في مناسبات مختلفة، وخلال كأس آسيا الراهنة، زرت في الإمارات 5 استادات، استاد مدينة زايد الرياضية، واستاد محمد بن زايد بنادي الجزيرة، واستاد هزاع بن زايد بالعين، واستاد راشد بنادي شباب الأهلي، واستاد آل مكتوم بنادي النصر، ولكل استاد منها ميزة خاصة، إن بتاريخه وما يحمل من ذكريات، أو بتصميمه الباهر، وما فيه من خدمات ترقى به إلى مستوى أفضل الاستادات العالمية، غير أن استاد آل مكتوم الذي حضرت فيه مواجهة المنتخب السعودي ونظيره اللبناني الأخيرة قد لفتني في أكثر من جانب.
الاستاد الذي أعيد تطويره مواكبة لاحتضان الدولة لكأس آسيا تحفة جمالية، برغم بساطة هندسته، ولكنها البساطة التي تعبر عن الذوق والدقة في استظهار التفاصيل من دون بهرجة زائدة، أو حيثيات معقدة، فكل ما فيه متقن ببراعة متناهية، وفخامة حديثة، سواء أرضية الملعب ومدرجاته، أو مرافقه بما ضمت من قاعات لكبار الشخصيات، ومؤتمرات صحفية، وغرف لاعبين وحكام، وعيادات طبية، واستوديوهات النقل التلفزيوني، ومركز إعلامي، ومكاتب إدارية، ومنطقة مختلطة للقاءات الإعلامية.
أكثر ما لفتني ودفعني للكتابة عنه أن كل تلك الجمالية الباهرة واللافتة جاءت في استاد رياضي لا تتجاوز سعته 15000 متفرج، وهو يتوافق مع رؤية شخصية كنت أنادي بها في وقت سابق، عندما بدأت فكرة مشروع خصخصة الأندية في السعودية إبان عهد الأمير عبد الله بن مساعد، حينما كان رئيساً للهيئة العامة للرياضة، إذ دعيت للسماح للأندية ببناء استاداتها الخاصة، خصوصاً أن أغلب استادات الأندية الحالية لا تواكب مرحلة صناعة الرياضة، وما تحمل من أفكار استثمارية ذات عوائد كبيرة.
في مرحلة التخصيص المنتظرة، ينبغي أن تعمل الأندية السعودية جميعها على بناء استاداتها الخاصة، فهي من جهة تعزز أصول النادي، ومن جهة أخرى تمثل لها وعاءً استثمارياً كبيراً، ولابد أن يكون الاستاد يتناسب مع إمكانات النادي المادية، وجماهيريته، ولذلك لفتني استاد آل مكتوم الذي أراه يتناسب استيعابه مع الواقع الجماهيري لأندية الوسط في المملكة، التي لا تحتاج إلى أكثر من هذا العدد، وإن احتاجته في بعض المباريات فدونها الاستاد الحكومي الكبير في المدينة، فيما الأندية ذات الجماهيرية الطاغية، كالاتحاد والهلال والنصر والأهلي، فهي تحتاج إلى استادات ذات سعة أعلى وبتفاصيل أوسع، لأن جماهيريتها، وشعبيتها طاغية، ومعدلات الحضور الجماهيري لها في المباريات والتدريبات، يجعل الموضوع يحتاج إلى دراسة دقيقة.
الرياضة السعودية تأخرت في الخصخصة، وبالتالي تأخرت في مشروع بناء الاستادات المملوكة للأندية، برغم أن جماهيريتها وشعبيتها تضمن نجاح المشروح، على غرار ما هو موجود في أوروبا، ما يعزز من إحداث طفرة احترافية على المستويات الإدارية والاستثمارية والفنية كافة، ما زلنا ننتظرها منذ عقود وبفارغ الصبر.