شهد اليوم الرابع من أيام مهرجان الإمارات لمسرح الطفل عرض عملين مسرحيين، كان الأول بعنوان ''كتاب مستعمل'' لفرقة مركز أطفال الشارقة، والثاني بعنوان ''جبل الريحان'' لفرقة جمعية حتا للثقافة· واللافت حتى الآن في هذا المهرجان هو الحضور الأسري الكبير للعروض، حتى أن من يتأخر قليلا عن الدخول قد لا يجد مكانا للجلوس ويضطر للمشاهدة واقفا أو جالسا بين الممرات· ومسرحية ''كتاب مستعمل'' من تأليف وإخراج محمود أبوالعباس وهي نص غنائي، يقدمه المخرج من خلال عدد من الشخصيات المتعلقة بالكتاب والورق، فهناك شخصية الغلاف وشخصية رزمة ورق مثلا، وهناك الورقة الحمراء والخضراء والصفراء، ومن جانب آخر هناك شخصيات الناس الذين يتعاملون مع الكتاب· وتقوم هذه المسرحية على أهمية الكتاب بوصفه وعاء للمعرفة والفكر في جميع الحضارات، وضرورة احترام الكتاب وصيانة كرامته التي لا تتأتى سوى من خلال المحافظة عليه والإفادة منه إلى أقصى حد ممكن· وتتداخل هنا مفاهيم الكتابة والنشر والقراءة· استعمل المخرج في الديكور مجموعة من المناظر التي تحقق خلفيات لبيئات الحوادث المختلفة التي تدور في المسرحية، وهي عبارة عن كتاب مفتوح تتجسد فيه أشكال متعددة لكل منظر بأسلوب يحاكي بطاقة الأعياد المجسمة لمنظر ما عند فتحها، وهي سوق تحوي دكان العطار القائم في بيت قديم مهجور· يبدأ العرض بأغنية تؤديها المجموعة بأسئلة: من مزق الكتاب من فرق الأحباب من غير الأفكار والنقاء من طير الآمال في الهواء''· فترد عليه رزمة الورق بشكوى مريرة: يد الكسول مزقتني/من أصدقائي ضيعتني/من كتابي خلعتني/ما الحل أيها الأصحاب؟'' ويختتم العرض بتعريف ما هو الكتاب المستعمل بالقول إنه: الكتاب فرح الدنيا هو الغد المهاب· وتشاهد مجموعة من الشخصيات الورقية والإنسانية يقوم بها ممثلون من الأطفال ضمن إطار غنائي يبدو أن الشعار فيه لم يتم إعدادها على نحو ملائم، فهي ليست بالقوة الكافية، كما أن الكثير منها جاف وغير موزون، وهو بالتالي غير جذاب، لكن الموسيقى حملته رغم كل شيء· وينشد الجميع في النهاية عبارة ''وخير جليس في الزمان كتاب''، وعبارات نثرية ضعيفة ومباشرة مثل ''من يقرأ هذه السطور، ينهل منها بحور، ويسطع من العقل نور''· تميز في هذا العرض تصميم الأزياء حيث اعتمدت المصممة ميساء الأجوة الصيغة الورقية نمطا للملابس، فوجدنا على الخشبة مجموعة من الكتب المتحركة ضمن مجاميع معينة، وهي تتيح قراءة ما تحتوي عليه من نصوص وكتابات· أما الإضاءة فلم يكن فيها أي تميز في التنقل بين المشاهد· كما عرضت ايضا مسرحية ''جبل الريحان'' من تأليف محمد سعيد الجوخدار وإخراج عمر غباش، وهي تتناول صراع الخير والشر المتنقل منذ آلاف السنين، ويحاول العرض أن يرسم مفترق الطرق بين سيطرة الشر والخداع أو انتصار الخير وأعوانه، طارحا السؤال الأزلي عن السبيل لكي يعم الخير والصدق والسلام· ويبدأ العرض بأغنية حول المحبة والسلام يؤديها فريق في حضرة الملك، ثم يمضي العمل في حوارات مطولة حول الحب والحكمة، ويسافر الملك مع رجاله في رحلة إلى جبل الريحان ليلتقي القائم عليه ويتلقى منه الحكمة، فينطق الراعي بحكمة العندليب، وتستمر الحوارات الطويلة في مشاهد شبه جامدة، لتعود الرقصات والأغاني وتحرك هذه المشاهد، لكن الطابع العام للعرض كان إيقاعا شبه ثابت ولا تغيير كبيرا فيه على مستوى المؤثرات الصوتية والضوئية· و خرج جمهور اليوم الرابع من المهتمين بالمسرح وهم يتحدثون عن ضعف في العرضين على أكثر من صعيد، وتساؤلات عن المسؤولية عن هذا الضعف في المستوى، أمام الإمكانيات والتجارب التي يجري الحديث عنها باستمرار وإمكانية تطوير الأداء الفني للكوادر كلها في التأليف والإخراج والتمثيل وبقية العناصر التي يتكون منها العرض المسرحي