وصل الملف الذي تفتحه “الاتحاد” إلى المحطة الخامسة، في طريق البحث عن حلول عملية لمعاناة كرة الإمارات، في العام الثالث لتطبيق الاحتراف، في أربع حلقات سابقة استعرضنا ما يدور في أندية دوري المحترفين، عبر مشاهدات ليوم تدريبي كامل، ورصد حياة احتراف لاعبينا، واستمعنا لوجهة نظر مدربي الأندية، ورأي عينة من لاعبي كل الفرق من مواطنين وأجانب، ونقلنا تجارب الدول المجاورة التي تجمعنا بهم بطولات واحتكاكات عربية وخليجية وآسيوية مع بعض التجارب العالمية من أجل أن ننقل الصورة بلا تدخل منا حرصاً على الحيادية. وبعد تجاوب كل عناصر كرة القدم الإماراتية، مع ما أفرزه الملف من قضايا مهمة، حول تفرغ اللاعبين، ومعاناة المدربين من تعارض مهام اللاعبين، مع ارتباطهم بوظائفهم الخارجية، وإشكالية عدد ساعات التدريب التي ينالها لاعبونا، وطريقة التغذية التي لا تتماشى مع دراسات الاتحاد الدولي “الفيفا”، وعدم الاهتمام بوجود طبيب نفسي مع الأجهزة الفنية، على غرار ما يحدث في الأندية الأوروبية، وبعض الأندية العربية، جاء الدور على الأصوات المحايدة من خبراء اللعبة والمتخصصين لتقديم نصائحهم من أجل الخروج بنتائج محددة تدعم الهدف الذي تم فتح الملف من أجله. وفي هذه الحلقة أيضاً نستعرض بعض المواقف من الملاعب العالمية كنماذج فقط لطريقة تفكير اللاعب، والمدرب خارج ملاعبنا، بهدف تغيير الفكر الذي نتعامل به مع الاحتراف عندنا، سواء بتغليب العاطفة على اللوائح، أو البحث الدائم عن مبررات غريبة للإخلال بواجباتنا التي تحددها العقود، وأيضاً نعرض وجهة نظر كل من مدربي المنتخبين الأول والأولمبي، كونهما أقرب من يتأثر بما يحدث في الأندية، وأكثر من يعانون من “عيوب” الاحتراف، ومشاكل عدم جاهزية اللاعبين بدنياً لأداء المهام مع المنتخبات في المناسبات الكبيرة، خاصة أن اللاعب المحلي عندنا يخوض عدد قليل من المباريات على مدار الموسم على عكس اللاعب الأوروبي. وتكمن المشكلة هنا في قلة عدد أندية الدوري، والتي يمكن من خلالها خوض لاعبينا 22 مباراة فقط خلال البطولة الأهم والأقوى، كما يصل ما يمكن أن يلعبه كل لاعب في بطولة الكأس إلى 5 مباريات، وضعفها في كأس الرابطة على أقصى تقدير، وهي البطولة التي تقام أساساً بدون اللاعبين الدوليين الذين قد يخوضون ما بين 5 إلى 10 مباريات مع المنتخب الوطني سواء الأول أو الأولمبي في السنوات المليئة بارتباطات دولية، مع خوض 3 مباريات آسيوية أو خليجية ببطولات الأندية، وهو عدد غير كافٍ من المباريات، خاصة أن اللاعب لدينا لا يمكنه بأي حال من الأحوال خوض كل هذه المباريات، حيث يغيب عن الكثير منها بسبب توالي الإصابات التي تنتج عن ضعف القوة الجسدية واللياقة البدنية، وأيضاً بسبب التعرض للإيقاف بسبب البطاقات الصفراء والحمراء التي تحدث نتيجة قلة الثقافة الاحترافية في التعامل مع الحكام في أحيان كثيرة. وفي أوروبا لا يمكن تحديد متوسط عدد المباريات التي يخوضها المحترف الأوروبي سنوياً على وجه الدقة، نظراً لوجود الكثير من المتغيرات، وعلى رأسها مكانة النادي الذي ينتمي إليه اللاعب، وهل هو من أندية القمة التي تصل إلى مراحل متقدمة في جميع البطولات التي تشارك بها سنوياً أم لا؟، مع ملاحظة أن هناك من 3 إلى 4 بطولات محلية بالإضافة إلى البطولة القارية التي يتعين على الأندية خوض منافساتها سنوياً، كما أن هناك بعداً آخر يتعلق بانخراط اللاعب في صفوف منتخب بلاده من عدمه، بالإضافة إلى الظروف الاستثنائية مثل الإصابات أو غيرها من الظروف التي تؤثر على عدد المباريات التي يخوضها المحترف الأوروبي سنويا.