أحمد مراد (القاهرة)
ولد الفيلسوف والكاتب والمفكر الفرنسي المعروف، روجيه جارودي، في باريس العام 1913 لأم مسيحية كاثوليكية وأب ملحد، وفي الرابعة عشرة من عمره اعتنق المسيحية البروتستانتية، وحصل على درجة الدكتوراه الأولى سنة 1953 من جامعة السوربون، وبعدها بعام واحد فقط حصل على درجة الدكتوراه الثانية من جامعة موسكو، وانتخب نائبا في البرلمان الفرنسي.
آمن جارودي بقيم العدالة الاجتماعية والمساواة والعدل، وبعد دراسة مستفيضة وشاملة وجد في الدين الإسلامي مبادئ سامية وقيما نبيلة وتعاليم رائعة تداوي أزمات الإنسان في كل زمان ومكان، وهو ما جعله يعتنق الدين الحنيف سنة 1982.
وألف جارودي كتبا وأبحاثا مهمة لإنصاف الإسلام، أهمها «وعود الإسلام»، «الإسلام دين المستقبل»، «المسجد مرآة الإسلام»، «الإسلام وأزمة الغرب».
وجاءت أبرز الشهادات المنصفة للإسلام التي سجلها جارودي في كتابه الشهير «الإسلام دين المستقبل»، وفيها يقول: «أظهر الإسلام شمولية كبرى في استيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلفة، فقد كان أكثر الأديان شمولية في استقباله للناس الذين يؤمنون بالتوحيد، وكان في قبوله لأتباع هذه الديانات في داره منفتحاً على ثقافاتهم وحضاراتهم، والمثير للدهشة أنه في إطار توجهات الإسلام استطاع العرب آنذاك ليس فقط إعطاء إمكانية تعايش لهذه الحضارات، بل أيضاً إعطاء زخم قوي للإيمان بالإسلام، فقد تمكن المسلمون في ذلك الوقت من تقبل معظم الحضارات والثقافات الكبرى في الشرق وأفريقيا والغرب وكانت هذه قوة كبيرة وعظيمة للإسلام، وأعتقد أن هذا الانفتاح هو الذي جعل الإسلام قوياً ومنيعاً».
ويقول جارودي: «الإسلام هو تلك الرؤية لله وللعالم وللإنسان التي تنيط بالعلوم والفنون وبكل إنسان وبكل مجتمع مشروع بناء عالم إلهي إنساني لا انفصام به باقتضاء البعدين الأعظمين، المفارقة والجماعة، التسامي والأمة».
ويقول أيضاً: «بفضل مبدأي الإسلام الأساسيين: مبدأ السلطة لله وحده، وهو الذي يجعل كل سيادة اجتماعية نسبية، ومبدأ الشورى التي تستبعد أية وساطة بين الله والشعب، يزال، أي استبداد مطلق يضفي القداسة على السلطة، ويصبو إلى أن يجعل من القائد إلها على الأرض».
وفي مرة أخرى يقول جارودي: «الإسلام يحمل بذور تغيير جذري على مستوى الإنسانية كلها، إن الجهاد الأكبر في الإسلام هو كفاح ضد الذات، ضد الميول التي تجذب الإنسان بعيداً عن مركزه».
ويمدح جارودي إنصاف الإسلام للمرأة، قائلاً: «المرأة في الإسلام شريكة للرجل، والقرآن يقول: «ومن كل شيء خلقنا زوجين»، والقرآن لا يحمل المرأة المسؤولية الأولى للخطيئة، وإذا نحن قارنا قواعد القرآن بقواعد جميع المجتمعات السابقة، فإنها تسجل تقدما لا مراء فيه.
ويضيف جارودي في شهادته عن إنصاف الإسلام للمرأة: في القرآن تستطيع المرأة التصرف بما تملك، وهو حق لم يعترف لها به في معظم التشريعات الغربية إلا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.