عمرو عبيد (القاهرة)

مع تغيير الموعد في كل عام، بات من المنتظر أن يخوض لاعبو كرة القدم المسلمون، خاصة في أوروبا، مباريات عدة خلال شهر الصيام في السنوات القادمة، ويثير صيام لاعبي كرة القدم المسلمين الكثير من الجدل عادة في القارة العجوز، خاصة عندما تزامن الشهر الكريم مع بطولات كبرى، مثل كأس العالم واليورو وأيضاً نهائي دوري أبطال أوروبا، خلال الأعوام الماضية، وتخرج الكثير من التقارير المختلفة والمتناقضة، تارة يؤكد فيها الأطباء أن الصيام لا يؤثر بصورة سلبية على أداء اللاعبين، لاسيما مع اتباع نظام غذائي علمي محدد، يُسهل عملية الصيام ويمنح اللاعبين الطاقة الكافية لخوض المباريات أثناء ساعات النهار، وتارة أخرى يحذر البعض من صيام اللاعبين، وضرورة الإفطار أثناء لعب المباريات، وأحياناً خلال التدريبات أيضاً، وبين هذا وذاك، يُصر لاعبون على الالتزام بصيام شهر رمضان، مهما بلغت الآثار المترتبة على ذلك، في حين أن لاعبين آخرين يُفطرون بناءً على رُخَص يحصلون عليها من بعض الفتاوى الدينية.
وفي عام 2014، قال جيري دفوراك، كبير الأطباء في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، إن الصيام لن يؤثر سلباً على صحة اللاعبين المسلمين المشاركين في المونديال، بعد إجراء دراسات طبية شاملة من جانبهم، تأكد من خلالها أن الالتزام بنظام غذائي يساعد اللاعبين على خوض المباريات أثناء الصيام من دون أي خطورة أو صعوبة، وذكرت مواقع رياضية عالمية بعض النقاط الأساسية في نظام التغذية للاعبين أثناء الصيام، حيث يجب عليهم تناول الإفطار سريعاً بوجبة خفيفة صغيرة، يكون الماء والتمر والسوائل المختلفة مكونات أساسية فيها، ويجب تناول الكثير من الماء قبل بدء التمرين وبعد نهايته، وحتى الساعات الأولى من فجر اليوم التالي قبل بدء الصيام، مع تجنب المأكولات الدهنية في السحور، والتركيز على الأغذية التي تحتوي على الكربوهيدرات العالية.
ويُذكر أن تقارير أفادت بحصول لاعبي منتخبي مصر والسعودية، على رخصة للإفطار بفتوى دينية، قبل مشاركتهما في المونديال الروسي الأخير، في حين تناولت وسائل الإعلام مسألة صيام لاعبي المنتخب الجزائري في مونديال 2014، وكانت لقطة حارس مرمى محاربي الصحراء، رايس مبولحي، هي الأبرز، عندما واجه المنتخب الألماني في الشوط الأول من مباراة دور الـ 16 بمونديال البرازيل صائماً، قبل أن يتناول التمر ويفطر بين الشوطين، كما أعلن القائد الجزائري مجيد بوقرة أنه يصوم رمضان دائماً قدر إمكانه، في حين أعلن مسعود أوزيل أنه يمارس عمله، وبالتالي قرر الإفطار في رمضان خلال المونديال، عكس ما أعلنه بنزيمه وسيسوكو ولاعبو منتخب تركيا المسلمين، حيث أكدوا التزامهم بالصيام أثناء المونديال.
صحيفة ماركا الإسبانية اهتمت بهذا الأمر في أكثر من مناسبة، حيث أفردت المساحة أمام تقرير في العام الماضي، قبل إقامة المباراة النهائية لدوري الأبطال، بين ريال مدريد وليفربول، بحثت فيه عن تأثير الصيام على النهائي القاري، وقالت إن شهر رمضان يمتلك أهمية كبرى لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم، حيث يلتزم الجميع بالصيام فيه عن الطعام والشراب وأمور أخرى، منذ شروق الشمس حتى غروبها في كل يوم، وهو ما يتطلب تعديلاً في جدول النوم، للسماح لهم بتناول الطعام والشراب قبل الشروق، وذكرت ماركا أن اللاعبين المسلمين في صفوف الفريقين، هم محمد صلاح وساديو ماني وإيمري كان في ليفربول، وكريم بنزيمه وأشرف حكيمي في الريال، ويجب عليهم اتخاذ بعض الاستعدادات الخاصة بسبب الصيام قبل خوض المباراة النهائية التي أتت بعد بداية شهر رمضان وقتها بـ 11 يوماً.
صحيفة موندو ديبورتيفو عادت مؤخراً للحديث عن صيام رمضان وتأثيره على لاعبي الريدز قبل المواجهة التاريخية التي فاز فيها ليفربول برباعية تاريخية علي برشلونة في نصف نهائي الأبطال. واشارت الصحيفة الكتالونية إلى أن صلاح وماني، نجمي الريدز لم يصم كليهما قبل المباراة النهائية أمام ريال مدريد في النسخة السابقة، وهو ما تأكد بعدها بالفعل، عندما صرّح روبن بونس، اختصاصي العلاج الطبيعي في ليفربول، بأن صلاح يصوم رمضان ويخضع لنظام غذائي وتدريبي معين، لكنه قام بالإفطار لمدة 3 أيام، بينها يوم مباراة النهائي، ويومان قبلها.