ً وعلى الرغم من الإقرار بتأثير جميع هذه المتغيرات إلا إنه يمكن القول إن المحترف الأوروبي يخوض ما يقل عن 50 مباراة سنوياً، ويتجاوز العدد الـ 60 مباراة، في حال كان اللاعب ينتمي لنادٍ كبير يشارك في جميع البطولات، ويصل فيها إلى مراحل متقدمة، يضاف إليها من 5 إلى 15 مباراة دولية يخوضها اللاعب مع منتخب بلاده سنوياً، والأمر هنا يرتبط بسنوات إقامة كأس العالم، أو البطولات القارية للمنتخبات مثل أمم أوروبا أو أمم أفريقيا، أو كأس آسيا وغيرها من البطولات القارية. وبالنظر إلى بعض أرقام وإحصائيات عدد المباريات التي خاضها بعض مشاهير النجوم الموسم الماضي (2009 – 2010) يتبين أن الأرجنتيني ليونيل ميسي لاعب برشلونة والمنتخب الأرجنتيني خاض 53 مباراة على مستوى النادي، بالإضافة إلى 10 مباريات دولية، كما خاض إيكر كاسياس حارس الريال والمنتخب الإسباني 46 مباراة، بالإضافة إلى 15 مباراة دولية مع منتخب إسبانيا المتوج بلقب كأس العالم 2010. وبالذهاب إلى ألمانيا تقول الإحصائيات إن شفاينشتايجر لاعب وسط بايرن ميونيخ والمنتخب الألماني خاض 48 مباراة مع النادي، و12 مباراة دولية مع “المانشافت”، وفي إيطاليا يبرز اسم صامويل إيتو مهاجم الإنتر الذي دافع عن ألوان الفريق الإيطالي خلال الموسم الماضي في 47 مباراة، كما خاض 12 دولية مع المنتخب الكاميروني. وفي إنجلترا لم يغب فرانك لامبارد لاعب تشيلسي كثيراً عن صفوف فريقه، حيث خاض مع “البلوز” 51 مباراة، و 7 مواجهات دولية مع المنتخب الإنجليزي، فيما تواجد وين روني في الملعب مع مانشستر يونايتد في 44 مباراة، على الرغم من معاناته من إصابة منعته من استكمال الموسم الماضي، ودافع عن ألوان منتخب “الأسود الثلاثة” في 11 مباراة دولية الموسم الماضي. وبمقارنة ذلك مع عدد من اللاعبين من أفضل العناصر المحلية نجد أن هناك فارقاً كبيراً، بين ما يحدث في الخارج، وما يحدث عندنا، ومثلاً نجد لاعب بحجم وقيمة إسماعيل مطر لاعب الوحدة والمنتخب الأول، وأحد أكثر اللاعبين مشاركة طوال الموسم، لن يخوض أكثر من 35 مباراة في الموسم الجاري، حيث يفترض أن يلعب 22 مباراة في الدوري، حتى نهايته، وإنه سوف يصل بعدد مبارياته في كأس صاحب السمو رئيس الدولة إلى 5 مباريات، بعد أن بدأت مشاركة الوحدة من دور الـ16 للبطولة، إلى أن تأهل لخوض المباراة النهائية مع الجزيرة المقرر لها يوم 11 أبريل المقبل. كما شارك مطر مع الوحدة في 3 مباريات في مونديال الأندية في أبوظبي، و3 مباريات أخرى مع المنتخب الأول في نهائيات أمم آسيا 2011 في الدوحة، بالإضافة إلى مثلها كمباريات محتملة لـ”العنابي” في دوري أبطال آسيا، حتى نهاية الموسم الجاري، وذلك في ظل غيابه عن بطولة “خليجي 20” في اليمن، وتعويض ذلك بمباريات مونديال الأندية، وهي كلها أحداث استثنائية لا يمكن أن تتوافر في كل موسم، وقد يصل عدد المباريات في الموسم المقبل، الذي لا يشهد ارتباطات دولية سوى تصفيات المونديال إلى عدد أقل من ذلك. منذر عبد الله: اللاعب عندنا «مبرمج» على خوض مباراة أسبوعياً دبي (الاتحاد) ـ قال منذر عبد الله مدرب الوحدة السابق، والمحلل الكروي إن الجرعات التدريبية الحقيقية التي يحصل عليها اللاعب المحلي، تقتصر على فترة الإعداد قبل بداية الموسم فقط، حيث تؤدي كل الفرق من تدريبين إلى ثلاثة في اليوم، بجانب الاهتمام بنظام التغذية، وهذا ما يجعل اللاعبين عندما يعودون من المعسكرات التحضيرية للموسم الجديد في حالة بدنية جيدة تؤهلهم للعطاء بشكل أفضل. وأضاف: بكل أسف هذه الوضعية لا تستمر لأكثر من شهر فقط بعد العودة من الخارج، حيث يعود اللاعب إلى ممارسة عاداته القديمة في التغذية والنوم، رغم أن التدريبات تكون عملياً بواقع ساعة ونصف الساعة، ولمدة خمسة أيام في الأسبوع، وهذا نظام خاطئ كلياً، ويجب أن تكون بجانب ذلك تدريبات صباحية لثلاثة أيام في الأسبوع على الأقل. وأوضح المحلل الفني أن ما يحدث الآن دلالة واضحة على ما ذكرته بالذات عندما تكون المباريات مضغوطة، فاللاعب المحلي مبرمج على خوض مباراة واحدة في الأسبوع، وإذا ما أجرينا مقارنة بسيطة، فنجد إن اللاعب في الدوريات الأوربية يستطيع أن يلعب ثلاث مباريات في الأسبوع دون