عائض القرني: نعم لنشر التسامح.. لا لإشهار السلاح!
يعتبر الدكتور عائض القرني (49) سنة من أكثر الشخصيات الإسلامية حضوراً ونشاطاً خلال العقود الماضية، ولا يمكن لمن قرأ في الشعر أو الفقه أو الأدب أو الحديث أن يغفل ما قدمه الدكتور الشيخ عائض القرني لتلك الفنون، وحينما اعتزل لعقد كامل متفرغاً للتأليف والقراءة خرج وفي جعبته ثمانون كتاباً موزعة بين الأدب والفقه والتفسير والشعر، فهو يتنفس على رائحة الحبر، ويكاد القلم ألا يفارق يده.
يحل القرني، الليلة، ضيفاً على المجلس الرمضاني للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ليتحدث عن «ثقافة التسامح» مستحضراً كعادته الآثار الدينية والأبيات الشعرية والمقولات والحكم من تراث الأدب العالمي. ومن قرأ كتابه الشهير «لا تحزن» علم أن هذا الشيخ ليس شيخاً تقليدياً وإنما هو مطوّر في آلية تعاطيه مع الجموع، حتى يذكرك بالعلماء الموسوعيين كابن الجوزي والسيوطي والأصمعي. لا يهدأ القرني ولا يلين، فهو ماضٍ في مشروع إمداد المكتبة بنتاجه الفقهي والأدبي، خلافاً لنشاط دؤوب يتجسد في برامجه الدينية على القنوات الفضائية ومحاضراته ومؤلفاته الكثيرة التي نالت استحسان الناس. بالتأكيد، لقد مرّ الشيخ القرني بمراحل مختلفة في حياته، من المواجهة الحادة، إلى الانفتاح على الآخر والاستعداد لقبول الآخرين، وهو ما تجسد أخيراً بتعاونه مع الفنان محمد عبده، حيث أدى الأخير أُنشودة كتب كلماتها القرني بعنوان: (لا إله إلا الله)، وهو ما لم يلقَ استحساناً من بعض الفئات المتشددة، لكن الشاعر يقول إنه أحب أن يصل نداء التوحيد عبر صوت شجي يلامس شغاف القلوب هو صوت فنان العرب. لقد كان للشيخ القرني دور بارز في نقد المتطرفين وعلى الأخص منذ أحداث 11 سبتمبر وأحداث الإرهاب التي حدثت في السعودية، وانتقد التشدد والانغلاق، متحدثاً عن صيغ التسامح التي كانت مألوفة معروفة في تراثنا وتاريخنا الإسلاميين، حين كان الناس يعيشون جنباً إلى جنب مع المختلفين عنهم فكراً ومذهباً وديناً، ما يؤكد على أن القرني ليس داعية كراهية، بل تزيده الأيام إصراراً على التسامح والوئام، مستغلاً خطابه الديني المعتدل الذي لا يخلو من «جاذبية» ومتعة وطرفة. يذكرك القرني بعلماء معاصرين كبار جمعوا بين الفقه والأدب وأخص بالذكر الشيخ علي الطنطاوي، كلما رأيت سلاسة حديث القرني وقربه من عين المشاهد تذكرت بساطة وروعة وجلال الشيخ الطنطاوي الذي كان الناس يحبون حضوره وإطلالته السمحة. يرى الدكتور القرني أن «من يقوم ببناء المساجد والمراكز الإسلامية ونشر الكتب والقنوات الفضائية، وإقناع العالم بالحكمة والبرهان والموعظة الحسنة، لهو أفيد للإسلام والمسلمين مليون مرة ممن شهر السلاح على المعاهدين والمستأمنين، وأخذ يطلق خطاب الوعيد والتهديد واللعن والشتم، فهو «زعلان» وطفشان وزهقان وغضبان من العالم ومن نفسه ومن الغير ومن الأخ ومن الآخر ومن الماء ومن الهواء، لنقص حظه من العلم والمعرفة ولضيق نفسه عن أن يعيش الأمن والسلام والمحبة للناس، والتواصل مع بني البشر ورحمة الإنسان بالإنسان، فهل آن لنا أن نمد يد الصلح والتسامح، وأن نقدم بطاقة التعارف والتواصل لينصت العالم لدعوتنا؟». الدكتور عائض القرني درس الابتدائية في مدرسة آل سليمان، ثم درس المتوسطة في المعهد العلمي بالرياض، ودرس الثانوية بالمعهد العلمي في أبها، وتخرج في كلية أصول الدين في أبها، وحضر لشهادة الماجستير في رسالة بعنوان «كتاب البدعة وأثرها في الدراية والرواية»، ثم حضر لشهادة الدكتوراة في «تحقيق المُفهِم على مختصر صحيح مسلم»، وكان إمام وخطيب جامع أبي بكر الصديق في أبها، له أكثر من 800 خطبة صوتية إسلامية في الدروس والمحاضرات والأمسيات الشعرية والندوات الأدبية. ويبقى الدكتور القرني سفير السعادة، فهو مكافح «الحزن»، إنه الشاعر الفقيه، وفقيه الشعر، له رؤية إسلامية مهمة، ولديه أسلوب حديث لا يمل!
المصدر: أبوظبي