقول دوكومو إن إكسبيريا باع في اليابان أكثر من 10 آلاف جهاز في الأسابيع الثلاثة الأولى من تواجده في السوق. كما أن كيه دي دي بصدد إطلاق موديلات هاتف ذكي من صنع شارب وتوشيبا الشهر المقبل، بينما بدأت سوفتبنك بيع جهاز محمول قوي اسمه ديزاير من صنع إتش تي سي. عن “وول ستريت جورنال”