«الاتحادية العليا» تنقض حكماً برأ صاحب عمل
إبراهيم سليم (أبوظبي) - نقضت المحكمة الاتحادية حكما قضى ببراءة صاحب عمل من تهمة التسبب في موت أحد عماله، وهو الحكم الذي قضت به محكمة الاستئناف في الشارقة، التي ألغت حكم أول درجة الذي قضى بحبس المتهم ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ خمسة آلاف درهم، وإلزامه بسداد مبلغ 200 ألف درهم دية شرعية لورثة المجني عليه.
وكانت “استئناف الشارقة” ألغت حكم محكمة أول درجة وقضت ببراءة المتهم، وهو ما لم يلق قبولا لدى النيابة العامة التي تقدمت بالطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا.
وكانت النيابة العامة، قد أسندت إلى المتهم التسبب خطأ بموت المجني عليه، نتيجة إهماله وعدم احترازه واحتياطه وإخلاله بما تفرضه عليه أصول مهنته ومخالفته للقوانين واللوائح والتعليمات، ولم يوفر في موقع العمل وسائل الأمن والسلامة، ما نجم عنه صعق المجني عليه بالكهرباء ووفاته، وطلبت معاقبته طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
كما تقدمت النيابة العامة بالطعن على الحكم القاضي ببرائته، ونعت على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وأن الحكم المطعون فيه قضى ببراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه سندا إلى أن الوفاة حدثت نتيجة صعقة كهربائية، وأن العامل لم يرتطم بالأرض ولم تنتج الوفاة عن عدم استخدام المجني عليه وسائل الأمان، في حين أن إصابة المجني عليه كانت قد حصلت أثناء قيامه بالأعمال الموكلة إليه وبسببها، وأن الحكم قد اتخذ من التقرير الطبي سندا لخطأ المجني عليه من دون أن يستظهر ملابسات الوفاة، ومن دون أن يبحث موقف المطعون ضده وسلوكه ولم يبين الواقعة وكيفية حصولها ومن دون أن يستظهر مدى الحيطة والعناية التي قام بها المطعون ضده، لحماية العاملين لديه، وأن خطأ المطعون ضده ثابت من التحقيقات إذ أنه لم يتخذ الحيطة الكافية لتلافي وقوع الحادث، من توفير لجميع أدوات السلامة واللوازم التي تحمي العاملين من المخاطر التي قد يتعرضون لها، ولم يستظهر رابطة السببية بين الخطأ والضرر ما يعيبه ويستوجب نقضه.
ورأت “الاتحادية العليا” سداد النعي وأنه في محله، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المجني عليه بحكم عمله ومن ظروف الحادث، كان يمارس عملا ذا طبيعة خطرة، إذ أنه كلف بتركيب مدخنة في موقع العمل، حيث نص قانون العمل على: “يلزم أصحاب العمل بضرورة توفير وسائل الوقاية المناسبة لحماية العمال من إخطار الإصابات، وجميع الأخطار التي تنجم عن استعمال الآلات، وغيرها من أدوات العمل”.
وقالت المحكمة في حكمها إنه لما كان الثابت من أقوال الشاهد أن المتوفى قد أصيب بصعقة كهربائية، وسقط من على السلم، وأنه لم يكن مرتديا وسائل الأمن والسلامة “الخودة والقفازات والنظارة”، وغير ذلك، ما يبين مدى الإهمال الواضح من جانب المطعون ضده، إذ لم يوفر وسائل الأمن، ولم يراقب المجني عليه وهو يقوم بعمله، ومن أنه قد اتخذ وسائل الحيطة والحذر ووسائل الأمن والسلامة، ما تسبب في موت المجني عليه، وهو ما يبين مدى توافر الإهمال، وكان يتعين على الحكم المطعون فيه أن ينزل حكم القانون ومعاقبة المطعون ضده تبعا لذلك، أما وأنه قد خالف ذلك وقضى ببراءة المطعون ضده من التهمة المسندة إليه، فإنه يكون معيباً في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.