مجدي عثمان (القاهرة) أشاد اليعقوبي بصناعة السجاد في أسيوط بمصر، وأقر ذلك المقريزي بتفاوت عدة قرون، حين أشار إلى شهرة محافظة أسيوط في إنتاج السجاد، الذي يشبه سجاجيد أرمينيا، ولدى ظهور الإسلام، كانت صناعة البُسط قد قطعت تاريخاً طويلاً، وقد انتشرت لفظة «سجاد» على أنواع من البسط، ارتباطاً بالعقيدة الإسلامية في كلمة «السجود»، حيث جاء في حديث ربيعة بن كعب حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة، فقال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»، وقد أشاد المسلمون بنفعية السجاد عبر ربطها بممارسة الطقوس الدينية، حيث تتألف بكتابات مميزة، وحين تقام الصلاة تتحول السجادة لمصلى، خاصة مع القرن العاشر حينما دخل المحراب في تصميمها. وتعود صناعة السجاد إلى القرن الخامس قبل الميلاد، حيث تم اكتشاف إحدى القطع في وادي بازيريك في سيبيريا الشرقية، وقد اهتم الأوروبيون كثيراً بالسجاد الشرقي، حتى أنهم في سنة 1604م، عملوا على الحصول على تراخيص لصناعة السجاد الإسلامي في إنجلترا، ومُنح أول ترخيص لشخص يُدعى «فورتيه»، وبذلك لقب بمتعهد صناعة السجاد لصاحب الجلالة الملك، وفي الوقت نفسه عمل عدد من المصانع الأوروبية على منافسة الشرق في تلك الصناعة، ومن أشهرها المصنع الذي أنشأه «بيير دي بونت» سنة 1605م، بغرض تقليد أشكال السجاجيد الإسلامية، ولانتفاء صفة الجودة، توقفت بعد وقت قصير، وربما ذلك مرجعه مهارة الصناع العرب، وعدم قدرة الصانع الأوروبي على مجاراتهم، وإطلاعه على أسرار مهنتهم. وقد عرف الأوروبيون السجاجيد الشرقية عن طريق العرب الذين أدخلوا صناعة السجاد إلى الأندلس، ومنها انتقلت إلى باقي أنحاء أوروبا، حتى أن السجاد المملوكي ظهر في لوحات رسامي عصر النهضة الإيطالية، ويرجع أعجاب الأوروبيون بالسجاجيد العربية، لتميزها بدقة الصناعة وجمال الألوان، حتى أن الوثائق التاريخية تثبت أن الكاردينال «ولزي» - في عهد ملك إنجلترا هنري السابع - وكبير وزرائه تمكنا في سنة 1521م، وبمساعدة سفير البندقية من الحصول على 60 سجادة شرقية لتقديمها هدية إلى ملك إنجلترا. وكان الفنان المسلم يستخدم في صناعة السجاد صباغات طبيعية نباتية مثل الزعفران للون الأصفر الزعفراني، ونبات الانديجو الذي يعطي اللون النيلي وصبغات حيوانية خاصة من حشرة القرمز ليحصل على اللون القرمزي. ويشار إلى أنه منذ بواكير العصر الإسلامي كانت مصر مركزاً مهماً لصناعة السجاد، وبلغت أوجها مع العصرين المملوكي والعثماني، حتى أن السلطان العثماني مراد الثالث طلب من واليه على مصر أن يبعث له أحد عشر صانعاً للسجاد من القاهرة وأن يزودهم بكمية وفيرة من الصوف المصبوغ. في العصر الفاطمي ظهر نوع فاخر من السجاد يسمى «القلمون»، وقد اعتنى الحكام الفاطميون بصناعة النسيج وكان يشرف عليها «صاحب الطراز»، وخاصة في الدلتا والإسكندرية ودمياط وتينس والبهنسا والفيوم، كما ازدهرت تلك الصناعة في صقلية عندما كانت تتبع الفاطميين في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وقد استمرت بطرزها الإسلامية في عهد النورمانديين الذين استولوا على صقلية بعد الحكم الإسلامي، بسبب قيمتها العالية. والسجاد يُصنع من الأصواف وشعر الغنم ووبر الجمل والحرير الطبيعي إضافة إلى القطن والكتان، ويتميز كل قطر من الأقطار الإسلامية بنوع خاص به من ناحية الصناعة والتلوين والزخرفة، وتبعاً لتوفر تلك الخامات به. وفي العصر العثماني استُقدمت صناعة المنسوجات الإسلامية من الشرق إلى إسطنبول وأنقرة فغلبت الطرز التي كانت سائدة في العصر العباسي الثاني من الرسومات للطبيعة والحيوانات، والكتابات الكوفية بماء الذهب والفضة، وقد بلغت صناعة السجاد في أزمير بتركيا أوجها في القرن الـ 10هـ - 16م. والسجاد الإيراني ذاع في أوروبا منذ العصور الوسطى، حتى أن بعض ملوك بولندا في القرن الـ 17م، أوصوا بعمل سجاد من الحرير الموشى بخيوط الذهب، خصيصى لهم ورسمت عليها شعاراتهم، وأطلق على هذا النوع «البولندي».