بدأت أسعار الشحن البحري بالارتفاع تدريجياً مع بداية شهر مايو الحالي مدفوعة بتنامي الطلب من قبل كبار التجار الذين باشروا استيراد السلع الرمضانية الأساسية، بحسب مسؤولين بشركات استيراد ووكلاء شحن. وأشار هؤلاء إلى أن بدء استيراد السلع الرمضانية رفع الطلب على خدمات الشحن البحري بنسبة تصل إلى نحو 20% مقارنة بالربع الأول من العام الحالي، فيما زادت الأسعار بوتيرة أقل وبنسب تتراوح بين 5 و 10% بسبب فائض السعات على السفن. وأكد منصور عبدالغفور رئيس اللجنة الوطنية للشحن والإمداد أن الأشهر الثلاثة التي تسبق شهر رمضان المبارك تمثل موسماً سنوياً لقطاع الشحن البحري حيث تزداد حركة استيراد المواد الغذائية للوفاء باحتياجات السوق المحلي والأسواق الإقليمية. وأوضح عبدالغفور أن زيادة الطلب على الشحن البحري خلال هذه الفترة سينعكس إيجاباً على قطاع الشحن البحري في الدولة خاصة أنها تأتي بعد التحسن النسبي الذي شهده القطاع خلال الربع الأول من العام الحالي مما يدعم مؤشرات التعافي. ويستبق التجار حلول شهر رمضان بشهرين إلى ثلاثة أشهر للتحضير لتوفير السلع والمواد الغذائية التي يتزايد الطلب عليها عادة خلال رمضان. استقرار أسعار الوقود وقال رئيس اللجنة الوطنية للشحن والإمداد التي تضم في عضويتها وكالات الشحن العاملة في الدولة إن طفرة الطلب المتوقعة جاءت مصحوبة بارتفاع تدريجي في أسعار الشحن. ولكن وتيرة زيادة الأسعار ستكون اقل كثيرا من حجم الطلب المتزايد خلال هذه الفترة في أسعار أجور الشحن البحري، وذلك بسبب توافر طاقات الشحن والاستقرار النسبي بأسعار وقود السفن وزيادة المنافسة بين ملاك البواخر وخطوط الملاحة البحرية. واستبعد عبدالغفور أن تؤدى الزيادة الطفيفة في أسعار الشحن البحري إلى غلاء السلع الرمضانية الأساسية، لافتاً إلى أنه “يمكن استيعاب الزيادة المتوقعة من خلال هامش الأرباح المتحققة من عمليات الاستيراد” خاصة أن وزارة الاقتصاد تمارس رقابة فاعلة لضمان عدم زيادة الأسعار خلال شهر رمضان المبارك. وقال إن وجود فائض كبير في طاقات الشحن البحري نجم عن انخفاض حركة التجارة وتراجع الصادرات السلعية والصناعية منذ بداية الأزمة المالية العالمية وحتى الربع الأخير من العام الماضي. وبدأ الطلب على خدمات الشحن البحري في الدولة بالارتفاع بـ10 إلى 20% خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وذلك بالتزامن مع ظهور بوادر التعافي الاقتصادي على المستويين المحلي والعالمي. وقال أحمد عبد الرازق مدير عام شركة “مالترانس” للشحن إن مستويات الطلب والأسعار لخدمات الشحن البحري بدأت في الزيادة الموسمية مع بدء عملية استيراد السلع الغذائية لشهر رمضان. واتفق مع عبد الغفور حول نسبة تحسن الطلب على خدمات الشحن، والتي تتراوح بين 10 و20% متوقعاً استمرارها حتى نهاية الربع الثاني، مع انتهاء التجار من عملية الاستيراد. وعزا عبد الرازق زيادة الطلب على خدمات الشحن البحري إلى زيادة حركة الواردات من السلع الغذائية قبل شهر رمضان المبارك خاصة على الخطوط الملاحية التي تربط بين دول الشرق الأقصى مع دول الخليج والإمارات بوجه خاص، كونها مركزا لإعادة تصدير السلع للدول المجاورة. وأشار إلى أن مستويات أجور الشحن الحالية شهدت تحسنا موسميا، إلا