موهبة متميزة تجمع بين جمالية الإبداع والجودة الحرفية، تأنس بعالم التصوير الرياضي فترصد حركات اللاعبين بكل دقة وإتقان، لكل لقطة في كاميراتها حكاية ورواية. باعتبار أن الصورة لغة ذات ثروة لا يفهمها إلا من التقطها، فهي ليس مجرد تصوير لقطة وضغطة زر فقط، إنما هي إيقاف لحظة من الزمن تحكي أكثر ما نستطيع أن نقول. فاطمة آل علي طالبة في جامعة زايد في السنة الرابعة تخصص إدارة نظم المعلومات لم يمنعها كونها فتاة أن يكون لديها طموح وحلم، في أن تكون أول مصورة إماراتية تغزو ملاعب الرجال في كل الرياضات. في حوارنا معها تكشف الكثير من الأسرار والخبايا في عالم الملاعب. عن ذلك تقول “أعتبر دخولي إلى الملاعب الرجالية لالتقاط الصور نجاحا بحد ذاته ودليلا على قدرة الفتاة الإماراتية على الدخول في كل المجالات مهما كانت الصعاب والنظرات. مشيرة “لقد حققت ما أريده من خلال دخول الملاعب الذي لازال حكراً على الرجال واستطعت إثبات تفوقي على الكثير من المصورين الرياضيين”. رفض الأسرة تصمت آل علي وتتذكر رفض الأهل في بداية أمرها. وتقول بتفاؤل “في البداية كان هناك رفض تامً وصريح من قبل الأسرة. كيف لفتاة وهي ترتدي الزي الإماراتي أن تدخل الملاعب الرجالية تقف 90 دقيقة لتصور مساحة ملعب يبلغ طوله من (90- 120) وعرضه (45-90) وأعين الجمهور على المدرجات تراقب حركاتها وترصد لقطاتها التي تلتقطها العدسة”. تبتسم آل علي وتقول: “رفض الأهل هو الذي دفعني لإثبات قدرتي وجدارتي على الدخول في معترك عالم الرياضة، وهذا التحدي جعلني أكون أول فتاة إماراتية تخترق مجال التصوير الرياضي، هوايتي لا تعتمد فقط على تصوير مباريات الرجال في كرة القدم، إنما أصور جميع أنواع الرياضات الرجالية والنسائية وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة. وتسترسل “هذا الرفض من قبل الأهل تحول في نهاية الأمر إلى تشجيع ومساندة قوية ليس في محيط الأسرة وإنما تعدى ذلك إلى قاعات وأروقة جامعة زايد للطالبات، بعد أن كانت نظرات الاستغراب من قبل الكثير من طالبات الجامعة لدخول ملاعب الرجال تحول ذلك إلى مساندة وتشجيع وتحفيز من الكثير من الصديقات على مواصلة المشوار الذي بدأته في التميز في التصوير الرياضي”. تصريح مباراة بدايتها كانت مع نادي العين لكن تحولت إلى نادي الوحدة تكشف فاطمة آل علي سر الانتقال. وتقول “في البداية لم أكن متعاونة مع أي نادي رياضي. لكن بفضل أحد مصوري نادي العين استطعت الحصول على تصريح لتصوير مباريات نادي العين ومنذ ذلك الوقت وأنا أصور لهم، حتي حانت ساعة انتقالي. تواصل آل علي حديثها:” بسبب انتقال سكني من العين إلى أبوظبي حــــاولت التواصل مع مصور نادي الوحدة” حمد الكندي” وطلبت منه أن يقوم بعمل تصريح لي لدخول مباريات نادي الوحدة وتم ذلك، ومنذ ذلك الحين وأنا أصور جميع مباريات نادي الوحدة الرياضي”. الشيلة والعباءة دخول فاطمة آل علي لفت انتباه الكثير من المصورين والجمهور. عن ذلك تقول بابتسامة “بالفعل مجرد دخولي أرض الملعب وأنا مرتدية “العباءة والشيلة” أشد انتباه الجميع، تشرح سبب ذلك “لعدم وجود عناصر نسائية في عالم التصوير وخاصة في الملاعب الرجالية شكل صدمة للجميع، فمع وقوفي أمام كاميرا كبيرة الحجم وتصوير اللاعبين واقتناص اللحظة المناسبة لتصوير لقطة مناسبة دفع بالكثير إلى نظرات الاستغراب لتواجدي على البساط الأخضر لمدة طويلة أرصد وأتابع حركات وتنقلات اللاعبين هنا وهناك وعند التمركز على شباك حارس المرمي. تسترسل آل علي بابتسامة “كل تلك النظرات دفعتني إلى مواصلة التصوير دون خوف أو تردد”. وفيما يتعلق بلبس العباءة والشيلة تؤكد آل علي “إن ذلك لم يشكل أي عائق يذكر بل العكس، وجودي في الملاعب كأول فتاة إماراتية دفعني للتميز والنجاح مهما كانت هناك من صعوبة أو مشكلة”. التصوير الرياضي عما يميز التصوير الرياضي عن التصوير العادي تسترسل آل على حديثها “التصوير الرياضي يختلف كثيراً عن التصوير الفوتوغرافي بجميع أنواعه. مشيرة “من المعروف أن فتحات العدسة وسرعة الغالق مرتبطتان ببعضهما، والمصور الرياضي غالبا ما يستخدم سرعات غالق كبيرة حتى يستطيع تجميد الحركة الناشطة مع فتحة عدسة واسعة، حيث إن ذلك يؤثر في عمق الميدان فتكون الخلفية مشوشة”. تواصل آل على” بالنسبة للألعاب الرياضية التي بها الحركة معتدلة فإنه يستخدم سرعة غالق 250/1 من الثانية إلى 500/1 من الثانية. أما تصوير الرياضات والتي بها الحركة سريعة مثل سباق السيارات أو رياضة كرة القدم، فان الأمر يحتاج إلى سرعة غالق أعلى من 1000/1 من الثانية بحسب الإضاءة المتوافرة”. تضيف آل علي “بالنسبة للتصوير في الصالات المغلقة مثل كرة السلة أو الطائرة، فيكون التقاط الصورة هنا تحت إضاءة اصطناعية، حيث يحتاج الأمر إلى استخدام أوسع فتحة ممكنة، مع التأكيد أن سرعة الغالق لن تسبب اهتزازاً لآلة التصوير مع الانتباه إلى رفع قيمة الحساسية”. تصوير المنتخب حول أهم المباريات المختلفة للأندية والمنتخبات التي قامت فاطمة بتغطيتها. تقول “استطعت خلال الفترة الأخيرة أن أقدم اللقطة المناسبة في المباريات وهذه بشهادة الجميع، فعين المرأة المصورة ونظراتها تختلف كثيراً عن المصور الرجل”. تتابع فاطمة بفرح “حصولي على فرصة التصوير خلال كأس العالم للأندية في أبوظبي العام الماضي كان الأكبر خلال مشواري الحالي. لكن رغم ذلك، تواصل فاطمة أملها بالقول “طموحي في عالم التصوير الرياضي أكبر وهو تصوير مباريات المنتخب الوطني، أعلم أن تلك اللحظة ستأتي وأنا بانتظارها مهما طال الزمن، كما أتمنى أن تتيح لي الفرصة أن أصور البطولات العالمية مثل بطولة كأس العالم والأولمبيات”.