السرير السحري تعالج أساليب التربية بين الترغيب والترهيب
قدمت فرقة مسرح دبي الأهلي مساء أمس الأول على خشبة معهد الشارقة للفنون المسرحية عرضها الذي حمل عنوان :'' السرير السحري '' ضمن عروض اليوم الثالث من مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الرابعة ، كتب نص المسرحية فرحان بلبل وأخرجها للخشبة المخرج الإماراتي عبدالله بن لندن، الذي أبان من خلال هذا العرض عن قدرات فنية موجهة للتعامل بوعي ونضج مع مسرح الطفل، كما أن طاقم العمل نفسه استطاع أن يترجم غايات النص وابتكارات المخرج لتحويل العمل إلى كتلة متماسكة ومتسلسلة من التنويعات المشهدية المتصاعدة تدريجيا نحو ذروة الحدث ودون إخلال ببنية الحكاية المشغولة بعناية جمالية وانتباه موضوعي·
كشفت ديكورات العمل ومنذ المشهد التأسيسي عن زمن الحكاية التخيلي، والأقرب لزمن عائم في أساطير السرد الشفاهي والآخر الموثق في كتب الحكايات الخرافية مثل ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وغيرها·
اقتربت الديكورات الخشبية من منتصف الخشبة لخلق نوع من الفضاء الحميمي بين المتفرج والممثلين، خصوصا وأن قابلية الطفل للتفاعل مع أحداث العمل هي قابلية حساسة جدا، وتعبر عن رفضها أو ارتياحها مع جو المسرحية من خلال ردات فعل عفوية يمكن قياسها بوضوح من قبل المتفرج الحيادي، وكان واضحا في عرض : '' السرير السحري '' توافر هذا التفاعل الديناميكي والمتصاعد بين الأطفال وبين مكونات العرض من إضاءة ومؤثرات بصرية وسمعية ومن أداء مخلص لمسرح الطفل البعيد عن التهريج والمبالغة أو حتى عن الوعظ الحاد والمباشر·
تجري أحداث المسرحية في سوق النجارين، حيث نجد النجار تيسير الذي يقوم بدوره الفنان المخضرم عبدالله أبوعابد والنجار الآخر الذي يقوم بدوره سعيد البدواوي وهما اللذان يختلفان في الرأي حول الطريقة المثلى لتربية الأبناء، فتيسير يرى أن التربية المثالية هي التي تقوم على العنف والقسوة والضرب وعدم ترك الخيارات التعليمية والمهنية مفتوحة أمام الطفل كي يختار منها ما يشاء، وذلك حتى يلبي طلبات الأب والعائلة، أما النجار الثاني فيرى أن التربية يجب أن تقوم على أساس المشاركة في الرأي بين الأب والطفل، وأن يكون العنف هو آخر الحلول المطروحة في أساليب التربية·
ورغم رفض زوجة تيسير التي تقوم بدورها الفنانة ريم لأسلوب زوجها وأفكاره المشوشة تجاه طريقة التربية المثالية، إلا أن الزوج يرفض كل الآراء المضادة والمعاكسة لرأيه، فيلجأ النجار الآخر لحيلة سلوكية وهي رغبته في تعليم ابن النجار تيسير وبالشروط التي يضعها الأب، وهي الشروط التي تتطلب المعاملة الجدية والعنيفة كي يتقن الابن مهنة النجارة ويساعد والده في المستقبل، عندما يغيب الأب في مهمة خاصة يقوم النجار وبمساعدة الطفل اليتيم ماهور الذي يقوم بدوره مروان محمد في تعليم الطفل أصول مهنة النجارة بأسلوب يعتمد على الترغيب والتشجيع والتخيل الحر والرهان على الحلم الإنساني كمادة محفزة للموهبة وحس الابتكار، ويتفق الثلاثة على صناعة السرير السحري الذي تصل بالإنسان النائم عليه لتحقيق آماله الكبيرة والصعبة في ذات الوقت·
ويساهم الساحر المخادع وقد قام بدوره وبتألق كبير الفنان عبدالله الجفالي في تحقيق هذا الحلم دون قصد منه وذلك من خلال صندوقه السحري الذي يسرقه من أحد الحكماء ويحمل بداخلة التعويذة الخاصة والسر الخفي لصناعة السرير/الحلم·
وفي نهاية العرض نكتشف أن كل أحداث المسرحية ما هي إلا مجرد حلم يعيشه الابن الذي يعيش الزمن الحاضر ولكنه ينتمي بقوة لعالم الأحلام التي يمكن من خلالها تحقيق الغايات المستحيلة والخروج بصيغ وحلول للمعضلات الحياتية التي يعيشها الطفل في عالم موزع بين الواقع والوهم وبين الحقيقة والخيال·
المصدر: الشارقة