أحمد مراد (القاهرة)

ولد حفيد رسول الله، الحسين بن علي بن أبي طالب، في المدينة المنورة في الخامس من شهر شعبان سنة 4 هجرية، وقد سر النبي، صلى الله عليه وسلم، بمولده سروراً عظيماً، وذهب إلى بيت أمه فاطمة، وحمل الطفل ثم قال: «ماذا سميتم ابني؟»، قالوا: حرباً، فسماه الرسول حسيناً.
كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يحرص على زيارة بيت ابنته فاطمة لرؤية الحسين، وذات مرة خرج من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة، فسمع الحسين يبكي فقال لفاطمة: «ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني؟».
عاصر الحسين العهد النبوي ما يقرب من سبعة أعوام، وكان طوال هذه السنين موضع الحب والحنان من النبي، صلى الله عليه وسلم، فكان النبي كثيراً ما يداعبه ويضمه ويقّبله، وعندما يلقاه في الطرقات مع بعض الأطفال الصغار، يتقدّم، صلى الله عليه وسلم، أمام القوم ويبسط للحسين يديه، وهو يفر هنا وها هنا، والرسول يمازحه ويضاحكه هو ومن معه من الأطفال الآخرين، ثم يأخذ النبي الحسين، فيضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه ويقبله، وهو يقول صلى الله عليه وسلم: «حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا».
وكان الرسول يدخل في صلاته حتى إذا سجد جاء الحسين، فركب ظهره، وكان، صلى الله عليه وسلم، يطيل السجدة، فيسأله بعض أصحابه: إنك يا رسول الله سجدت سجدة بين ظهراني صلاتك أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك، فيقول صلى الله عليه وسلم: «كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته».
ويروي السائب بن يزيد أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان جالساً، فجيء يوماً بالحسين فقبله، وكان عند النبي رجل من الأعراب، اسمه الأقرع بن حابس، فلما رأى النبي يقبل هذا الصبي ويلاطفه تعجب الأقرع، وقال: أوتقبلون صبيانكم؟، والله إن لي عشرة من الولد، ما قبلت أحداً منهم، فقال النبي: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس».
وفي مرة كان رسول الله يخطب في الناس، فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل النبي، صلى الله عليه وسلم، من فوق المنبر، فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: «صدق الله القائل: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة)، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما».
توفى الرسول، صلى الله عليه وسلم، وشب الحسين على الشجاعة وحب الفروسية والجهاد في سبيل الله، وعندما بويع عثمان بن عفان بالخلافة، كان الحسين قد تجاوز العشرين من عمره، وقد كان شاباً عابداً زاهداً، وحكيماً وسخياً، وكان في طليعة الجيش الإسلامي الذي سار لفتح طبرستان بقيادة سعد بن أبي وقاص، وقاتل الحسين في موقعة الجمل وموقعة صفين، وقاتل الخوارج، وتنقل مع جيوش المسلمين لفتح أفريقيا وغزو جرجان وقسطنطينية.
عُرف الحسين بالتواضع والكرم، فذات مرة مرَ رضي الله عنه بمساكين يأكلون في الغداء، فنزل وقال: إن الله لا يحب المتكبرين، فتغدى، ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا: نعم، فمضى بهم إلى منزله، فقال لرباب: أخرجي ما كنت تدخرين.
توفي الحسين في سنة 61 هجرية عن عمر يناهز الـ 56 عاماً.