عاماً بعد عام تؤكد المرأة الخليجية قدرتها على إثبات الذات والتطور اجتماعياً وثقافياً وأسرياً. وهي تمثل نموذجاً مشرفاً للمرأة العربية عموماً، حيث تمكنت في فترة قياسية من تخطي الكثير من المعوقات متفائلة بسلاح العلم الذي يخولها تبوؤ أرفع المناصب. وتأتي الحملة الإقليمية “ألهمي غيرك” والتي تحتفي بالمرأة الملهمة في دول مجلس التعاون الخليجي، دلالة على حجم التميز الذي حققه الجنس اللطيف في المنطقة. الحملة التي تنطلق من الإمارات وتستمر حتى 13 أبريل المقبل، تدعو النساء لمشاركة قصصهن حول المساهمة الإيجابية في المجتمع، وذلك عبر الموقع الإلكتروني www.phillyarabia.com. كما أن العالم يحتفي خلال شهر مارس بيوم المرأة ويوم الأم، فإنه لمن الجميل الإضاءة على الدور البارز الذي تلعبه كل ربة بيت تجاه أسرتها. منهن من يقدمن الدعم المباشر بالوجود والوقت والأفكار، ومنهن من تعمل خلف الكواليس بصمت، وإنما بجهد ومثابرة. ولم يأت توقيت حملة “ألهمي غيرك” خلال هذا الوقت من السنة بالمصادفة، وإنما ليكرس مقولة إن المرأة هي صانعة الأجيال. والحملة منذ الإعلان عنها قبل شهر، تستقبل الكثير من الأسماء المرشحة، بحيث أصبحت أشبه بمنتدى مفتوح للنساء. البعض يقمن بإدراج قصصهن الشخصية، والبعض الآخر يعمدن إلى ترشيح قصص غيرهن. والمحصلة قصص لنساء تمكن من بسط مشاعر الفرحة والحب والأمل من خلال جهودهن الحثيثة في إطار العلاقات الاجتماعية والأعمال الخيرية. لجنة التحكيم اختيار المرأة الأكثر إلهاماً من بين الأسماء التي تم ترشيحها، سوف يخضع لعدة اعتبارات أهمها المثابرة الحياتية والمسيرة التي اعتمدتها السيدة لتقديم أفضل ما عندها لمن حولها. وتتألف لجنة التحكيم من 3 نساء مميزات في منطقة الخليج، سوف يتولين اختيار 3 من أبرز القصص المشاركة، ليطلب بعدها من الجمهور التصويت للقصة الأكثر تأثيرا. وتعتبر نساء لجنة الحكم بمثابة المثال الناجح بين أوساطهن كونهن من أنصار القضايا الاجتماعية. وهن، نائلة الخاجة أول منتجة أفلام سينمائية في دولة الإمارات العربية المتحدة، مهى شفيق السراج إحدى أبرز الشخصيات الإعلامية النسائية في المملكة العربية السعودية ونبيلة العنجري مؤيدة تنمية المرأة في الكويت. وبالاطلاع على التاريخ المهني للسيدة مهى شفيق السراج، فتشتهر بكونها قائدة بطبيعتها، وهي اليوم مقدمة رائدة ومنتجة في التلفزيون السعودي. ومن خلال دورها في وسائل الإعلام والصحافة، تسعى للتأثير إيجاباً في أفكار المرأة السعودية وقدراتها المهنية وحقوقها الإنسانية. وكذلك السيدة نبيلة العنجري، طبعت خلال سنوات من العمل المتواصل بصمات لافتة في بلادها. وهي مؤسسة شركة “المجموعة الرائدة للاستشارة والتدريب”، وتعد أول امرأة في التاريخ الكويتي تترشح لانتخابات مجلس الأمة. وقد لعبت دوراً أساسياً في الإعداد للنجاح السياسي والاقتصادي المستقبلي لسواها من الكويتيات. أما الناشطة الاجتماعية السيدة نائلة الخاجة، فهي مخرجة حائزة جوائز عدة قدمت أفلاماً مثيرة للفكر مثل “ملل”، “أنفيلنج دبي”، “أرابانا” و”ونس”. وهي غالباً تستخدم أفلامها صلة للتواصل ما بين الحقائق والقضايا الاجتماعية التي تؤثر في الثقافة الإماراتية. هي عضو مجلس إدارة في نادي “الروتاري” الذي يعزز النهوض في التفاهم