«تنظم الهيئة الفلانية دورات «السنع» لتعليم الأطفال فن الضيافة وآداب تقديم القهوة للزوار» خبر مثل هذا نراه مطبوعا في كثير من وسائل إعلامنا، يقرأه من لا يعرف عن عادات الإمارات شيئا ويشعر باهتمام، يود اكتشاف «مفهوم السنع» المخفي، بينما نقرؤه نحن ونشعر بامتعاض، ليس من السنع طبعا، ولكن من جهل من كتب الخبر بماهية «السنع». هذه الكلمة التي تبدو غريبة على الكثيرين هي كلمة متعارف عليها في المجتمع الإماراتي، لكنها طبعا لا تعني مجرد تعلم كيفية السلام على الكبار وصب القهوة للضيوف! دائما ما أشعر بحنق حين أرى أخبار دورات السنع تلك، لا لشيء ولكن لأنها تربط هذه الكلمة بجانب وحيد هو كيفية التعامل مع الضيوف وإكرامهم بينما السنع في الحقيقة منظومة من الأخلاقيات التي تحرك الأفراد في المجتمع. فهو يعني أن يكون الشخص على أخلاق البادية الأولى، سريع البديهة، عاقل مؤدب، يحترم الآخرين ويعرف حقوقهم، يتحرك بسرعة ليؤدي ما عليه أي أنه « هب ريح» ويمكن الاعتماد عليه في الأمور الصعبة، كريم وصاحب «مذهب ومواجيب» بما يعني أنه يعرف مجاملة الناس في أفراحهم ويقف معهم في أحزانهم، وليس من أصحاب المصالح، «يحشم» نفسه أي أنه يترفع عن الأمور الدنيئة، وغير ذلك من الأمور التي ترسم شخصية الفرد ليكون الرجل «سنع» والفتاة «سنعة». هذه الكلمة التي ترادف وبشكل دائم الأخلاق الحميدة، لا يمكن أن يتعلمها الشخص في دورة تراثية لا تعلمه إلا أصول الظاهر منها، كالسلام على كبار السن، وكيف «يغنم» القهوة، ومتى يجلس في المكان ومتى يتركه، وغيرها من الأمور. لكن السنع الحقيقي يأتي من التربية، ومن مخالطة «الأحشام» وهم الناس المؤدبين في لهجتنا، السنع يأتي من والد مهتم فعلا بتربية أخلاق ابنه، وأم تعرف أهمية تعليم ابنتها كيف تتعامل مع الآخرين، ومن أهل بهم غيرة على أخلاق ابنائهم، يودون أن يكونوا دائما في أفضل وضع بين الناس، هكذا فقط يتعلم الصغار السنع ليصبح مهيمنا على اخلاقهم وتصرفاتهم طوال العمر، وهكذا نحتفظ بمفهومه في مجتمعنا دوما وأبدا. فتحية البلوشي fmohamed@admedia.ae