المنامة (الاتحاد) - بعيداً عما يحدث داخل «المستطيل الأخضر» هناك عمل أكثر وأشمل خارجه، وأثبتت «خليجي 21» أن إدارة المنتخبات المشاركة ليست في قبضة «الدكة»، من خلال المدير الفني وجهازه المعاون، أو المدير الإداري ذي الصلاحيات الرقابية، ولكن يتم أيضا وبصورة أكثر كثافة وخطورة على مستوى رؤساء الاتحادات الخليجية الثمانية المشاركة في النسخة المقامة حالياً بالبحرين. ويقوم رؤساء الاتحادات الخليجية بجهود جبارة، وعبر رحلات مكوكية من مقر إقامتهم بـ «فندق ومنتجع الريتز»، بضاحية السيف، إلى مقرات إقامة المنتخبات المشاركة والموزعة على فندقي «الدبلومات وكراون بلازا»، المسافتان بين مقر القيادات ومنتخباتهم لا تتجاوز 25 كيلو متراً، ولكنها رغم ذلك فإنها تبدو كبيرة، خاصة إذا تم قطعها أكثر من 3 مرات يومياً ذهاباً وإياباً، مما يعني أن رؤساء الاتحادات يسافرون بالسيارات أكثر من 100 كيلو متر على الأقل للتواجد بقرب المنتخبات، والقيام بدور أكبر وأكثر تأثيراً سواء عبر زيارات مفاجئة، أو خلال التواجد المنظم مع اللاعبين. ورغم أنها ترفع شعارات «الدعم النفسي والمساندة الرسمية»، إلا أن دوافع وبواعث الزيارات أعمق وأشمل من ذلك، فلا يمر يوم في بطولة «خلجي 21»، دون أن يجتمع رئيس الاتحاد باللاعبين تارة، أو الجهازين الفني والإداري مرة أخرى، لاستطلاع الرأي حول أجواء الإقامة والتدريبات والحديث في الشؤون الفنية لدى بعضهم، أو الاطمئنان على اللاعبين، خاصة النجوم الكبار، ويبدو أن ضغوط المنافسة الساخنة التي يعيشها أي مسؤول عن كرة القدم، والتي تسببها ردود الفعل الإعلامية والجماهيرية في الدول المشاركة بالبطولة، يجعل مسؤولي الاتحادات هم الأكثر تخوفاً من النتائج السلبية، لمعرفتهم بصعوبة ردة الفعل أولاً، وتبعات الخروج «الباهت» من البطولة دون ترك بصمة أو انطباع جيد. وتحول دور رؤساء الاتحادات من مجرد القيادة الإدارية إلى دور «المعد النفسي» في بعض الأحيان أو الأب والقائد الأول في أحيان أخرى، وبين الدورين يكون الهدف الأهم، وهو تشكيل حائط صد قوي يمنع تأثيرات التغطية الإعلامية المكثفة على اللاعبين، فضلاً عن امتصاص أي ضغوط أخرى ربما تحدث داخل المنتخبات المتنافسة لأي سبب. إلا أن مواجهة الضغط الإعلامي، بل واستغلال القرب من الفريق الإعلامي المرافق من الدولة نفسها، والعمل على توجيهه لدعم المنتخبات، خاصة التي خسرت مواجهاتها الأولى أو حتى الخروج بنتيجة التعادل، هو اللافت في تحركات رؤساء الاتحادات الخليجية الذين باتو الظاهرة الأكثر تأثيراً ونفوذاً بالبطولة، سواء خلف الستار أو أمامه!. ضغوط كبيرة وتعيش بعثة المنتخب السعودي حالة من الضغوط الهائلة، على خلفية تراجع المستوى الفني لـ «الأخضر»، والذي ترجمته أول خسارة أمام العراق، ويعتبر أحمد عيد رئيس الاتحاد السعودي هو الأكثر تواجداً نظراً لحاجة «الأخضر» إلى