الكلمة الطيبة
الكلمة الطيبة مفتاح القلوب، محببة للنفس ومذوبة للحواجز والعقبات، بها تؤسر القلوب، وتطفأ نيران العداوة والبغضاء، وتثلج الصدور، وتريح النفوس وتؤلف بينها. وبها تملك عقولَ الناسِ ومشاعرهم؛ لأنها أغلى من كنوز الدنيا، وأثمن من أثمن المعادن، فهي لا تحتاج لصكوك ولا خزائن ولا بنوك وصالحة في كل زمان ومكان وتقدم في كل وقت وفي أي مكان ويحتاجها الطفل والطالب والأب والأم، ويحتاجها الموظف والمدير والمسؤول والمعلم والمتعلم، ويحتاجها الغني والفقير، والصالح وغير الصالح لعل بالكلمة الطيبة ينصلحُ حاله. فالناس متعطشون للكلمة الطيبة مهما كانوا في أي منصب وأي مستوى؛ لأن الكلام الجميل يصل إلى القلوب مباشرة دون وساطة ولا أذن ولا تردد؛ لأنه ببساطة جزء من مكونات النفس البشرية، وقد وقال عليه الصلاة والسلام: «الكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ».
فالكلمة الطيبة قد تعوض بفعل طيب ينطوي على الكلام الجميل أو يدل عليه، «فرب فعل أبلغ من قول». فالموظف في العمل قد يتأثر إيجاباً بكلمات التشجيع التي يتلقاها من مديره فيتحول من موظف خامل قليل الإنتاج، إلى مبدعٍ نشيطٍ يتطلع إلى الجديد والتميز. وقد يتأثر إيجاباً الطالب الكسول بكلمات قلائل يسمعها من معلمه أو أبويه أو ولي أمره فتتغير مجرى حالته النفسية وحياته الدراسية فيصبح طالباً نشيطاً ومتجاوباً ومتفاعلاً ومتعاملاً مع زملائه بإيجابية محققاً الدّرجات العالية.
وفي عالم الزوجية، ما الذي يمنع الزوج من التفوه بكلمات قلائل في الحب والغزل لزوجته؟ فهي تحتاج إلى سماع كلمات الود والحنان لتروي بها عطش مشاعرها العاطفية التي في صدرها، فالله خلقها هكذا لتضفي على بيتها وزوجها وأبنائها المحبة والحنان. وكذلك يجب على الزوجة أن تفعل الشيء نفسه مع زوجها، وأن تبادله الأحاسيس نفسها، فهو كذلك يحتاج إلى سماع الكلام الجميل والطيب الذي يشرح صدره ويبهج نفسه، ويزيل عنه عناء متاعب الحياة وهموم المسؤوليات.
فشهادة شكر وتقدير أو شهادة تشجيع لتلميذ أو ابن أو موظف أو زوج أو زوجة لها أثر كبير في نفس الإنسان لو أدركها الناس لما بخلوا ولما ترددوا في تقديمها لمن يحبون أو لمن يريدون لهم الخير والعطاء والتفاني. ولو أن مثل هذه الشهادة علقت على جدار المنزل أو المكتب أو الصف لبقي الإنسان على اتصال دائم بالشيء الذي جعله يستحق تلك الشهادة، فيتطلع لتقديم الأفضل ويبذل في ذلك كلّ ما بوسعه لتحقيق ذلك. وقد قال الخليفة والراشد الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «الكلمةُ إذا خرجت من القلبِ وقعت في القلبِ، وإذا خرجت من اللسانِ لم تُجاوزِ الآذان».
د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com