أحمد مراد (القاهرة)

في الثاني من شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، وُلِدَ للصحابي الجليل الزبير بن العوام وزوجته الصحابية الجليلة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، ولدٌ سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله.
وكان يوم مولد عبد الله بن الزبير فرحاً وعيداً للمسلمين جميعاً، حيث كان أول مولود لهم بعد الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة.
روت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حنك طفلها عبدالله بن الزبير، قالت: ثم مَسَحَه، ودعا له وَسَماه عَبد اللهِ، ثم جَاءَه وَهوَ ابن ثماني سنين لِيبايِعَ رَسولَ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ، فَتَبَسمَ رَسول اللهِ صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلم حِينَ رَآه مقبِلاً إِلَيهِ، وَبايعَه.
تربى عبد الله بن الزبير في بيت خالته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، فلم يكن لها ولد، وكانت تصحب عبد الله معها في بيتها، ومن شدة تعلقها به واقترابه منها كانت تكنى بأم عبد الله، ومن هنا اقترب عبد الله بن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم، ونشأ وترعرع في حجره الشريف صلى الله عليه وسلم، وكان النبي يحسن معاملته ويمازحه ويلاعبه، ولم يفرق بينه وبين حفيديه الحسن والحسين، وكثيراً ما كان يعلمه أمور دينه.
عندما بلغ عبد الله بن الزبير التاسعة من عمره، مات النبي صلى الله عليه وسلم، وشب عبد الله على التعاليم التي تلقاها في بيت رسول الله، وقد عُرف عنه منذ صغره بالجرأة وقوة الحجة، فذات مرة كان يلعب مع مجموعة من الصبية، وإذا بأمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بهم، ففروا من أمامه، أما عبد الله بن الزبير فوقف مكانه بثبات وعدم خوف أو مهابة، فلما سأله الفاروق عن عدم فراره مع باقي الصبية قال: لَم أرتكب ذنباً فأخافك، وليست الطريق ضيقة فأوسعها لك، فسأله عمر: هل أديت فرضك؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، وتلاوة ما عليَّ من قرآن وحديث، وأنا الآن أروح عن نفسي، فقال له الفاروق: جزاك الله خيراً يا ولدي.
عُرف عن عبد الله بن الزبير حب الجهاد في سبيل الله منذ صغره، وقد اصطحبه والده وهو في الرابعة عشرة من عمره ليشارك في معركة اليرموك الشهيرة سنة 15 هجرية، كما اشترك مع أبيه في فتح مصر، وأبلى بلاءً حسناً، وشارك أيضاً في فتح شمال أفريقيا تحت قيادة عبد الله بن سعد في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، كما كانت له مشاركة فعالة في الجيوش الإسلامية، واشترك في الفتوحات والغزوات في عهد معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه، فغزا أفريقيا تحت قيادة معاوية بن حديج في سنة 45 هجرية، وشارك في محاولة فتح القسطنطينية في سنة 49 هجرية مع جيش المسلمين الذي قاده يزيد بن معاوية. توفي عبد الله بن الزبير رضي الله عنه سنة 73 هجرية.