الدعم الرسمي، وبث الثقة والعمل على حل مشكلته المتأزمة، والتي أصبحت ظاهره للعيان، وآخرها أزمة «شارة الكابتن» التي انتهت بتحقيق موسع وعقوبة داخلية على الجهاز الإداري، بل تعدتها إلى قرارات إقالة تأخذ طريقها إلى حيز التنفيذ عقب نهاية البطولة. ورغم كل الزيارات المكوكية من رئيس لاتحاد لمقر بعثة المنتخب السعودي، والتي زادت لتصبح 3 مرات يومياً، إلا أن رئيس الاتحاد، لم يترك مناسبة، إلا وواجه وسائل الإعلام، وخاصة السعودية «الغاضبة» بشجاعة، وجدد الثقة بالمدرب الهولندي فرانك ريكارد، ولم يعبأ بمطالب كل أطياف الشارع الرياضي السعودي بإقالته، بل طالب بضرورة الكف عن النقد والبدء في الدعم إعلامي وإغلاق ملف الخسارة الأولى. وأسفرت لغة عيد وأسلوبه الهادىء عن تحول مفاجئ في موقف القنوات الرياضية السعودية، بداية من أمس فقط، حيث رفعت شعار «دعم المنتخب»، وتوفير الهدوء للاعبيه، والكف عن النقد الذي تحول في بعض المواقف إلى «هدم وتقطيع»، خاصة أن الفوز المتوقع لـ «الأخضر» السعودي على اليمن مساء اليوم، سيكون بداية استعادة الثقة الضائعة، والسعي نحو استكمال المنافسة للتأهل للدور الثاني. أما على مستوى الجلسات النفسية مع اللاعبين، فقد تركزت على ضرورة استعادة الهدوء والتركيز، والكف عن التفكير في أي شيء، سوى ضرورة مواصلة المشوار نحو النهائي، كما أثمرت الجلسات المكثفة بين الرئيس واللاعبين والمدرب، عن الحد من التصريحات وإغلاق الأبواب أمام أي مدخل يثير الشارع الرياضي والرأي العام ضد المنتخب. ومن جانبه أعترف عيد باهتمامه بالحضور لمقر إقامة «الأخضر»، وقال «أنا القائد للكرة السعودية الآن، وأتحمل كل ما يحدث لها، وبالتالي يجب أن أكون قريباً من اللاعبين، فهم أبنائي، والكل يجب أن يشعر أننا في سفينة واحدة». تنظيم مختلف أما المنتخب العراقي، فكان التنظيم الإداري وما يرتبط به من تصريحات ومواقف وقرارات وزيارات رسمية أو اجتماعات مختلفاً تماماً عن البطولة السابقة التي شهدت تخبطاً في التصريحات والمواقف، وانقسام حول استمرار المدرب سيدكا من عدمه، غير أن التوحد خلف ناجح شاكر المدرب الوطني، وسيطرة نزعة التضحية من أجل العراق، باتت هي النبرة التي يتحدث بها الجميع، وتظهر بوضوح في الزيارات القليلة لناجح حمود رئيس الاتحاد العراقي المشغول بشكل أكبر في تحركات مكوكية لإقناع رؤساء الاتحادات بجاهزية بلاده لاستضافة «خليجي 22»، فضلاً عن تفضيله التواجد في التدريبات والمباريات بشكل أكبر، وترك بدلاً منه نائبه حكيم مسعود الذي تولى مهام رئيس البعثة والمقيم بمقر «أسود الرافدين» نفسه. وعن هذا الدور قال حكيم «هناك تنسيق وتواصل دائم مع قيادة الاتحاد العراقي، نحن مع «الأسود» يومياً في كل مكان، من التدريبات إلى الغرف والمطعم والاستراحة وكل غرفة يتواجد فيها أبناء المنتخب، نحن موجودون فيها»، وشدد على أن الهدف