محمد الجناحي
في خلسة من الزمن، رحل الفنان الكبير محمد الجناحي·· رحل بِقَدَر الموت الذي يقتحم الحياة دون رادع·· موت أعمى يأتي للحياة بلا معرفة، وبقرار أن يغادر أحد ما، غير مكترث بمن يجر معه إلى آخر الدنيا·· إلى خارج الحياة·
قبل أيام جر الموت معه إلى خارج حياتنا الفنان محمد الجناحي، ذلك المبدع الذي وضع مع جيل لا ينسى البصمات الأولى للمسرح وللدراما الإماراتية بوجه عام؛ الجناحي بقي طوال مسيرته، بعادة المؤسسين في عالم المسرح والدراما التلفزيونية، الذين دائما ما يكونون مسكونين بالهواجس والهموم الفنية وبالحلم، حلم تحقيق أمنياتهم الفنية، ويرونها تتحقق مع أجيال تأتي من بعدهم، حيث لا يصاب الحقيقيون من المؤسسين بالعطب أبدا في مسيرتهم نحو تحقيق الأحلام والطموحات·· لا يتقاعسون ولا ينكسرون أمام الصعاب، بل يذهبون إلى الأبعد تماما ويقدمون الكثير لمشروعهم الإبداعي، حيث روح الفريق هي التي تطغى على العمل الإبداع في مجالات مثل المسرح والدراما التلفزيونية والإذاعية، وبدون هذه الروح الجماعية لا يتحقق النجاح والاستمرار·
فالراحل محمد الجناحي وحسب ما يقول عنه من لازموه من الفنانين الإماراتيين في مسيرته الفنية، كان أحد النماذج اللامعة في تجسيد تلك الروح الجماعية خارج العمل وفي العمل، عند تنفيذ الأعمال الفنية، بعلاقته الاحتفائية مع زملائه وإصراره على جودة إنجاز العمل·
كما أنه كمبدع، عاش تجربة طويلة في عالم التمثيل والإخراج، امتلك طاقة حاضنة وروحا سمحة وقلبا محبا للأجيال التي لحقته من الشباب الذين كانوا يضعون خطواتهم الأولى في عالم الدراما، كان لهم أبا محتويا ومحفزا وليس منفرا، وكان لمجايليه صديقا حميما·
ومن يستطع التحديق جيدا ورؤية ما بين السطور، فإنه يدرك هذه الروح عند متابعة الجناحي وهو يمثل على الشاشة، رؤية القدرة الاحترافية التي تصعد بمن أمامها إلى مستوى الحدث الدرامي بحب، وليس باستعراض عضلات ممثل، كثيرا ما تكون مكشوفة وباهتة لدى الكثيرين من الممثلين بعد صيت الشهرة·
؟؟؟
رحل الجناحي ونتمنى أن لا يكون رحيله مظلما، والاكتفاء فقط بمجلس عزاء وشيء من الكلام والصور الخجولة في الصحف·
نتمنى أن تكرس تجربة الجناحي، وبالتحديد كممثل قدير في الساحة المحلية، من خلال القراءات الجمالية والتوثيقية لقدراته التمثيلية وسيرته الحياتية، وإقامة عدد من الجلسات البحثية لتجربة هذا الفنان، وأن يبقى اسم الراحل محمد الجناحي مستمرا معنا في الحياة، من خلال إطلاق اسم محمد الجناحي على فعالية فنية أو منشأة ذات علاقة بالتمثيل، تذكر بما قدمه من فن، وذلك كاحترام وتقدير لهذه التجربة المهمة في عالم التمثيل المحلي·
للجناحي نكن من التقدير الكثير·· فوداعا أيها الجميل·