ألعاب الأطفال الأبناء يشترون العنف والآباء يدفعون!
يعشق سلطان الألعاب بمختلف أنواعها، وكلما رأى لعبة على شاشة التلفاز، يسرع إلى والدته طالباً منها أن تشتري له مثلها، والويل لها إن لم تفعل· فالصراخ والبكاء والنحيب سيدوم طوال اليوم· وعلى الرغم من أن الألعاب تملأ غرفة سلطان، إلا أن رغباته وطلباته مجابة فهو أول العنقود، كما تقول أمه، وهي لا ترفض طلبه حتى لو كانت الألعاب باهظة الثمن، لأنها ''لا تستطيع أن تحرم سلطان من فرحته وسعادته''·
سلطان ليس حالة فريدة من نوعه، فهذا حال الكثير من الأسر التي لديها أطفال· والسبب بسيط فأغلب الإعلانات تركز على الأطفال وتتوجه إليهم باعتبارهم ''الدجاجة التي تبيض ذهباً''، والنتيجة أن ''الأولاد يشترون والآباء يدفعون''·
في جولة سريعة على خمس محال تبيع الألعاب وجدنا أن رغبات الأطفال تتركز على شراء الألعاب التي يتم الإعلان عنها في التلفزيون والشخصيات التي تعرض أمامهم: أبطال الديجيتال، سبايدرمان، باتمان، باربي، فلة، وغالبا ما تأتي تلك ''الشخصيات'' على شكل أفلام كرتون، وألعاب فيديو، وألعاب مجسدة، وملصقات وحلوى، وأدوات مدرسية· باختصار أصبح الطفل محاصرا بهذه الشخصيات التي أغرقت وملأت الأسواق، وبأسعار باهظة!
عواطف العلي جاءت مع ابنتيها إلى محل الألعاب لشراء هدية لكل منهما، فبلغت قيمة مشترياتها ما يقارب ''ألف درهم''، ورغم ذلك، لا تعتبر المبلغ كبيراً· وتفسر ذلك بأنها ''تشتري لهما الألعاب لنجاحهما وتفوقهما في المدرسة، وعليه يهون المبلغ الكبير أمام النجاح''· وتعترف ''لو أنني اشتريت هذه الهدايا في وقت آخر لشكل ذلك عبئاً عليّ''·
مع ذلك، تنتقد عواطف شاشات التلفاز التي ''تقدم كل يوم لأطفالنا ألعاباً جديدة، وشخصيات كرتونية، يصر الطفل على شرائها لأن صديقه لديه منها، وهكذا يقع الأهل في دوامة طلبات لا تنتهي، ويضطرون لتحقيق رغبات أطفالهم ولو كان الثمن غاليا''·
أطفالنا مستهدفون
ويرى شاهين علي (رب أسرة) أن ''الإعلانات التلفزيونية تستهدف أطفالنا فعلاً، فكل قناة وشركة تجارية تتسابق لجذب أكبر قدر ممكن من الأطفال· وتتفنن في أساليب عرضها للتأثير عليهم وبالتالي هم يؤثرون على الأهل للحصول على اللعبة التي عرضت على الشاشة''·
ويؤكد: ''يظهر الإعلان أكثر من مرة حتى تترسخ اللعبة في ذهن الطفل فيندفع لشرائها· وفي كل شهر تقريباً يطالب أبنائي بشراء ألعاب، على الرغم من محاولاتي الدائمة للرفض وإيضاح أنني لن أفعل ذلك كل شهر، إلا أنني وأمام إصرارهم أضطر إلى الرضوخ والانصياع لطلباتهم رغم ارتفاع أسعار الألعاب لأنني لا أستطيع أن أحرمهم من الأشياء التي يرغبون فيها، وفي كل زيارة للمحل أخرج بفاتورة قدرها 1000ـ 1600 درهم''·
رغم ذلك، يعتقد شاهين أن ''الدور الكبير يقع على عاتق الأسرة التي يجب أن تتحكم أو تعمل (control) على الطفل، وعدم شراء كل ما يريده ويطلبه''·
الأسعار نار
سلوى عيسى تقف على النقيض فيما يتعلق بشراء الألعاب للأطفال، فهي ترى أن طفل اليوم ''مدلل''، ولا يرفض له أي طلب، وكلما شاهد ابني لعبة على التلفاز يطلب مني شراءها له، ولكنني لا ألبي طلباته كلها لسببين، أولهما أن هذا خطأ من ناحية تربوية، فالطفل يستخدم اللعبة يوماً أو يومين وبعد ذلك يرميها، لأنه متأكد أن والدته ستشتري له لعبة أخرى!، وفي هذه الحالة يستسهل كل شيء ولا يعود هناك أي قيمة للعبة وربما لأشياء الحياة الأخرى في المستقبل·
