زمن غريب
كانت عقارب الساعة تشير إلى السابعة صباحاً··· وعيناي متحجرتان بفكر شارد في إحدى زوايا أرفف مكتبتي، ولا أنكر أنني جلت العالم في تلك اللحظات·· مروراً بروائع ماضينا، متخطية أسوأ مواقف حاضرنا والأحداث، متجهة إلى أرض الواقع لتنجلى الصورة أمامي وتسطع عيناي مرة أخرى بالتركيز، مازلت أحدق في الكتاب ذاته: (الغريب)·· وهو نتاج أدبي قصصي لكاتبة مغربية، لطالما أرغمني اختيارها للعنوان على تأمل معناه جيداً، ورجعت إلى قول الحكماء قديماً: ''اللفظ جسد·· روحه المعنى'' ، عندها امتزج فكري ببيت القصيد·· فمن منا ليس بغريب···؟، وأي حالٍ أضحى في زماننا ليس بغريب···؟
تعامُلنا مع أهالينا بات مزيناً بحبيبات المجاملة والتجاهل الرهيب، وتعامُلنا مع أنفسنا قبل تعاملنا مع الغير بحد ذاته أصبح أسلوباً أنانياً وغريبا···!، نعيش اليوم تلو الآخر دون أن نحدد لأنفسنا أي أهداف أو تحديات تجبرنا على إثبات الذات مع مرور كل يوم جديد، أو التعلم من أخطائنا·· والاستفادة من طاقاتنا المدفونة تحت ظل الكسل والفشل والعبوس، فلدينا من المواهب والعقول الذكية ما تحسدنا عليه العديد من الشعوب، ولدينا ''كعرب'' من الإنجازات والثروات ما تحسدنا عليه دول الغرب والشمال والجنوب، لكننا فضلنا المكوث تحت شجرة الملل والاستظلال بها وقطف ثمارها المحقونة بالصمت والتقليد، لتشل ما تبقى من حركتنا وتقدمنا نحو الرقي في التعامل·· والإبداع في الابتكار والتجديد·
ولا أعلم إن كان المضي قدماً نحو التنقيب عن قصص العظماء قديماً والتعلم من أسلوبهم ومواقفهم وإنجازاتهم يقع أيضاً ضمن الغريب العقيم···؟ أم أن حياتنا مثالية لدرجة أن تغنينا عن الاستفادة من الماضي وتفضيل الاكتفاء بالواقع وكل شيء حديث؟
إيناس الحبشي - أبوظبي