هو« لم الشمل» دائماً وحل أي مشكلات صغيرة قد تحدث، وهذا هو الهدف من أي دور إداري». حضور كويتي أقل كان حضور الشيخ طلال الفهد رئيس الاتحاد الكويتي أقل من نظيره السعودي، ورغم ذلك اكتفى الفهد بإطلاق تصريحات أشبه بـ «بالونات اختبار» لرفع الضغط عن لاعبي «الأزرق» كعادة «أبناء الشهيد»، عندما تحدث عن احتمال تجميد النشاط والخروج من البطولة، وعدم أداء مباراة العراق مساء اليوم، ورغم نفي البعثة الكويتية أن تكون تصريحات الشيخ هدفها التأثير سلباً على المنتخب العراقي وإصابة لاعبيه بالتراخي، إلا أن تاريخ تصريحات «آل الفهد» وأسلوبهم الخاص في إدارة البطولة إعلامياً ونفسياً، أصبح معروفاً.! وعلى الوتيرة نفسها يسير الشيخ أحمد العيسي رئيس الاتحاد اليمني، الذي يحرص على التواجد، ولكن بشكل أقل، في مقر الإقامة، وكذلك في التدريبات، ويبدو أن هناك قناعة يمنية بأن المنتخب المكون أغلبه من لاعبين صغار في السن، وعدد من الوجوه الجديدة، وبالتالي قد يتأثر بالدعم النفسي الزائد، فضلاً عن تقبلهم الهزيمة المتوقعة من منتخبات المجموعة الأكثر خبرة وقوة وتمرساً في البطولة التي لم تشهد أي فوز لأبناء اليمن السعيد منذ انضمامهم لها. ويرى عبد الوهاب الزرقا مدير المنتخب أن الشيخ أحمد العيسي ومجلس إدارة الاتحاد يقومان بدور إداري كبير وجبار، بهدف رفع معنويات اللاعبين وتحميسهم، نظرا لقناعتهم بفارق الخبرة والإمكانيات في المجموعة، وقال «الحضور الإداري مهم للغاية، وله تأثير نفسي ومعنوي على اللاعبين، وهناك تواصل تام بيننا وبين العيسي ومسؤولي الاتحاد وهم موجودون معنا من اليوم الأول». البوسعيدي يلم الشمل المنامة (الاتحاد) - تشهد «خليجي 21» حضوراً مختلفاً لخالد البوسعيدي رئيس الاتحاد العُماني لكرة القدم، ويسعى لـ «لم الشمل» العُماني ودعم المدرب الفرنسي لوجوين، الذي تم تجديد عقده حتى 2016، في خطوة لا يتخذها رؤساء اتحادات خليجية أخرى، وهي تعبر عن ثقة كاملة، سواء في الجهاز الفني الفرنسي أو في المجموعة الحالية من اللاعبين، خاصة بعد تجديد دماء «الأحمر» العُماني. مهمة مزدوجة لحمد بن خليفة المنامة (الاتحاد) - الحضور القطري كان له شكل آخر، أو يمكن وصفه بـ «المزدوج» وذلك نتيجة لـ «أزمة التصريحات» التي نشبت بين الشيخ حمد بن خليفة رئيس الاتحاد القطري، والشيخ أحمد الفهد رئيس اللجنة الأولمبية الآسيوية، والتي تم حلها ودياً على عشاء أخوي بمجلس الشيخ عيسى بن راشد «شيخ دورة الخليج». ونجح رئيس الاتحاد القطري، في احتواء الأزمة مع الجانب الكويتي قبل أن تتفاقم، كما تدخل لإعادة لم شمل «العنابي»، بعد الخسارة الثقيلة أمام الإمارات ، وكانت تصريحاته باستمرار مدرب قطر في منصبه، والاقتناع الكامل بقدراته، فضلاً عن مطالبته للإعلام بضرورة دعم المنتخب ومساندته، ما ترك بالغ الأثر الإيجابي على معنويات اللاعبين والمنتخب ككل.