أما السبب الثاني، حسب سلوى، فهو ''الأسعار المرتفعة والتي لا تتوقف عن الارتفاع، وهذا يرهق ميزانية غالبية الأسر· أما في المناسبات والمواسم فالأسعار نار''·
لذا، تنصح سلوى الاهل بأن ''يعلموا أبناءهم أن طلباتهم ليست مجابة في كل وقت، وأن شراء اللعبة من عدم أمر يخضع للميزانية''·
في أحد محال ألعاب الأطفال التي تجولنا فيها كان سالم راشد (9 سنوات)، يقلب اللعبة يميناً ويساراً، سألته هل أعجبتك هذه اللعبة؟
فأجاب: ''أحب ألعاب السيارات الكهربائية، فهي تعلمني قيادة السيارة بإتقان، وعندما أكبر سأشتري سيارة مثل هذه السيارة''·
وأضاف: ''في السابق أعتدت على تكسير ألعابي بعد استعمالها مرة أو مرتين، ولكن أبي أفهمني أن هذا التصرف خاطئ ولا يجوز إتلافها أو تخريبها، لأن شراء لعبة واحدة اليوم بات غاليا، وربما يؤذيني تفكيكها صحيا''·
تحب شذا الريس (10 سنوات) شراء العرائس مثل باربي وفلة وبراتز، ولديها - كما تقول - مجموعة كبيرة من ألعاب البنات، والسبب هو انها من ''النوع الذي أحافظ عليها لأنها غالية الثمن، ولأنها جاءتني هدية من والديّ في يوم نجاحي، ويُعز علّي تخريبها· وأنا لديَّ الكثير بينما هناك أطفال يتمنون الحصول على هذه الألعاب، ولا يستطيعون ذلك لارتفاع أسعارها''·
أسعار معقولة
خلافاً لكل ما سبق، يرى غريب عبد السلام صاحب أحد محال بيع الألعاب أن الأسعار متنوعة وليست كلها مرتفعة، ''كل الألعاب التي تملأ رفوف المحل تمتاز بالجودة العالية والتقنية الفائقة، ومع ذلك هناك الرخيص والغالي· وبصورة عامة نحاول أن يكون هناك تنوع في الألعاب ضمن أسعار معقولة بحيث يمكن لأصحاب الدخل المحدود شراؤها''·
ويتابع: ''أكثر الألعاب التي يميل لها الأولاد هي في الغالب السيارات الكهربائية، والمسدسات، والشخصيات الكرتونية، والبلاي ستيشن، أما الفتيات فهي العرائس والدمى، والأدوات المنزلية، وقد تتفاوت الأسعار من 50 درهما فما فوق حسب اللعبة وجودتها وكبرها والجهة المصنعة''·
ويعتقد غريب عبد السلام أن ''الألعاب التي نبيعها تعليمية لتساعد الطفل على تنمية المهارات الحركية والفكرية والذهنية، وهي تناسب كل الأعمار ''·
عنف وشقاوة
نقلنا هذه الآراء إلى الأخصائي الاجتماعي فكان رده: ''أصبح هدف الكثير من المحال التي تقوم ببيع ألعاب الأطفال اليوم هو الربح المادي· فمعظم الألعاب المتوفرة هي شخصيات كرتونية باتت معروفة وراسخة في ذهن الطفل، لكثرة ما تعرض أمامه على الشاشة· ومن المؤسف أنها في المجمل تتصف بالعنف والشقاوة، وتمثل أدواراً تعلم الطفل كيف نهزم الآخر أو نقهره أو نقتله· ناهيك عن انتشار الألعاب الحربية (المسدسات والبنادق البلاستيكية، وألعاب الفيديو)، وكلها تعلم الطفل هدفاً واحداً وتوصل له رسالة مفادها أن العنف وسيلة مفيدة لحل المشاكل والمواقف التي تواجهه· وإذا كانت هذه الرسالة تترجم حالياً في إقبال الطفل على هذه الألعاب وحبه لها وشــــغفه باقتنائها، فإنهـا ســـتصبح في المستقبل اقتناعاً بنماذجها، وإيماناً بما تحمله من قيم، وتطبيقا لما تمارسه من سلوكيات''·
المصدر: أبوظبي