وجه رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) في السودان محمد عثمان الميرغني انتقادات غير مسبوقة إلى دول وجهات خارجية لم يسمها بالتدخل في قضايا السودان والتخطيط لفصل الجنوب وإقامة حكم ذاتي في دارفور مجددا دعوته لوحدة السودان أرضا وشعبا. وقال الميرغني: “إذا انفصل الجنوب لن يكون هناك استقرار وأن السلام لا يعني بعثرة تراب الوطن”. وقال الميرغني إن تلك الجهات قبلت نتائج الانتخابات رغم علمها بتزويرها مقابل فصل الجنوب. وأضاف لدى وصوله مطار الخرطوم عقب عودته من زيارة لجمهورية مصر والمملكة العربية السعودية: “نحن نقول الانتخابات مزيفة لكنه شأن سوداني يخص السودانيين وحدهم”. وتحاشي الميرغني نفي أو تأكيد مشاركة حزبه في تشكيل الحكومة الجديدة وشدد على أن قضية الوحدة أهم بكثير من دخول التشكيلة الوزارية الجديدة. ومن جانبه رحب حزب المؤتمر الوطني بمشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) في تشكيلة الحكومة القادمة. وقال القيادي بالحزب الحاكم إبراهيم غندور إن العلاقات الثنائية بين الحزبين قوية وممتدة مشيرا إلى أن التعاون بينهما سيكون في أفضل حالاته في المرحلة المقبلة مؤكدا ترحيب حزبه بمشاركة الاتحاديين في الحكومة القادمة. إلى ذلك، أبدى رئيس حكومة الجنوب سيلفاكير ميارديت قلقه من خطط تقود جهات لتأجيل الاستفتاء على مصير الجنوب عن موعده المقرر مطلع العام المقبل وابلغ كير المبعوث الأميركي الخاص للسودان سكوت جريشن رفضه القاطع للتأجيل، ودعاه للإسهام في إزاحة العراقيل أمام إجراء الاستفتاء والمتمثلة في ترسيم الحدود وتشكيل المفوضيات لاستفتاء الجنوب وابيي وإجراء المشورة الشعبية لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وبدورها دعت واشنطن إلى العمل بسرعة لحل المشكلات العالقة قبل الاستفتاء. وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي “نعتقد حقا أنه لا ينبغي إضاعة الوقت، هذه هي رسالة جريشن في المنطقة هذا الاسبوع”. وقال كراولي إن “الطريق صعب إلى استفتاء يناير”، وفي حال “اختار الجنوب في ذلك الوقت الانفصال، لن يكون أمامنا سوى ستة اشهر قبل ظهور بلد جديد”. وأضاف “هناك مسائل كثيرة معقدة ومهمة ينبغي حلها”، متحدثا عن ترسيم الحدود وتقاسم الثروة النفطية. واعتبر كراولي أن انتصار مؤيدي الاستقلال “مرجح” خلال الاستفتاء. وسينجم عن الانفصال تشكيل بلد جديد يعيش فيه نحو تسعة ملايين نسمة وتوازي مساحته مساحة فرنسا. من ناحية أخرى توقع خبراء ومحللون سياسيون تأجيل موعد الاستفتاء لأسباب فنية وظروف المناخ في وقت الاستفتاء الذي يتزامن مع سقوط الأمطار في الجنوب مما يؤدي إلى صعوبة تنقل المواطنين للمشاركة في الاستفتاء نسبة لوعورة الطرق والوحل وقتئذ. واستبعد المحلل السياسي الدكتور صفوت فانوس أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم قيام الاستفتاء في موعده المحدد في يناير2011 وعزا ذلك لتأخر تكوين مفوضيتي أبيي وجنوب النيل الأبيض بالإضافة إلى أن الموعد الحالي يتزامن مع فصل سقوط الأمطار في الجنوب مما يعني صعوبة الحركة والتنقل بسبب الطرق الوعرة وقت الخريف.وتوقع فانوس استمرار التجاذب والمناكفة بين شريكي نيفاشا الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الوطني في تفاصيل تتعلق بالاستفتاء وترسيم الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب لكنه استدرك قائلا إن الشريكين اثبتا قدرتهما على تجاوز الخلافات مما يبث الأمل بسلاسة الاستفتاء. وحذر اللواء فاروق علي محمد من مخاطر انفصال الجنوب ودعا إلي تكوين لجنة خاصة لترويج الوحدة تضم كفاءات من أهل الثقة من الجنوب والشمال، مشيرا إلى أن الاستفتاء يعد أخطر مرحلة في تاريخ البلاد على الإطلاق. من جانبه رأى بروفسور حسين سليمان ابوصالح أن الانفصال سيكون له تبعات سلبية على القارة بأكملها وإذا اختاره الجنوبيون ولم يتم بسلاسة سيفرز حربا شاملة تتدخل فيها أطراف خارجية لها مصالح في السودان. «الأزمات» تطالب جيران السودان بالتنسيق لتجنب الحرب الخرطوم (ا ف ب) - اعتبرت منظمة (انترناشونال كرايزس جروب) في تقرير أصدرته أمس، أن على البلدان المجاورة للسودان تكثيف جهودها للاعتراف بنتيجة الاستفتاء في جنوب السودان لتتجنب بذلك اندلاع حرب أهلية في أكبر بلد أفريقي. وسيجري جنوب السودان في يناير 2011 استفتاء على الاستقلال يشكل أحد العناصر الأساسية لاتفاق السلام الشامل الذي أنهى في 2005 حرباً أهلية استمرت 22 عاماً بين شمال السودان وجنوبه خلفت مليوني قتيل. وأضافت المنظمة أن الانتصار “المحتمل” للخيار الانفصالي سيؤثر على البلدان التسعة المجاورة للسودان، ومنها مصر الحليف الاستراتيجي للخرطوم، وأوغندا وكينيا وإثيوبيا المتاخمة لجنوب السودان. وأوضحت المجموعة في تقريرها عن البعد الإقليمي للاستفتاء أن “على البلدان المجاورة لجنوب السودان والاتحاد الإفريقي وإيجاد (السلطة الحكومية للتنمية المؤلفة من ستة بلدان في شرق إفريقيا) تنسيق جهودها لدعم العملية (الاستفتائية)، والاعتراف بنتائجها والسعي إلى تطبيقها”. وأشارت إلى أن “استقرار أكبر بلد في إفريقيا رهن في المقام الأول بالحزبين الأساسيين (حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير وسيلفا كير زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان) والأقطاب الإقليميين أيضاً”. وحذر ارنست يان هوغندورن رئيس انترناشونال كرايزس غروب للقرن الإفريقي من أن “عودة الحرب إلى السودان ستؤثر على المنطقة بالتأكيد”.