«الفخاريات» .. تروي وقائع الحياة اليومية قديماً
ترجع صناعة الفخار إلى زمن ما قبل التاريخ، فالكثير من الاكتشافات الأثرية كان عبارة عن مجموعات من (الفخاريات) كالأواني والجرار منها ما يعود إلى حضارة الفراعنة وبلاد الشام والرافدين، فضلاً عن الحضارة شرق الآسيوية.
تنتشر في عصرنا الحالي صناعة الفخار في الأسواق الشعبية انطلاقاً من أهمية إحياء التراث الحرفي في المنطقة والمحافظة عليه، لكونه كان يشكل جانباً مهماً من تراث الأجداد. فمنذ مئات السنين كان أجدادنا يحولون الجماد إلى جمال ناطق، ويشكلون من الطين مستلزمات يستخدمونها في حياتهم اليومية، كما كانت حرفة «الفخاريات» أحد مصادر رزقهم أيضاً.
يشير الوالد زايد المنصوري- استشاري بيئات محلية في «نادي تراث الإمارات» إلى أسماء الأوعية الفخارية واستخداماتها، ويقول: «ثمة أوعية وأوان عديدة صنعها أجدادنا من الفخار والطين المحروق. ومن أهمها تلك التي تستخدم لطهي الطعام، وهي: «القدر الفخاري» أقدم وأكبر أنواع القدور وأكثرها شيوعاً خاصة في مطلع القرن العشرين وكان يصنع في محارق الفخار المنتشرة في رأس الخيمة، ويستخدم في طهي الطعام. وهناك «البرمة» قدر فخاري متوسط الحجم يستخدم للطهي- ثمة نوع منه يوضع به الحليب ليتخمر ويتحول إلى لبن رائب».
ويسترسل المنصوري، مضيفاً: «اللقن» من فصيلة الصواني الفخارية الكبيرة والعميقة توضع به أطباق الطعام المصنوعة بدورها من الفخار. وثمة أوعية فخارية كانت تستخدم في حفظ الماء أهمها «الخرص» وهو نوع شهير من الجرار، وكذلك «الحب» إناء فخاري كبير مخصص لتبريد مياه الشرب ويستوعب عدة جالونات من المياه. و»اليحلة» عبارة عن زير ماء فخاري صغير. وأما «الخرش» فكان يصنع من الفخار أو الطين المحروق ويستخدم لتخزين الماء وتبريده، ومنه ما يستخدم في تخزين التمر. بينما «الكروة» فكانت مخصصة لتبريد المياه المخصصة للشرب في فصل الصيف، وهي قارورة كروية الشكل من الأسفل ولها عنق طويل. وكذلك «الكوز» هو آنية فخارية صغيرة أشبه بكأس تستخدم لنقل المياه من الأواني الكبيرة لاستخدامها في عدة أمور».
من جهته يقول أبو محمد- صانع فخار في السوق الشعبي بالقرية التراثية: «نصنع الأواني الفخارية بعد عجن الطين وحرقه، ونشكّله على الآلة الخاصة ونحركها بالقدمين واليدين على اختلاف أشكال القوارير والجرار والأواني. وبعد تجفيف المصنوعات نرصفها في المحل لعرضها على السياح والمستهلكين. وهناك فخاريات مزينة بأصباغ وطلاء زيتي مقاوم للحرارة العالية أو بخاخ ورنيش بغية تلوينها وتجميل معالمها لتحمل الطابع التراثي والمعاصر. وهي جميعها بأثمان زهيدة تتراوح من 10- 100 درهم، بهدف تشجيع مواطني الدولة والزوار والسياح على اقتناء الفخاريات التراثية التي تروي في جزء منها وقائع الحياة قديماً لدى أبناء المنطقة».
وفيما يتابع أبو محمد صناعة جرة كبيرة يتقدم منه وفد سياحي ياباني، يبدي إعجابه بالمصنوعات الفخارية، فيسأله أحدهم: كم جرة تنجز في اليوم؟! وكم آنية تلوّن؟! يجيب «نحو 5- 10 جرات». بينما يبتسم مرافقهم سبر شامو- مترجم ياباني، متسائلاً عن «اسم هذا الوعاء الفخاري أو تلك الآنية باللهجة المحلية، ودواعي استخدام بعض الأدوات». وقبل أن يأتيه الجواب تنادي عليه إحدى السائحات طالبة «أن يستفسر لها عن ثمن جرّة صغيرة ومزهرية فخارية ملونة، كانت قد حسمت أمرها وقررت اقتنائهما للذكرى»
المصدر: أبوظبي