«هيا نعمل من أجل بيئة نظيفة» ورشة عمل ترتقي بسلوك الإنسان
دبي (الاتحاد) - ضمن برامج دائرة الثقافة والاعلام بالمنطقة الشرقية نظمت مكتبة كلباء العامة، وبالتعاون مع هيئة البيئة والمحميات الطبيعية فرع المنطقة الشرقية، ورشة توعوية بعنوان «هيا نعمل من أجل بيئة نظيفة»، وذلك بمقر المكتبة. وقد احتوى البرنامج على كيفية المحافظة على أشجار البيئة، وطرق الاهتمام بالحيوانات المعرضة للانقراض، بالإضافة إلى تقديم ورشة عملية للجمهور عن كيفية التوازن بين مكونات البيئة، وخلال البرنامج تم عرض مادة فيلمية عن السلوك الخاطئ الذي يرتكبه أفراد المجتمع، والذي ينتج عنه تلوث بيئي يهدد حياة الكائنات الحية، كما يهدد الإنسان ذاته مع مرور الوقت، مع بعض الإرشادات التوعوية عن كيفية التعامل السليم مع تلك المخلفات المسببة للتلوث.
الإصلاح وليس الإفساد
وقد ذكرت مريم الحمودي، مفتشة بيئية في هيئة البيئة والمحميات الطبيعية- فرع المنطقة الشرقية، أن حماية البيئة الطبيعية والاجتماعية، من أبرز مظاهر عناية الإنسان بنفسه وبالأجيال القادمة التي تستفيد منها ويستمتع بها، وحين يرعاها فإنه بذلك يعبر عن حرصه على نظام الحياة، ويعمل على سعادة النوع البشري واستمرار وجوده على هذه الأرض، فسلامة النوع البشري وما تعايش معه من مخلوقات حية، من أنبل السلوكيات للحفاظ على التربة والماء والهواء، ورعاية الكائنات المحيطة، الإسلام والأديان الأخرى، خطوات فريدة لحماية الصحة والبيئة وسلامة الحياة.
وتضيف مريم: تربية الإنسان على العناية بالصحة والطبيعة، وحماية الحياة على هذه الأرض، تنطلق من مبدأ الإصلاح وليس الإفساد، وهذا يتحقق من خلال توعية وتثقيف الإنسان، فتصرف الأناني أو المنطلق من الجهل والعدوانية، يدفعه الى تخريب البيئة وإفساد المحيط الطبيعي، من أجل المتعة أو مجرد العبث لجهل له علاقة بأميته فيما يتعلق بالثقافة البيئية، لذلك يحمل القرآن الكريم الإنسان مسؤولية إفساد البيئة، بقوله ظهر الفساد في البر والبحرِ بما كسبت أيدي الناس.
كما خاطب الإنسان مدافعا عن البيئة وسلامة الحياة بقوله تعالى: «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها»، وأيضا قال تعالى: «وإذا تولى سعى في الأرض ليُفسدَ فيها ويُهلك الحرثَ والنسل»، كما حث على الطهارة ولعلها أبرز الإجراءات الوقائية لحفظ البيئة، ويتسامى الفكر والفهم الحضاري في المحافظة على الحياة الطبيعية، فهي نظيفة بالفطرة ولذلك على الإنسان أن لا يعمل على تلويثها.
أهم قضايا العصر
وتوضح مريم: أصبحت قضية البيئة وحمايتها والمحافظة عليها من مختلف أنواع التلوث، واحدة من أهم قضايا العصر وبعدا رئيسيا من أبعاد التحديات التى تواجهها البلاد النامية، خاصة في التخطيط للتنمية الشاملة في ضوء التجارب التي خاضتها البلاد المتقدمة، والمشاكل البيئية المعقدة التي تحاول الدول أن تجد لها الحلول الممكنة، قبل أن تقضي تراكمات التلوث على إمكان العلاج الناجح، ولم تعد اعتبارات التنمية رغم أهميتها البالغة عذرا لتجاهل المحافظة على البيئة، أو اتخاذ التدابير الفعالة لمكافحة التلوث، فالقضية هي قضية البقاء ونوعية الحياة التي يحياها الإنسان باستمرار الحياة نفسها.
