عيسى المسكري: الهدية بوابة المودة ورمز المشاعر الجياشة
أبوظبي (الاتحاد) - الهدية تعبير صادق عن الحب، فهي نافذة الروح، وبوابة المودة، وطريق الألفة، فتوثق العرى الزوجية، وتمتن ركائزها ودعائمها، وتعطيها زخما واسعا من العطاء المتدفق الذي لا يعرف الحدود ولا يرتبط بقيود، هذا ما يؤكد عليه خبير التنمية الأسرية عيسى المسكري، إذ يفصل ذلك في هذه السطور.
يقول عيسى المسكري: الهدية نجم يضيء فتتفتح له القلوب المقفلة التي ما ذاقت حلاوة الأنس والبهجة، والهدية لها تاريخها في سحر العيون فهي لمحة من أفنان جنة الدنيا وزخرفها، تسعد الزوجة عند رأيتها ويبتهج الزوج بعطائه وسخائه وهبته لها، فينسى ذاته ويضحي بكل غال ورخيص من أجل نبع بحر المحبة، الهدية رمز للمشاعر الجياشة التي تتمتم عما تكنه صدورنا من حب وتقدير واحترام، فتدوم بدوامها في قلوبنا، وقد سطر رسولنا صلى الله عليه وسلم بمداركه الفكرية أهمية الهدية في حياتنا، وفوائدها في جمع القلوب المتباعدة، وتقوي عوامل المحبة والألفة، فيقول بعبارة راقية جامعة والتي كتبها التاريخ بمداد من الذهب وورق من حرير، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تهادوا تحابوا)، إنها عبارة تتحدى الشعراء والأدباء ببلاغتها وعمق معانيها. ويضيف المسكري في سياق حديثه عن مميزات الهدية وتأثيرها في حياة الناس وتطور علاقاتهم الاجتماعية: فالهدية ليست تقاس بحجمها وبغلاء ثمنها، ولا بقيمتها المادية، وإنما تقاس بمقدارها المعنوي، وبما تسمو به في الحياة الزوجية من حب وصفاء ووفاء، وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم قبول الهدية، وقد حثنا على قبولها ولو كانت شيئا صغيرا مهملا. إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي: (لو أهدي إلي كراع (وهو ما دون الكعب من الدابة) لقبلت، ولو دعيت عليه لأجبت.
مناسبات الهدايا
يتحدث عيسى المسكري عن ألوان الهدايا وأنواعها وأشكالها وكيفية تأثيرها، ويقول: يختلف لون الهدية وشكلها وحجمها تبعا للمناسبة التي تواجهنا وتصادفنا، فهدايا المناسبات الدينية كهدية العيد مثلا لها نفحاتها الحلوة وروحانيتها العالية، هي أجمل من الورود وأندى، وكما تتنوع الهدايا في المناسبات الاجتماعية بتباين أوقاتها وأسبابها، هناك أنواع عديدة نذكرها بعضها بين هذه السطور هدية الأسفار: يقول الشيخ أحمد القطان في كتابه «الزوجة وهدايا الأسفار» لهذه الهدية طعم خاص، فهو يختار لها في سفره ما يناسبها كامرأة، وهي تختار له ما يناسبه كرجل، وتترك هدية السفر انطباعا خاصا لأنها نابعة من بحر الشوق ومعاناة الغربة، أما هدية الزفاف: لها وقعة على النفوس، وبقاؤها في القلوب، فهي صورة حلوة ملونة بألوان المحبة والمودة وشجرة مثمرة تتدلى ثمارها لتعطي طعم الحياة ولوعة الوجود، فتدمع عيون الزوجة حبا عند رؤيتها، وأما هدية المولود الجديد: فهي هبة من الرحمن، ورزق حلال.
الهدايا المعنوية
يضرب المسكري أمثالا من خلال دراسات بعض الباحثين عن الهدية ومردودها المعنوي، فيقول: لقد تحدث الباحثون عن أنواع الهدايا وقسموها إلى نوعين وهي: هدايا معنوية وأخرى حسية. وقد أجريت دراسة في ألمانيا عن الهدية المعنوية، إذ تقول الدراسة: من حسن الحظ أن الرجل يستطيع أحيانا أن يقدم للمرأة هدية ممتعة، عبارة عن دعوة على العشاء، أو السفر في رحلة قصيرة، وقد تميزت بكونها تنظر أحيانا للشكل أكثر من المضمون، وهناك كم هائل من الزوجات يفضلن الكلمات المعسولة والعبارات الحلوة عن الهدايا المادية المحسوسة، ويعود تفسير هذه الظاهرة إلى أن المدارك العاطفية القلبية للزوجة قد تطغى المراكز الحسية المحسوسة. وبينت الدراسة أن أكثر من 66% من النساء مقابل 14% يفضلن الكلام المعسول أولا، ونحو 20 % لا يرضين إلا بأشياء مختلفة مثل الهدايا المحدودة، مما يشعر الرجل بأن إرضاء الزوجة يكون دائما بإغراقها بالهدايا، ثم يدرك أن سياسته قد فشلت ونظريته في تلاحق الهدايا وتتابعها لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن مشاعر الرضا تكون مؤقتة بهذه الهدايا المتتالية، وتختفي مع أول هدية يقدمها الرجل للزوجة. وقد تضعها الزوجة في صندوق الإهمال، لأن ما يشبع عاطفتها ليس الإفراط في الهدايا بل الكلمات العذبة أو الابتسامة البريئة لأن الابتسامة الحلوة هدية، والكلمة الطيبة هدية، والمعاملة العاطفية أجمل هدية للزوجة وهي أغلى من الهدايا الحسية الملموسة لأنها تهدى في كل وقت وزمان و في أي فراق ولقاء. فالهدية يجب أن تكون معنوية حتى تكون للهدايا الحسية سحرها وتأثيرها، والكلمات الجميلة، ولكن تفقد تأثيرها إذا لم يطابقها العمل، وهنا تأتي أهمية الهدية المادية التي تحول القول إلى العمل فتدرك الزوجة أن هذه الهدية نابعة من صدق المحبة، ونبع المودة. فقد روي الأمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة: (تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر)، أي غله وغشه وحقده.
آداب الهدية
يعتبر المسكري أن تقديم الهدية له طقوس معينة يجب اتباعها لتحقق الغرض المنشود منها، حيث يقول: هي عبارة عن خطوات تبين فن الأتكيت والذوق الرفيع حتى تؤتي الهدية ثمرتها وعطاءها. وينصح: - اختر الهدية التي تناسب المقام وتليق بالمناسبة.
? أزل السعر الموضوع على الهدية.
? غلِّف الهدية بفن وإحكام وذوق.
? ضع عليها بطاقة واكتب عبارة تبين سبب الهدية وعمق المحبة
? غلفها أيضا بكلمة طيبة أو ابتسامة هادئة عند الإهداء.