أحمد مراد (القاهرة)

يعد الأديب الألماني الشهير، يوهان غوته، المولود العام 1749، أحد أشهر أدباء ألمانيا، وقد ترك إرثاً أدبياً وثقافياً ضخماً، وما زال التاريخ الأدبي يتذكره بأعماله الخالدة، وقد تنوعت كتاباته ما بين الرواية والكتابة المسرحية، واهتم بالثقافة والأدب الشرقي.
شغف غوته بتعلم اللغات، ودرس العربية، اللاتينية، اليونانية، الإيطالية، الفرنسية، الإنجليزية، وتعمق في دراسة الفكر الإسلامي، وعكف على دراسة الشريعة الإسلامية، ودرس الأشعار والملاحم العربية وتأثر بعدد من شعراء العرب مثل المتنبي وأبي تمام، ولم يكتف باطلاعه على الشعر العربي فقط، بل اطلع على كتب النحو والصرف، وقد وصف اللغة العربية قائلاً: «ربما لم يحدث في أي لغة هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث في اللغة العربية، وإنه تناسق غريب في ظل جسد واحد»، وقد توفي العام 1832.
في كتاباته المتنوعة، سجل غوته الكثير من الشهادات المنصفة للإسلام، وقال في واحدة منها: «درست تاريخ الأديان على مدى خمسين عاماً، وإن العقيدة التي يُربى عليها المسلمون لتدعو لأعظم دهشة، إذ تقوم على أساس الإيمان بأنه لن يصيب الإنسانَ إلا ما كتبه الله له، وإنه ما من شيء ينقص هذه العقيدة، ولن يكون بإمكان أي امرئ أن يتجاوزها، إن الإسلام هو الدين الذي سنقر به جميعاً إن عاجلاً أو آجلاً، وأنا لا أكره أن يقال عني أني مسلم».
وفي كتابه الذي يحمل عنوان «الديوان الشرقي للشاعر الغربي»، قال غوته: كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي، القرآن كتاب الكتب، وإني أعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم، وإذا كان الإسلام يعني الاستسلام لله، فكلنا نحيا ونموت على الإسلام».
كما يضيف غوته قائلاً: «إن التشريع في الغرب ناقص بالنسبة للتعاليم الإسلامية، وإننا - أهل أوروبا - بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد إلى ما وصل إليه الإسلام، وسوف لا يتقدم عليه أحد، وإذا كان هذا هو الإسلام، أفلا نكون جميعنا مسلمين».
وفي أكثر من مناسبة، مدح غوته القرآن الكريم، وبلغ به الأمر أنه أعلن عند بلوغه السبعين من عمره، اعتزامه بأن يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها الله تعالى القرآن الكريم على نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال: «بحثت في التاريخ عن مثلٍ أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في نبي الإسلام محمد».
وذات مرة كتب غوته كلمات رقيقة أهداها لشهداء الإسلام، قائلاً: «لا تندبوا الشهداء فإنهم أحياء، لقد فتحت السماوات أبوابها لهم، وهم أولاء يقرعون أبواب الجنة يدخلونها بسلام آمين، وفي جنة النعيم تُقبل أسراب الحور العين على أجنحة النسيم، فأنعم أيها المجاهد الشهيد، إن كونك بطلاً أمر مفروغ منه عندهن، وإلا لما كنت هنا بينهن، ولكن أي الأبطال تكون؟ وسرعان ما يعرفن من جرحك الذي نقشَ على صدرك، فلونه لون دم وريحه ريح مسك، إن المال فانٍ، والجاه زائل، ولا يبقى إلا طعنة كهذه لقيها المؤمن في سبيل الله، إنهـن يدعينك في لطف وإيناس إلى شراب أهل النعيم، ذلك هو الرحيق المختوم، فأنت من الحور العين في مطلبٍ جد عزيز، ومن حقه أن تطلب الجنة من أجله، فأنعم بهذا الصفاء الذي ليس له كفاء».