الدولي والنوايا الحسنة والسلام. إنجازان من ضمن الأسماء المرشحة للجائزة الإماراتية تالة بدري، وهي رئيسة “مركز الفنون الموسيقية” الذي فتح أبوابه أمام الجمهور عام 2006. المركز عبارة عن مؤسسة غير ربحية الهدف منه إيصال الموسيقى للجميع. تقول: “لطالما كنت أحمل شغفاً بالموسيقى لكني لم أكن أتوقع أننا سنصل إلى وقت يكون لهذا النوع من فنون الحياة بالغ الأثر في النفوس”. وهي تقوم في المركز بتدريب مختلف الفئات العمرية بدءاً من عمر 5 سنوات. “ولا يسعني أن أصف لكم مدى انسجام الأطفال مع الموسيقى والآلات الموسيقية. وكذلك الأمر بالنسبة لكبار السن من الأجداد الذين يحضرون مع أحفادهم”. وتتحدث بدري عن التواصل الاجتماعي الذي يتيحه المركز، إذ إنه بعد ساعات العمل يلتقي الطلبة بزملائهم ويأخذ الجميع قسطاً من الراحة مع آلاتهم الموسيقية في جو شاعري يبعث إلى التفاؤل. وتعتبر أنه لا حدود أمام الموسيقى، “فهي ترفه عن الناس وتعالجهم وتمنحهم الأمل. وأنا فخورة جدا بهذا الإنجاز كونه مصدر إلهام للجميع”. ويستقبل المركز أكثر من 1200 طالب، وهو يشارك في مختلف الأحداث الثقافية والمهرجانات الموسيقية في المنطقة. قصة إلهام أخرى تتمثل بالإماراتية هبة سمت التي بذلت مجهوداً واضحاً لتتميز بين بنات جيلها. وبما أنها مقتنعة بحق الأجيال في التطور، ارتأت يوم 18 نوفمبر 2009، طرح موقع Emiratweet لتحقق من خلاله قفزة نوعية يستفيد منها جميع الإماراتيين. وكان هدف هبة في طرح الموقع جمع أبناء وطنها تحت مجموعة إلكترونية واحدة. تقول: “من خلال اهتمامي ومتابعتي، وبمساعدة من زميلتي حنان حوير وعائشة الجناحي تمكنت من طرح هذه المجموعة لتسهيل تبادل الآراء ومناقشة الأمور الخاصة بنا كإماراتيين”. والهدف الأول من خلال فكرتها هذه أن يصل صدى الصوت والإنجازات التي يحققها المواطن الإماراتي إلى العالم بأسره. والموقع يشجع الإماراتيين على التحدث عن ثقافتهم وعن بلدهم وعاداتهم وتقاليدهم. وتلخص قصة هبة الصورة الحقيقية عن العزيمة والاجتهاد والشغف وحب الوطن. فخر للمجتمع اختيار السيدة نائلة الخاجة من ضمن لجنة التحكيم هو مصدر فخر للمجتمع الإماراتي، لا يمكن تجاهله. وهي تحمل أفكاراً تشجع على التقدم والنمو ورسم ملامح التألق المهني. وتعتمد في أفلامها، الفائزة بالجوائز الدولية، على تسليط الضوء على الواقع الاجتماعي والقضايا التي تؤثر في الثقافة المحلية. وعلى الرغم من اعتبار هذا المجال ذكورياً بامتياز في المجتمعات العربية، إلا أن أفلامها استطاعت أن تلعب دوراً مهماً في تعزيز دور المرأة في مجال السينما والتلفزيون في الإمارات والمنطقة. أسست الخاجة شركةD-Seven Motion Pictures، وتشغل منصب المدير العام فيها. وهي أول مخرجة ومنتجة أفلام إماراتية تفوز بالجائزة الدولية لرواد الأعمال الشباب من المجلس الثقافي البريطاني، في الحفل الذي أقيم بلندن في “الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون” عام 2010. وقد فازت بجائزة أفضل منتجي الأفلام الإماراتيين في “مهرجان دبي السينمائي الدولي” لعام 2007، وجائزة أصغر سيدة أعمال في المؤتمر العالمي لرائدات وسيدات الأعمال عام 2005. وبالتزامن مع هذه النجاحات، تقول الخاجة إنها تؤمن بقوة بالمواهب اليافعة المتوافرة عند