أن التشوهات السعرية التي أصابت القطاع منذ بداية الأزمة المالية العالمية لم يتم معالجتها حتى الآن. فما تزال أسعار الشحن البحري تقل بنحو 35% إلى 40 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام 2008، أي قبل بداية الأزمة المالية. وقال عبدالرازق إن قطاع الشحن البحري شهد خلال العام 2009 سلسلة من التراجعات الحادة في مستويات الطلب والأسعار بسبب ركود حركة التجارة العالمية، وانخفاض حركة الصادرات والواردات من وإلى دول المنطقة، بفعل الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على القطاعات الاقتصادية والصناعية. وأضاف أن العديد من الخطوط الملاحية قامت خلال فترة الانتعاش وتحديداً خلال العامين 2006 و2007 بالتعاقد على بناء بواخر جديدة والتي تصادف دخولها للسوق خلال العام 2009، ما أدى إلى زيادة هائلة في طاقات الشحن البحري المتوافرة في الأسواق العالمية. وأشار عبدالرازق إلى أن القطاع “بحاجة للمزيد من الوقت للوصول الى نقطة التعادل بين العرض والطلب”، متوقعا تحسن مستويات الأسعار والطلب بشكل أكثر استدامة بحلول العام المقبل. ومن جهته، قال عصام زكريا الرئيس التنفيذي لشركة “بيراميدز” للتوريدات “اعتاد التجار والمستوردون على جلب السلع الغذائية الخاصة بشهر رمضان قبل حلول الشهر المبارك بفترة تتراوح بين شهرين الى ثلاثة أشهر حيث يحتاج المستوردون الرئيسيون إلى وقت كاف لإنجاز عمليات التخليص والتخزين والتوزيع”. ورغم الزيادة الموسمية في أسعار أجور الشحن خلال هذه الفترة، الا أن شركات الملاحة ووكلاء الشحن أصبحوا يقدمون تسهيلات إضافية للمستوردين، بحسب زكريا. ومن ضمن التسهيلات جدولة مستحقات الشحن لحين دخول البضائع والسلع إلى الأسواق، ومن ثم منح المستورد الوقت الكافي لتحصيل جزء من قيمتها وسداد أجور الشحن المستحقة. إلى ذلك، قال عبدالغفور إن السلع الاستهلاكية الرئيسية الواردة أو المعاد تصديرها لم تتأثر كثيراً بضعف الحركة مقارنة بالسلع الكمالية والترفيهية التي كان التأثر فيها كبيراً في العام الماضي. نمو متواصل وقال عبدالغفور “رغم الزيادة الموسمية الحالية الا أن قطاع الشحن لا يزال بعيداً بعض الشيء عن عملية التعافي الكامل من آثار الأزمة المالية العالمية حيث يشهد تذبذبات متلاحقة بين صعود وهبوط على مستوى الطلب والأسعار”. وتوقع أن تكون هذه التذبذبات هي السمة الغالبة على القطاع خلال العام الحالي وحتى بداية العام 2011. وأشار إلى أن الدراسات العالمية تتوقع نمو قطاع الشحن البحري في المنطقة بنسبة 50% خلال السنوات الخمس المقبلة، مدفوعاً بالاستقرار في مستويات العرض والطلب ومستفيداً من تلاشي تداعيات الأزمة المالية العالمية. وأوضح أن “الحركة الملاحية البحرية بالإمارات جزء من حركة الملاحية العالمية التي تأثرت بتداعيات الأزمة التي بلغت ذروتها خلال الربع الثاني من العام الماضي إلا اعتماد الدولة على تجارة الترانزيت كانت من العوامل التي ساهمت في التقليل من حدة الأزمة وتأثيراتها”. واستكمل أن موانئ الدولة ما تزال تمثل مركزاً إقليمياً للتصدير وإعادة التصدير، علاوة على الوضع التجاري ونمو حركة تجارة الترانزيت في الدولة، ما يدعم موقف الموانئ المحلية في مواجهة ما تبقى من تداعيات الأزمات المالية العالمية.