أسماء الحسيني، وكالات (القاهرة، الخرطوم)

ثمن المجلس العسكري الانتقالي في السودان وثيقة رؤية قوى «الحرية والتغيير»، وقال إنه يتفق مع المعارضة على الهيكل العام لنظام الحكم الانتقالي، لكنه أكد في الوقت نفسه وجود نقاط اتفاق ونقاط اختلاف بين الجانبين تتطلب بعض التعديلات. وقال المتحدث باسم المجلس الفريق شمس الدين الكباشي، إن الوثيقة أغفلت مصادر التشريع، وإن المجلس يريد إبقاء الشريعة الإسلامية مصدر التشريع. وأضاف أن سلطة إعلان حالة الطوارئ يجب أن تكون للسلطة السيادية وليس سلطة مجلس الوزراء كما نصت الوثيقة. كما أكد المجلس تحفظه على تسمية الولايات السودانية في الوثيقة بـ«الأقاليم»، وعلى إخضاع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للسلطة السياسية، وقال إن المجلس اقترح فترة انتقالية من سنتين مقابل 4 لقوى «الحرية والتغيير». كما أشار إلى إمكانية الدعوة إلى انتخابات مبكرة خلال 6 أشهر إذا لم يتم التوصل لاتفاق بشأن الفترة الانتقالية.
ورأى الكباشي أن الوثيقة أغفلت ذكر بقية القوى السودانية المشاركة في التغيير، مضيفاً: «تحفظنا على ربط المحافظة على أمن البلاد بمجلس الوزراء، بينما هي سلطة سيادية». وقال: «نثق بأن قوى الحرية والتغيير ستتقبل الرد بروح وطنية لمصلحة السودان.. واثقون من التوصل إلى اتفاق مع القوى بشأن نظام الحكم». وأضاف أن المجلس قبل وساطة من بعض الشخصيات الحريصة على أمن السودان واستقراره، مشيراً إلى أن الوساطة ترى أن يتشكل مجلس السيادة الانتقالي من 10 شخصيات. وشدد على أن غاية تشكيل ومهام مجلس الأمن والدفاع حماية البلاد وتأمين المصلحة الوطنية، مؤكداً أنه ليس هناك خلافات كبيرة تستدعي الوساطة، لكن تم قبولها من أجل الحوار واستقرار السودان. وتحدث عن تقدم 4 من أعضاء المجلس باستقالاتهم، وأعلن عن وضع صلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق قيد الإقامة الجبرية.
ودعا المجلس العسكري في بيان ممثلي الحراك الشعبي إلى اجتماع بمجمع «قاعة الصداقة» بالعاصمة الخرطوم، اليوم. وجاء في البيان أن اللجنة السياسية بالمجلس العسكري تدعو جميع ممثلي الأحزاب والكيانات المختلفة والتحالفات والحركات والمنظمات المفوضين والأفراد الذين قدموا رؤاهم السياسية حول ترتيبات الفترة الانتقالية عبر نوافذ اللجنة المختلفة لاجتماع هام اليوم الأربعاء بقاعة الصداقة في تمام الساعة الحادية عشرة صباحا».
وكانت قوى «الحرية والتغيير» التي تقود الاحتجاجات أعلنت عن تسلمها رداً مكتوباً من المجلس العسكري حول وثيقة الإعلان الدستوري التي سلمتها، الخميس الماضي، حول رؤيتها لنقل السلطة للمدنيين، والتي تضمنت تشكيل مجلس سيادي بأغلبية مدنية، وتمثيلاً عسكرياً محدوداً بجانب فترة انتقالية مدتها أربعة أعوام. وقال الناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين امجد فريد في مؤتمر صحفي، إن قوى الحرية والتغيير ستخضع الرد للنقاش على الفور.
وانخرطت أطراف قوى «الحرية والتغيير» في اتصالات ومشاورات مكثفة ونقاشات مستفيضة، أمس، حول رد المجلس العسكري الانتقالي، على الوثيقة التي وأثارت لغطاً في صفوفها بين مؤيد ومعارض. وأكدت مصادر سودانية مطلعة أن قوى الحرية والتغيير بدأت مشاورات لتوحيد مواقفها. وقالت المصادر ذاتها: إن رد المجلس على الوثيقة يتجه لقبول وجود مجلس للسيادة، ومجلس آخر للأمن والدفاع، والمجلس الأخير كانت قد اقترحته لجنة وساطة من شخصيات وطنية، لكن تجمع المهنيين أعلن رفضه القاطع لهذا المجلس. ومن أبرز البنود التي تضمنتها وثيقة قوى الحرية والتغيير للفترة الانتقالية، وقف العمل بدستور 2005 الانتقالي، وتحديد فترة انتقالية لمدة 4 سنوات، وتشكيل مجلس سيادي مشترك من المدنيين والمجلس العسكري لإدارة شؤون البلاد. كما نصت الوثيقة أيضاً على تشكيل مجلس تشريعي انتقالي من 120 إلى 150 عضواً.
وقال الدكتور زهير السراج، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، لـ«الاتحاد»: إن رفض بعض أطراف قوى الحرية والتغيير، وخاصة الحزب الشيوعي لوجود أي تمثيل عسكري في المجلس السيادي، بالإضافة إلى رفض مقترح تشكيل مجلس مستقل للأمن والدفاع هو أمر مستغرب، وينم عن عدم إلمام بالتعقيدات الأمنية والاقتصادية الكبيرة والمتشعبة في السودان، والتي تتطلب في هذه المرحلة التوافق على الحد الأدنى لتفادى التداعيات التي يمكن أن تنشأ من الخلاف أو الصراع بين المجلس العسكري والمدنيين، خاصة مع وجود قوى مضادة، لها ميليشيات مسلحة تنتظر الفرصة للهجوم على الثورة وإحداث فوضى.
وأضاف السراج أن إدارة الحكم في الفترة المقبلة بشكل منفرد فيه انتحار سياسي مؤكد، بالنظر إلى حجم الأزمات والمشاكل الموجودة. إلا أن عاطف إسماعيل، القيادي بالحزب الشيوعي، قال لـ«الاتحاد»: إن مطالب الحزب الشيوعي بتسليم السلطة للمدنيين، هذا هو حده الأعلى، لكنه في النهاية سيصل لتوافق مع التحالف العريض الذي ينضوى فيه، أي قوى الحرية والتغيير.