أوروبا تتجه إلى زيادة إنتاج الغاز الصخري
أصبحت أحواض لوبلين وبودلاسي الصناعية في بولندا مناطق رئيسية لجذب شركات الطاقة العالمية الكبيرة التي تبحث عن مصادر جديدة في اوروبا. ووقعت الشركات الكبيرة مثل أكسون موبيل، وكونوكو فيليبس، وشيفرون، اتفاقات للحصول على امتيازات من الحكومة البولندية تحصل بمقتضاها على حق التنقيب عن الغاز الصخري في تلك المنطقة التي تعتبر من اكثر المصادر الواعدة للطاقة في العالم.
وفي الوقت الذي تعتمد فيه معرفة الحجم الحقيقي لاحتياطي الغاز وتكاليف استخراجه على الحدس فقط، يتفق الخبراء على أن الاهتمام باستخراجه هو قضية سياسية في المقام الأول وذلك لتنويع مصادر الطاقة بعيداً عن الاعتماد على روسيا.
ويقول ريتشارد مورنينج استار مستشار شركة يوروأشيا للطاقة “يمكن أن يكون الغاز الصخري واحداً من الطرق التي يتم بها تأمين الطاقة في المنطقة حيث يعتمد ذلك على نتائج هذه المشاريع. كما أن القضية هي ليست الاستقلال وعدم الاعتماد على روسيا، لكن القضية هي الوصول لتأمين كامل للطاقة في المنطقة”. وأضاف أن الاهتمام بالغاز الصخري أصبح قضية مفروغاً منها في اميركا، حيث أصبح مفهوم التنوع في السياسة الخاصة بالطاقة من المفاهيم المتطورة.
وباكتشاف احتياطات ضخمة قبل عدة سنوات، يمثل الغاز الصخري ما يقارب خمس ما تملكه أميركا من غاز طبيعي الآن، مقارنة بنحو 1% فقط في عام 2000. ويتفق خبراء الاقتصاد في مختلف بقاع العالم على الجدوى الاقتصادية للغاز الصخري.
وفي نوفمبر الماضي، وافقت شركة إستات أويل النرويجية على دفع 3.4 مليار دولار لشراء 32.5% من الأصول التي تملكها شركة شيسابيكي للطاقة في تكوينات مارسيلوس للغاز الصخري التي تعتبر واحدة من اكبر مصادر الغاز في قارة أميركا.
ويعتبر الغاز الصخري واحداً من أكبر الاكتشافات التي يشهدها هذا القرن حتى الآن، والذي من الممكن أن يحدث تغيراً جذرياً في مستقبل قطاع الوقود في اميركا الشمالية. وفي اوروبا لم تبد الحكومات رغبتها في الغاز الصخري إلا مؤخراً.
ومن المنتظر أن يزيد الطلب على الغاز الطبيعي عالمياً خلال العشرين سنة المقبلة، مع حاجة اوروبا لتضاعف من صادراتها الى 476 مليار متر مكعب، وذلك حسب البيانات الواردة من مركز كامبريدج لأبحاث الطاقة.
ويقدر مدير مركز أبحاث علوم الأرض الالماني جيو فورشينجز زينتروم في مدينة بوتس دام، ما تملكه اوروبا من غاز صخري بنحو 510 تريليون قدم مكعب وذلك ما يساوي 5% من الاحتياطي العالمي.
ويقول المركز “تحتوي اوروبا على أهداف رئيسة من الغاز مثل، بولندا، وألمانيا، والمجر، ورومانيا، وتركيا والتي تلقت مقترحات من شركات طاقة اميركية بالفعل”.
ويؤكد خبراء في هذا القطاع صعوبة تقدير تكاليف وأرباح الغاز الصخري في منطقة اوروبا بالنسبة للمستثمرين، على الأقل في السنوات القليلة القادمة.
ويقول آندي بريستون مدير شركة هالي بورتون في قارة اوروبا “بما أننا مازلنا في مرحلة الاكتشافات، فمن الصعب معرفة إمكانية الأرباح، حيث من المرجح الوصول لأفكار مفيدة في غضون الثلاث الى الخمس سنوات القادمة”.