وتؤكد مريم، أن أهداف التنمية والمحافظة على البيئة وحدة متكاملة، لأن الهدف في النهاية واحد وهو تحسين مستوى معيشة الإنسان كما وكيفا، وقد أطلق كثير من الباحثين لفظ الإدارة البيئية على عملية المحافظة على البيئة وتنمية مواردها، ونحن في مجال التثقيف البيئي من ضمن مهامنا أن نعمل على توضيح كل ذلك للسكان والقاطنين، وعادة تعتمد الإدارة البيئية على التشريع، وبقدر ما يكون التشريع نابعا من عقيدة الأمة يكون أكثر فاعلية وجدوى.
والواقع أن الاهتمام بحماية البيئة جاء متأخرا إلي حد كبير، بعد أن تعرضت البيئة لتخريب واسع الأبعاد لكافة عناصرها، كما أن التنبؤات بالتغيرات التي سوف تحدث مستقبلا في البيئة مخيفة جدا، فسوف تعاني كل الأمم من اختفاء الغابات المطيرة في المناطق الاستوائية، وفقدان أنواع من النبات والحيوان، إضافة إلى التغيرات التي تحدث في أنماط هطول الأمطار، كما تواجه البلدان النامية تحديات التصحر وزوال الغابات والتلوث، والبلدان الصناعية ستتعرض لتحديات في مجال التلوث بالمواد الكيماوية والنفايات السامة.
تطوير الوعي البيئي
وتقول مريم: نحن في الإمارات متفائلون تجاه الخطط الاستراتيجية والبرامج الخاصة بحماية البيئة، وحماية كل ماله علاقة بها من كائنات حية، والحل ليس صعبا، ولكن على الإنسان أن يبدأ بتطوير وعيه البيئي، فلا نسمح لأحد بتدمير البيئة من أجل مردود وعائد اقتصادي، لأن البيئة ليست ملكا لأحد أو لشركة أو مؤسسة فهي للجميع، ويعد الوعي البيئي عملية إعداد الإنسان للتفاعل الناجح مع بيئته بما تشمله من موارد مختلفة، ويتطلب هذا الإعداد إكساب المعارف البيئية التي تساعده على فهم العلاقات المتبادلة بين الإنسان وعناصر بيئته من جهة، وبين العناصر وبعضها البعض من جهة أخرى.
وتوضح مريم: تتطلب العملية أيضا تنمية مهارات الإنسان التي تمكنه من المساهمة في تطوير ظروف البيئة على نحو أفضل، وتستلزم التربية البيئية أيضا تنمية الاتجاهات والقيم التي تحكم سلوك الإنسان، إزاء بيئته وإثارة ميوله واهتماماته نحوها، وإكساب أوجه التقدير لأهمية العمل على صيانتها والمحافظة عليها وتنمية مواردها، خاصة أن نجاح الأمم وتقدم الشعوب وصونها لحضارتها، يقاس بمقدرتها علي الحفاظ علي بيئة سليمة ونظيفة، ومصادر البيئة تتكون كنتاج للتفاعل بين الإنسان وعناصر البيئة التي يعيش فيها، فالمحاصيل الزراعية هي نتاج التفاعل بين الإنسان وبين التربة، ولا يكون حقل البترول ثروة إلا عندما يكتشفه الإنسان.
لذلك لن تتكاثر الحيوانات والطيور ولن تنمو الأشجار التي قاربت على الانقراض، إلا نتيجة لتفاعل المواطن والمقيم وأن يعرف السكان، إن ما يفعله بالبيئة سوف ينعكس على أسرته والمجتمع آجلا أو عاجلاً.