الإماراتيات، لذا فإن أعمالها الثورية تعبّر عن ذلك. وهي تركز على هدفها الأسمى المتمثل في تعزيز القوة الإيجابية التي تساعد على دفع الأجيال الناشئة من منتجي الأفلام الإماراتيين الطامحين ليكونوا رواد المستقبل. وتشير إلى أنها تقوم بتوجيه موهبتها نحو مجموعة من المشاريع التي من شأنها تعزيز صورة المجتمع الإماراتي. كما تعبر عن شغفها في تعزيز الحوار بين الحضارات عبر أفلامها وكلماتها ضمن الفعاليات والمؤتمرات في مختلف أنحاء المنطقة. وكانت أنشأت نادٍ غير ربحي أطلقت عليه اسم “The Scene Club”، يدعو المخرجين العالميين إلى عرض أفلامهم المستقلة في الإمارات، وذلك عام 2007 وبالتعاون مع “مهرجان دبي السينمائي الدولي”. جهود إنسانية وبسبب ولعها بالأعمال الخيرية، أصبحت الخاجة عضواً في مجلس إدارة نادي “الروتاري” الذي يهدف إلى تعزيز جهود النوايا الحسنة من خلال قنوات الخدمة الاجتماعية. وهي تشارك في دعم قضايا مهمة داخل الدولة وخارجها، بما في ذلك مشاريع مكرسة للقضاء على شلل الأطفال في بعض مناطق العالم. وتمويل مراكز تعنى بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم الخدمات الإنسانية لضحايا الفقر والكوارث الطبيعية. وكانت أسست جمعية “Bloom” غير الربحية التي تقوم بتشجيع منتجي الأفلام الصاعدين على إنتاج أول أفلامهم. وكونها أول إماراتية تنجح في خوض غمار العمل في عالم السينما، فهي محط إلهام للكثير من نساء المنطقة. وتؤكد إيمانها بقدرة الأفلام على إحداث التغييرات الإيجابية في مجتمعاتنا، خاصة أنّ الحوار الشفاف غالباً ما يصطدم بالمحرمات الثقافية. وتسعى الخاجة حالياً نحو هدف رئيسي، وهو إنشاء صندوق سينمائي خاص لإنتاج أفلام نوعية للشرق الأوسط وتوزيعها عالمياً. من جهته، يذكر فيشال تيكو المدير التنفيذي في شركة “كرافت فودز”، وهي الجهة المنظمة للحملة، إن هذه المبادرة الاجتماعية اللافتة تحوز على دعم كبير من الجمهور في دول مجلس التعاون الخليجي. ويقول: “هي الحملة الإقليمية الأولى من نوعها التي تحتفل بإنجازات سيدات تمكن من التأثير على حياة الآخرين من خلال العمل الاجتماعي وكذلك الأعمال الخيرية وسواها من الجهود الإنسانية”. ويوضح أن الخطوات المقبلة سوف تركز على الانتشار أكثر فأكثر ضمن المجتمع الخليجي الذي يزخر بالحالات المشرفة على صعيد الأسرة العربية الآخذة في الارتقاء ثقافياً واجتماعياً. ? جوائز تقدم اللجنة المنظمة إلى الفائزة جائزة نقدية تبلغ قيمتها 10,000 دولار أميركي، بما يساعدها على التقدّم في جهودها الخيرية. وتحصل الفائزتان بالمرتبتين الثانية والثالثة على جائزة نقدية بقيمة 5,000 دولار أميركي لكل منهما بهدف دعم القضايا الاجتماعية التي تضطلعان بها. أما الإعلان عن الجوائز، فسوف يتم خلال حفل يتم تنظيمه في دبي مساء 13 أبريل المقبل. ومن المبادرات الملفتة التي تشجع عليها الحملة، الاطلاع عبر الموقع الإلكتروني على تجارب الكثير من النساء الملهمات، وكذلك التعرف على إنجازات المرشحات من مختلف أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. وأكثر من ذلك. فإن الموقع يتيح مناقشة هذه الحالات المؤثرة ويتيح فرصة الكشف عن القصص المستترة والتي قد تكون ساهمت في مساعدة المجتمع، غير أنها لم تلق أذاناً صاغية من قبل.