أحمد مراد (القاهرة)

ولد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في شهر رمضان سنة 3 هجرية، وهو أكبر من شقيقه الحسين بعام كامل.
منذ اليوم الأول لمولده تلقى الحسن رعاية خاصة من جده النبي صلى الله عليه وسلم، فعقب ولادته مباشرة أذّن رسول الله في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى.
أدرك الحسن 8 سنوات من حياة جده صلى الله عليه وسلم، واهتم النبي بتنشئته نشأة حسنة، وعمد إشراكه معه في أمور الدنيا والدين على الرغم من صغر سنه، يصطحبه إلى المسجد وإلى المواقع التي يوجد فيها صلى الله عليه وسلم، وكان الحسن يستمع إلى توجيهات رسول الله فيحفظها ويتعلم منها، وكان لهذا الأثر الكبير على حياة الطفل الصغير، فكان منذ صغره كريم الخلق، عفيف اللسان، فصيح العبارة، سخي اليد، وغير ذلك من القيم والصفات التي اكتسبها من التربية النبوية الشريفة.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يرى الحسن كثيراً، ودائم السؤال عنه، قال أبو هريرة رضي الله عنه: خرج النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار - أي في جزء من النهار - لا يكلمني ولا أكلمه، لأنه مشغول ولا أريد أن أشق عليه، حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم سوق بني قينقاع، وكان قريباً من هذا السوق بيت فاطمة، فجلس بفناء بيت فاطمة، وكان يقول لها: أَثَمّ لكع؟ أّثَمّ لكع؟ يعني الحسن موجود؟، هل هو موجود؟ هاته.
قال أبو هريرة: فحبسته شيئاً - أي أخرت المجيء بولدها الحسن وتوقعت أنها تلبسه سخاباً، والسخاب قلادة من طيب كانت تُلّبس للصبيان ذكورهم وإناثهم، وقيل: هي من الخرز، ثم دفعته إلى رسول الله، أرسلته، فجاء يشتد يسرع - جاء يركض - إلى جده عليه الصلاة والسلام فعانقه الرسول وقبله، وقال: «اللهم أحببه وأحب من يحبه».
وعن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل الحسن بن علي رضي الله عنهما على عاتقه وهو يقول: «اللهم إني أحب حسناً فأحبه، وأحبب من يحبه».
وهناك العديد من المواقف التي جمعت الحسن وشقيقه الحسين برسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن جابر قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما، وهو يقول: «نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما»، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين على ظهره، الحسن على أضلاعه اليمنى، والحسين على أضلاعه اليسرى، ثم مشى، وقال: صلى الله عليه وسلم: «نعم المطي مطيكما، ونعم الراكبان أنتما».
توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وواظب الحسن على اتباع سنته والاقتداء بسيرته، فكان شاباً عابداً تقياً ورعاً، وحينما استشهد أبوه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بايع الناس الحسن ليكون خليفة للمسلمين، وتنازل الحسن لمعاوية بن أبي سفيان، ورغبة منه في لمّ شمل المسلمين، ومنع التقاتل بينهم، وجاء هذا الموقف تصديقاً لنبوءة حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن ابني هذا سيد، ولعلَّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين».
بعد أن تنازل الحسن عن الخلافة، أقام في المدينة المنورة، وكان موضع احترام الناس وإجلالهم لكرمه وسخائه حتى توفي سنة 50 هجرية.