ثلاثي الريال
وقبل 10 سنوات، كانت قائمة الملكي الإسباني تضم 3 لاعبين مسلمين، لاسانا ديارا وكريم بنزيمه ومامادو ديارا، ونشرت صحيفة أس تقريراً حول صيامهم في أغسطس 2009، حيث أكدت قيام أطباء الميرنجي بوضع نظام غذائي خاص للثلاثي أثناء أيام الصيام، بما يسمح بالحفاظ على المياه داخل أجسادهم لأطول فترة ممكنة، خاصة في ظل حرارة الصيف الشديدة في إسبانيا، مع تناول بعض الأطعمة والمشروبات في الليلة التي تسبق يوم الصيام، بحيث تعوضهم عن فقد السوائل والأملاح من الجسم أثناء فترات النهار، ووقتها كان على الثلاثي خوض 3 مباريات فقط أثناء الصيام مع الريال، بجانب خوض لاسانا وبنيزمه مباراتين أخريين مع المنتخب الفرنسي، وقالت أس إن ثلاثي برشلونة المسلمين، أبيدال، كيتا، يايا توري، قرروا آنذاك تأجيل صيامهم، التزاماً بتعاقدهم الرسمي مع البلوجرانا.

مورينيو ومونتاري
ويُذكر أن عام 2009 شهد جدلاً واسعاً يخص هذا الأمر في إيطاليا، عندما حدثت أزمة بسبب تصريحات جوزيه مورينيو، مدرب إنترناسيونالي وقتها، التي فسرها الإعلام الإيطالي بأنها انتقاد للاعبه الغاني، سولى مونتاري، بسبب إصراره على الصيام في شهر رمضان، وقال مورينيو إن مونتاري يعاني تراجعاً واضحاً في لياقته وقوته بسبب الصيام، وتعرض سبيشيل ون لهجوم كبير بسبب هذا التصريح الذي تراجع عنه لاحقاً، مؤكداً أنه لم يتهم مونتاري بشيء، وأعرب عن احترامه لطقوس اللاعب الغاني المسلم، والغريب أن مونتاري شارك في الموسم التاريخي للنيرآتزوري، تحت قيادة مورينيو، وفاز بالثلاثية الشهيرة آنذاك!
وبعد خمس سنوات، عادت واقعة مورينيو للظهور في مقال شهير، للاعب الإنجليزي ذي الأصول الباكستانية، زيش رحمن، الذي كان أول لاعب إنجليزي من أصول آسيوية يبدأ أساسياً في مباراة بالبريميرليج، مع فريق فولهام، بجانب مشاركته في صفوف برايتون ونورويتش سيتي وكوينزبارك رينجرز، وكتب زيش مقالاً في عام 2015، بعنوان «كيف ساعدني صيام رمضان لكى أكون لاعب كرة قدم أفضل؟»، بدأه بالحديث عن واقعة مورينيو ومونتاري، حيث قال إنه يكن الكثير من الاحترام للمدرب البرتغالي، لكنه اختلف معه بشدة في هذا الموقف، لأن الأندية العالمية يجب أن تتقبل وجود عدد كبير من اللاعبين، أصحاب الجنسيات والأديان المختلفة، ولكلٍ طقوسه الخاصة.