شادي صلاح الدين (لندن)
تتسبب علاقة نظام الحمدين القطري بالجماعات والمنظمات الإرهابية من جهة، والتحالف المعلن مع النظام الإيراني التخريبي في تعقيد حرب الولايات المتحدة على الإرهاب المستمرة منذ 18 عاماً، خاصة مع التصرفات الاستفزازية الأخيرة للنظام الإيراني في الخليج وإصرار الولايات المتحدة والدول العربية على مواجهته.
وذكر موقع «ذي أميركان كونسيرفاتيف» الأميركي في تحليل كتبه «مرك بيري» أن الولايات المتحدة تخوض حرباً شرسة ضد الإرهاب منذ سنوات طوال، بجانب مواجهة أطماع النظام الإيراني في المنطقة، وهي الحرب الذي عقدها النظام القطري عطفاً على وجود قاعدة العديد الجوية التي تستخدمها الولايات المتحدة لشن حملاتها العسكرية في أفغانستان والعراق وسوريا، مشيراً إلى أن واشنطن أنفقت مليارات الدولارات على بناء هذه القاعدة وصيانتها.
وقال الكاتب «إن أحد المسؤولين الذي يتبع القيادة العليا للقوات الجوية أبلغه الأسبوع الماضي: (العديد ليس مهبطاً ريفياً. إنه المكان الوحيد في الخليج العربي، حيث يمكنك ترك طائرة من طراز بي 52. ومع أن هذا الأمر يمثل امتيازاً للجيش الأميركي، إلا أنه مشكلة بالنسبة للحكومة الأميركية)». وأضاف الكاتب أن التحدي بالنسبة لواشنطن هو أنه بينما تستضيف قطر قاعدة العديد، إلا أن لها علاقات كثيرة مع الأنظمة الإرهابية، وهي قريبة من قيادة «حزب الله»، وتستضيف قيادات جماعة الإخوان الإرهابية في المنطقة، بجانب وفود مسؤولي «طالبان» في أحد فنادقها من فئة الخمس نجوم، ولها علاقات حميمة مع إيران. وفي الواقع، تستغل قطر استضافتها القاعدة الجوية الأميركية للهرب من ضغوط واشنطن لوقف سلوكها المشين في المنطقة، على الرغم من الجهود الدؤوبة التي بذلها جيرانها وحلفاء واشنطن.
وأشار الكاتب إلى قرار المقاطعة العربية الذي اتخذته المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومجموعة من الدول العربية الأخرى في يونيو 2017 لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، موضحاً أن السلوك المشين للإمارة الراعية للإرهاب في المنطقة تسبب في أزمة داخلية في الإدارة الأميركية، حيث حاول وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون القيام بجولة من جهود الوساطة، إلا أنه لم ينجح عطفاً على علاقته مع النظام القطري قبل اتخاذ قرار بالإطاحة به وتولي مايك بومبيو محله.
ونتيجة للمشاكل الجمة التي تسبب بها النظام القطري، وفق الكاتب، زادت الدعاوى بشكل كبير في الأوساط السياسية للإدارة الأميركية لنقل هذه القاعدة من قطر. ويقود هذا الجهد العديد من المسؤولين في الإدارة الأميركية، وغيرهم من خبراء مكافحة الإرهاب. ومن بين هذه المؤسسات، مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات التي شن نائب رئيسها، جوناثان شانزر، حملة واسعة لإقناع الرئيس ترامب بالتخلي عن قاعد العديد. وفي يوليو 2017، أخبر شانزر لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب أن لدى قطر «نظرة بديلة للواقع والأخلاق»، مشيراً إلى أنه قدم أربعة خيارات أساسية جديدة في المنطقة كنقل القاعدة إلى من قطر إلى دولة أخرى في المنطقة.
وأشار إلى أن المحاولات زادت قوة واشتدت الضغوط طوال عام 2018 وحتى هذا العام. وفي منتصف شهر أبريل، أصبح الضغط على قطر شديداً، حيث هرع وفد رفيع المستوى من قطر إلى واشنطن لحضور اجتماعات اقتصادية والحديث مع الإدارة الأميركية بشأن قضية نقل القاعدة من قطر، مشدداً على أن اللقاءات الاقتصادية لم تكن سرية، ولكن الحديث مع الجانب الأميركي بشأن قاعدة العديد كانت كذلك.
وأشار التقرير إلى الزيارات الأخيرة التي يقوم بها أعضاء النظام القطري إلى طهران، وكانت حقيقة واضحة الأسبوع الماضي عندما وصل وزير الخارجية القطري، في خضم التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران، إلى طهران لإجراء محادثات تهدف إلى تخفيف حدة الأزمة. وبينما لا نذكر ما قاله آل ثاني، جادل كبار ضباط القوات الجوية الأميركية منذ فترة طويلة بأن استراتيجية الردع الأميركية في الخليج العربي تبدو قوية بالنسبة للإيرانيين. ويقولون أيضاً إن قرار إدارة ترامب بإرسال قاذفتي قنابل إضافيتين إلى العديد ومجموعة أخرى حاملة طائرات إلى الخليج العربي سوف يُنظر إليه في إيران على أنه استعداد للحرب، بينما يحاول القطريون إقناع الإيرانيين بأن هذا الأمر ليس سوى مجرد منع للحرب، حيث يحاول البعض في واشنطن الترويج بأن القطريين يحاولون تهدئة الأوضاع في إيران ومنع اندلاع الحرب، ولكن هل سيصدق أحد ذلك؟
إن النظام القطري يمثل إشكالية كبيرة، سواء بالنسبة للإدارة الأميركية أو بالنسبة لجيرانها، ورغم محاولات بعض قيادات الإدارة الأميركية أو الجانب الأوروبي دفع نظام الحمدين لاتباع سياسات معتدلة والتخلي عن أجندتها المتطرفة، إلا أن هذا النظام القطري مصر على استكمال طريق لا تبدو نهايته في مصلحته.