ويعتبر استخراج الغاز الصخري أكثر تعقيداً وتكلفة من الغاز الطبيعي، وذلك لعدم كثافة تركيز الاول، وكذلك ينبغي حفر آبار عديدة منه لاستخراج نفس الكمية من الغاز الطبيعي. كما أن هناك عوائق بيئية أيضاً، حيث يدفع الغاز الصخري بكميات كبيرة من المياه المالحة الى السطح مما يعني ضرورة شفط هذه المياه حتى لا تتسبب في تلوث مياه الشرب في المناطق المحيطة.
ومع ذلك، قررت الحكومة البولندية بناء محطة للغاز الطبيعي بالرغم من التكاليف الكبيرة حيث دعت الشركات الأميركية للعمل في مجال الغاز الصخري، حيث سيتم استيراد الغاز الطبيعي من دولة قطر. ومن الأهداف التي ترمي لها بولندا في المدى البعيد، عدم الاعتماد على استيراد الغاز من روسيا، التي تمثل 95% من واردات بولندا النفطية.
كما تخطط بولندا لربط خط أنابيبها بغرب أوروبا خاصة المانيا، وبوسط اوروبا للتمكن من إرسال الغاز في حالات الشح مثل تلك التي حدثت اثناء الخلافات الروسية الاوكرانية في أواخر 2005، و2008. وعلاوة على كل ذلك، توصلت بولندا لقرار سياسي باستجلاب الشركات الأجنبية لاستكشاف الغاز الصخري.
واعترفت وزارة البيئة بأن لاعلم لها حتى الآن بحجم احتياطي الغاز الصخري في البلاد حيث قالت المتحدثة باسم الوزارة ماجدولينا سيكورسكا “سنتوصل الى ذلك حالما تنتهي الشركات من أعمالها الخاصة بالاكتشافات”.
ولم تدل الشركات الحاصلة على الامتيازات بأي حديث يخص الجدوى التجارية، كما أنه لم تتوقع أي منها المدة الزمنية التي يستغرقها الكشف عن الغاز الصخري، او ما إذا سيكون ذلك ذو عائدات مادية أم لا.
ويجدر بالذكر أن شركة إكسون موبيل حصلت على خمسة امتيازات، اثنان منها في حوض لوبلين، وثلاثة أخرى في حوض بودلاسي. ويقول باتريك ماك جين المتحدث باسم الشركة “يتم تقييم هذه الامتيازات على حسب مقدرتها على إنتاج الغاز الصخري، كما أنه لا يمكننا توقع الزمن الذي ستبدأ فيه أعمال الحفريات. كما أنه ليس بإمكاننا التعليق على حجم المصادر المحتملة، ومعدلات إنتاجها”.
وحصلت كونوكو فيليبس على امتياز البحث عن الغاز الصخري في حوض بحر البلطيق شمال بولندا. أما شيفرون فقد منحت أربعة تراخيص للبحث في نطاق 405 آلاف فدان في منطقة لوبلين.
ومن أسباب تحفظ بعض الشركات هو صعوبة تقدير تكاليف حفر الغاز الصخري في اوروبا، حيث لاتزال اوروبا وليدة في هذا المجال وتؤول السيطرة حالياً لأميركا. وعلى أي شركة ترغب في عمليات الكشف عن الغاز الصخري، بغض النظر عن الحفر، الاعتماد على الخبرة الاميركية سواء من معدات، وعمالة، وخبرات، مما يضيف تكاليف هائلة.
ويذكر ميخائيل كوركيمكين مدير مؤسسة غرب اوروبا الاستشارية لتحليلات الغاز بأن قلة المعلومات التجارية هي التي ساعدت في الأهمية التي اكتسبتها الامتيازات البولندية المبكرة. قائلًا “ستفصح النتائج التي يتم التوصل إليها في بولندا عن مدى الجدوى الاقتصادية والاستثمارية لهذه الاكتشافات”.
عن “إنترناشونال هيرالد تريبيون”
المصدر: أبوظبي