ألمانيا تراهن على الرياح لمواجهة أزمة الطاقة
يبدو أن الارتفاع المستمر في أسعار النفط والغاز سوف يجبر أغلب دول العالم على إعادة حساباتها وترتيب أولوياتها من جديد بالنسبة لمشروعات الطاقة بحثاً عن مصادر أقل عرضة لتقلبات السوق في المستقبل·
وربما لهذا السبب أعدت ألمانيا خططاً طموحة لبناء مزارع رياح عملاقة داخل مياه بحر البلطيق وبحر الشمال لتحويل الرياح إلى طاقة كهربائية تغطي نحو 15% من احتياجاتها من الكهرباء بحلول ·2030
وألمانيا من الدول الرائدة في مجال طاقة الرياح على مستوى العالم، حيث تنتج بالفعل مزارع طاقة الرياح في ألمانيا حوالي 23 ميجاوات تغطي حوالي 7% من احتياجاتها من الكهرباء ككل·
ويقول أولف جيردر المتحدث باسم اتحاد طاقة الرياح الألماني: ''نحن ندعم الخطط الجديدة لكننا لن نشارك في هذه الخطة الحماسية''؛ واعترف جيردر بوجود مجموعة كبيرة من العقبات التقنية التي تواجه تركيب توربينات رياح في البحر على بعد 40 كيلو متراً من الشاطئ: ''حيث لا توجد لدينا خبرة في هذا المجال''·
وكان فولفجانج تيفنزيه وزير النقل والتشييد والشؤون الحضرية في الحكومة الألمانية قد أعد مؤخراً هذه الخطة الطموحة لاستغلال طاقة الرياح من خلال إقامة 30 مزرعة طاقة رياح قبالة السواحل الألمانية·
وقد تمت مراعاة الاعتبارات البيئية في اختيار مواقع هذه المزارع بحيث لا تعوق طرق هجرة الطيور فوق بحري البلطيق والشمال إلى جانب الحفاظ على المنظر الجمالي للسواحل· ورغم أن الدنمارك وهولندا وبريطانيا أقامت محطات رياح قريبة من الشواطئ فإنه لا توجد دولة ولا جهة تمتلك الخبرات التراكمية الكافية لإقامة مثل هذه المحطات داخل مياه البحر وعلى بعد يصل إلى 40 كيلو متراً من الشاطئ·
وذكر جيردر أن تكلفة بناء محطة كهرباء رياح بطاقة ميجاوات واحد على الأرض تصل إلى مليون يورو (1,6 مليون دولار)؛ في حين هذه التكلفة يمكن أن تتضاعف مرة أو مرتين في حالة إقامتها على بعد 40 كيلو متراً من الشاطئ· ورغم ذلك توقع جيردر أن تمتلك ألمانيا محطات طاقة رياح في البحر تنتج 10 آلاف ميجاوات بحلول ،2020 في حين ستصل الطاقة الإنتاجية لمحطات طاقة الرياح على الأراضي الألمانية إلى 45 ألف ميجاوات· ويستند اتحاد طاقة الرياح في تقديراته إلى افتراض عمل محطات الرياح الأرضية على مدار 2500 ساعة سنوياً، في حين يصل عدد ساعات عمل المحطات البحرية إلى 3500 ساعة سنوياً بفضل توافر الرياح بدرجة أكبر·
ويذكر أن القوانين الألمانية تمنح مشروعات الطاقة المتجددة حوافز استثمارية سخية، حيث ستحصل محطات طاقة الرياح البحرية على دعم حكومي قدره 15 سنتاً أوروبياً لكل كيلووات ساعة تنتجها مقابل 9,2 سنت لكل كيلووات ساعة من المحطات الأرضية؛ في الوقت نفسه فإن البعد البيئي لمثل هذه المشروعات مازال مثيراً للجدل· مثل هل ستؤثر المراوح العملاقة التي سيتم تثبيتها في عمق البحر على الطيور البحرية؟ وإلى أي مدى ستؤثر عمليات بناء هذه المحطات داخل البحار على البيئة؟ وهل ستكون هناك تأثيرات كهرومغناطيسية صادرة عن الكبلات البحرية التي ستحمل الكهرباء من التوربينات إلى اليابسة؟
وقد بدأت منظمة الصحة العالمية إجراء دراسة عن المجال الكهرومغناطيسي، وتقول إحدى وثائق منظمة الصحة العالمية إن بعض الخبراء يرون أن المجال الكهرومغناطيسي للكبلات الكهربائية تحت سطح البحر يمكن أن يؤثر على القدرات الملاحية للكائنات البحرية القريبة من هذه الكابلات·
وقال أندريه بروهيلنج المتحدث باسم قطاع الطاقة في فرع منظمة جرين بيس البيئية بألمانيا إن المستهلكين في ألمانيا سوف يتشككون سريعاً في فوائد طاقة الرياح البحرية عندما يرون التأثيرات السلبية لهذا المشروع على الحياة البحرية·
ورغم تأكيد المسؤولين الحكوميين على أهمية هذا المشروع بالنسبة لألمانيا على المدى الطويل فإن هناك الكثير من الشكوك التي تحيط به ولا يبقى سوى الانتظار لنرى إلى أين يتجه مستقبل الطاقة في ألمانيا والعالم·
المصدر: برلين