أن يتأثر، وما لم يتغير واقعنا سيظل الحال على ما هو عليه، خاصة في المسابقات الخارجية وهذا بدوره سوف ينعكس على المنتخبات في البطولات التي تشارك فيها. عبد الوهاب: الأندية تدفع غياب الوعي للتعجل في التطبيق دبي (الاتحاد) ـ أكد العراقي عبدالوهاب عبد القادر مدرب عجمان أن الأندية أضحت تدفع ثمن غياب الوعي الاحترافي لدى الإداريين واللاعبين، في أعقاب التعجل في تطبيق العملية الاحترافية، التي لم تحقق أي إضافة حالياً، لأن التطبيق تم قبل أن تكون كل العناصر مهيئة لذلك، والتفاعل معه، وقال: إن توفير المناخ الملائم لإنجاح العملية الاحترافية في الأندية ينبغي أن يكون على مدار موسم كامل، وألا يرتبط ذلك بالمباريات المهمة فقط. وأشار المدرب العراقي إلى أن اللاعب أصبح حائراً بين وظيفته ومهنة كرة القدم، مؤكداً أن ما يحدث في أروقة بعض الأندية ليس باحتراف، مما كان له المرود السلبي، خاصة أن اللاعب لا يضحي بوظيفته التي تمثل مستقبله، حيث ينظر للاحتراف في هذه الحالة على أنه مسألة ثانوية، وقال: هناك تخبط وعدم رؤية واضحة في المنظومة الاحترافية، بسبب غياب الوعي الاحترافي وعدم معرفة البعض لمفهوم الاحتراف. وأضاف: في ظل هذا التخبط نجد أن الإداري ينسف ما بناه الآخرون فور تسلمه للعمل في النادي، مما يؤثر بشكل سلبي على كيانه، ويكون الفريق المتضرر الوحيد في هذه الحالة، ولفت إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب إقامة ندوات تثقيفية، خاصة على نطاق لاعبي المراحل السنية. خالد إسماعيل: إنه «نصف احتراف» ويسير بـ «البركة» دبي ( الاتحاد )- أكد خالد إسماعيل “كابتن” النصر ولاعب المنتخب الأول السابق أن المنظومة الاحترافية الإماراتية غير مطبقة بصورة كاملة، وإن ما يحدث حالياً عندنا هو نصف احتراف، وقال: إن نجاح العملية الاحترافية مرهون بمدى ثقافة اللاعب، كما يحدث في الملاعب الأوروبية، حتى يكون ملماً بقوانين وثقافة وماهية الاحتراف، إضافة إلى الثقافة التعليمية، والتي يكون لها انعكاساتها الإيجابية على مسيرة أي لاعب، مشيراً إلى أنه في هذه الحالة سوف تجني الأندية ثمار ذلك، بعكس ما يحدث في ملاعبنا من “ارتجالية”، حيث لم تطبق الأندية هذه المفاهيم الاحترافية بالصورة الصحيحة. وقال: حان الوقت أن تبدأ العملية الاحترافية من قطاع المراحل السنية، من منظور أن اللاعب حينما يصل إلى الفريق الأول يكون مسلحاً بثقافة الاحتراف، مما يكون له المرود الإيجابي، خاصة أن تطبيق الاحتراف بصورة عملية يكون أفضل في الجيل الناشئ. وأشار خالد إسماعيل إلى أن الاحتراف له قوانينه وثقافته وأخلاقياته التي ينبغي أن تكون سائدة ومعروفة لدى الجميع، حيث يقع الدور الأكبر في هذا الإطار على الأندية، حتى تكتمل الصورة بعيداً عن الارتجالية، نظراً لأن الاحتراف حالياً يسير بـ”البركة “. وأضاف: الاحتراف الصحيح والمثالي هو انضباط والتزام من اللاعب داخل المستطيل الأخضر وخارجه، حيث يجب عليه أن يكون ملتزماً في العقد الموقع بينه وبين ناديه والابتعاد عن السهر وتدخين “ الشيشة “ في المقاهي، وأن تكون التغذية صحية، وفق البرنامج الغذائي بعيداً عن الوجبات التي يتناولها بعض اللاعبين، وقال: للأسف إن هناك بعض اللاعبين يتعاملون مع الاحتراف بأنه نوم حتى العاشرة صباحاً، مشيراً إلى أن الأندية أضحت تدفع فاتورة هذه المفاهيم الخاطئة. وقال النجم الدولي السابق: على الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة أن تلعب الدور الكبير في رفع المعاناة عن كاهل اللاعبين المتمسكين بوظائفهم، وعدم التضحية بمستقبلهم بتفريغهم من جهات عملهم دون أن يتقاضوا أي مرتبات شهرية إبان احترافهم على أن يعودوا إلى وظائفهم فور انتهاء مهامهم الرياضية. وأكد خالد أن دور المجالس الرياضية في كل إمارة لا يقل دوراً عن الهيئة حتى يتم تهيئة المناخ الملائم للاعب بغية إنجاح العملية الاحترافية.