الشعر في الإمارات هو خبز الحياة اليومية واعتدنا على سماعه من الجدات والأمهات
كل كتابة هي فعل تحرر ذاتي عبر تحرر المخيلة· هكذا يمكن اختصار معنى الكتابة والإبداع، وقدرة الحبر والورقة على كسر التابو وتخطي الخطوط الحمراء والمتاريس رغم صعوبة هذا الفعل، خصوصا في المجتمعات المحافظة· ولكن على الرغم من التزام تلك المجتمعات وهنا نقصد الخليجية منها إلا أن المرأة ''الشاعرة'' وتحديدا الشاعرة الإمارتية لفتت الأنظار بما تقدمه من نتاج أدبي يداعب المشاعر والوجدان· بالإضافة إلى ما تحويه قصيدتها من لغة جديدة تعبر عن فضاءات مختلفة عن التي عهدناها في التجارب الشعرية السابقة· ومن هؤلاء الشاعرة الإماراتية كلثمة بن مسعود التي تتميز بكتابة الشعر الفصيح والنبطي· فالأول بالنسبة لها شعر ذو صبغة ''عالمية''، أما الثاني فهو وسيلتها لترسيخ القيم والمبادئ الاجتماعية الإماراتية، ويساعدها على إيصال أفكارها إلى المتلقي الإماراتي والمقيم على أرض الإمارات عبر استخدام مفردات سهلة أقرب إلى اللغة الفصحى، الشيء الذي أدى إلى فهم الشعر النبطي اليوم ممن لا يعرفونه·
ولعل أهم ما يميز الشعر في دولة الإمارات العربية المتحدة أنه خبز الحياة اليومية كما تصفه كلثمة ''لأننا نتحاور بالشعر· واعتدنا على سماعه من الجدات والأمهات· وبالتالي لم يكن يوماً مستجداً على حياتنا!''·
فضاء البيئة
تستقي كلثمة مفردات قصيدتها من الطبيعة والبيئة الإماراتية التي تجمع بين البحر والصحراء والتي تتناول فيها الهم العام· أما عن المرأة الإماراتية فهي كما تصفها كلثمة ''شاعرة بالفطرة· وتطورت مع الزمن· في البداية انصب اهتمامها على الشعر النبطي، أما اليوم فاتجهت بالإضافة إلى ذلك إلى شعر التفعيلة والفصيح والقصيدة الحرة معتمدة على ثقافتها العامة والدين''·
لغة نسائية خاصة
وهناك خصوصية تميز شعر المرأة، لأنها استطاعت أن تسير في تجربتها نحو مناطق إبداع تفردت بها بفعل اختلاف صوتها الإنساني ومعاناتها الخاصة وبدوافع الكتابة لديها مما كفل لها العودة عن صمتها المعهود الذي أخر ظهور صوتها الشعري·
وعلى الرغم من ذلك مازالت العوائق تقف أمام تحرر المرأة الخليجية على صعيد الإبداع الشعري والتي تحددها كلثمة بـ ''السلطة الأبوية''· وتتابع قائلة: ''فالكثير من الشاعرات الإماراتيات لم يستطعن التخلص من تلك السلطة· لذلك يكتب بعضهن باسم مستعار!''
لا للتحرر العدواني
أما كلثمة فانتزعت حريتها بنفسها مستندة على ثقافتها والبيئة التي نشأت فيها· ''فثقافة الشاعرة هي التي تجعلها تكسر الطوق الذي يحاصرها لتخرج منه بقوة بعد أن تعاملت معه بوعي وعقلانية وليس بخوف''·
إلا أن كلثمة ليست مع بعض الشاعرات المتحررات اللواتي يضربن بعرض الحائط العادات والتقاليد تحت شعار ''الحرية''· وتقول: ''فأنا مثلاً أستقي قصيدتي من النواميس التي نشأت عليها· وعندما أكتب الشعر أهدف إلى التواصل مع الآخر وليس التنافر معه، لأن الشعر رسالة· فليس مقبولاً أن يكتب الشاعر لنفسه كما يدعي البعض· فهو يكتب من أجل قضية ما تهم مجتمعه· لذلك يجب أن يحترم موروثات الناس حتى يقدم صورة جيدة عن بلده ونفسه ومحيطه''·
على كل حال هناك إشادة بالنهضة الثقافية التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً على صعيد الشعر خصوصاً والأدب عموماً· فهي تسعى لأن تكون محور الثقافة العربية في القرن الحادي والعشرين، خاصة أن الثقافة هي إحدى أهم أدوات الحفاظ على الهوية والذات الحضارية